عنوان الفتوى : الربا لا يجوز إلا لمضطر اضطرارا حقيقيا

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

قضيتي هي كالآتي: هنا في الجزائر عدة صيغ للسكن منها صيغة السكن التساهمي التي بموجبها يتم دفع ملف الطلب إلى المجلس المحلي الذي بيده الموافقة أو الرفض، ثم بعد ذلك، وفي حال الموافقة على الطلب، يحول إلى مصالح السكن التابعة للدولة. هذه الأخيرة مكلفة بدراسة الملف تقنيا. وبعد القبول النهائي يرسل إلى الطالب استدعاء لتسديد الشطر الأول من المبلغ المفروض، وإذا لم يسدد هذا المبلغ في الآجال المحددة يسقط اسم المعني من القائمة ويتم تعويضه. أيها السادة هذه مقدمة لا بد منها لوضعكم في الصورة لمعرفة على الأقل ما مدى الضرورة هنا وبما أنني اجتزت كل المراحل، طلب مني دفع مبلغ 200000 دج من أصل 650000 دج الواجب علي دفعها، علما بأن مفتاح السكن لا يعطى إلا إذا دفع المبلغ بأكمله. مع العلم بأنني موظف في شركة عمومية وأتقاضى حوالي 23000 دج شهريا وليس لي سكن بل أنا الآن مستأجر لسكن بمبلغ 3500 دج. هل يجوز لي اللجوء إلى البنوك الربوية للاقتراض وتسديد المبلغ، خاصة وأنني طرقت كل الأبواب فلم أجد ملاذا. وإن كان هناك صيغة أخرى فأعلموني وجزاكم الله عنا كل الخير "

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالربا محرم بل هو من أكبر المحرمات، وقد توعد الله فاعليه بأسوأ العواقب في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة:275} . وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ  [البقرة:278، 279].

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه. رواه مسلم. وفي مسند أحمد عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية. ورجال أحمد رجال الصحيح. وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه: الربا اثنان وسبعون حوبا أصغرها كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا أشد من ست وثلاثين زنية.

وهذه الكبيرة العظيمة لا تجوز إلا لمضطر اضطرارا حقيقيا عملا بقاعدة: الضرورات تبيح المحظورات، ومستند هذه القاعدة هو قوله تعالى:  وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}. وما في معناها من الآيات والأحاديث، وليس في توصلك إلى سكن ضرورة تلجئك إلى مثل هذا العمل الخطير، طالما أنك تستطيع السكن عن طريق الإيجار.

والله أعلم.