أرشيف المقالات

مع القرآن - مَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ؟

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
مثال شائع لمن يستخدم قوة ملاحظته و سرعة بديهته في الاتجاه الخاطيء
 فبدلاً من أن يخدم الدين و يتعاون مع المرسلين و يحمل أعباء الرسالة سارع ليهدم العقائد و يدعي لنفسه الإلهام غير المسبوق و الإبداع الذي فاق كل مخلوق .
 فما كان من الرباني الصالح الرسول الكريم القوي الأمين إلا أن وضعه في موضعه الحقيقي الذي لا يتجاوز حجمه الطبيعي ثم أعلمه بما بدر منه و بما سيعاقب به جراء فساد قلبه :
 { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي * قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} {طه 95 - 97 } .
قال السعدي في تفسيره :
 أي: ما شأنك يا سامري، حيث فعلت ما فعلت؟، فقال:  { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ}  وهو جبريل عليه السلام على فرس رآه وقت خروجهم من البحر، وغرق فرعون وجنوده على ما قاله المفسرون، فقبضت قبضة من أثر حافر فرسه، فنبذتها على العجل، {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} أن أقبضها، ثم أنبذها، فكان ما كان، فقال له موسى: { فَاذْهَبْ }  أي: تباعد عني واستأخر مني   {فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ } أي: تعاقب في الحياة عقوبة، لا يدنو منك أحد، ولا يمسك أحد، حتى إن من أراد القرب منك، قلت له: لا تمسني، ولا تقرب مني، عقوبة على ذلك، حيث مس ما لم يمسه غيره، وأجرى ما لم يجره أحد، { وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ }  فتجازى بعملك، من خير وشر، { وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا }  أي: العجل   {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا } ففعل موسى ذلك، فلو كان إلها، لامتنع ممن يريده بأذى ويسعى له بالإتلاف، وكان قد أشرب العجل في قلوب بني إسرائيل، فأراد موسى عليه السلام إتلافه وهم ينظرون، على وجه لا تمكن إعادته بالإحراق والسحق وذريه في اليم ونسفه، ليزول ما في قلوبهم من حبه، كما زال شخصه، ولأن في إبقائه محنة، لأن في النفوس أقوى داع إلى الباطل.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن


شارك الخبر

المرئيات-١