22 ربيع الأخر 1422هـ Â Â Â Â 28 ربيع الأخر 1422هـ 3 يوليو 2001 م Â Â 19 يوليو 2001م
مدة
قراءة المادة :
40 دقائق
.
أحداث إسلامية وعربية:
*** 22 ربيع ثان 638هـ وفاة محيي الدين بن عربي:
استطاع أعداء الإسلام العبث في تاريخ أمتنا مستغلين جهل العامة به وانصراف الخاصة عنه لغيره من العلوم ، واستطاع هؤلاء العدا أن يهيلوا التراب على شخصيات عظيمة وفذة كان لها أثار عظيمة في أمة الإسلام ، حتى لا نعرف عنهم شيئًا ، وإذا عرفنا تكون معرفة شوهاء عوراء ، تُبغض أضعاف ما تحبب، واستطاعوا أيضًا صنع هالات كاذبة وباطلة عن شخصيات مجهولة ومنحرفة لتعظم في عيون المسلمين ليتأثروا بها ويعملوا بأقوالها من حيث لا يعلمون، وصاحبنا الذي ليس لنا بصاحب من هذا النوع الأخير. هو شيخ الصوفية الأكبر وكبريهم الأحمر محيي الدين بن عربي واسمه "محمد بن علي بن محمد بن عربي" من قبيلة طي الأندلسي طاف البلاد ثم أقام بمكة مدة وصنف فيها كتابه المشهور "الفتوحات المكية" الذي حوى كثيرًا من الباطل والكفر ووحدة الوجود، وذلك في حوالي عشرين مجلدًا ثم ثنى بكتابه الآخر فصوص الحكمة، وفيه أشياء كثيرة ظاهرها وباطنها أيضًا كفر صريح ، وإلحاد وزندقة ومجاهرة بعقيدة وحدة الوجود، ولقد أقام ابن عربي بالشام فترة طويلة قبل وفاته وكان بنو الزكي قضاة دمشق لهم عليه اشتمال وبه احتفال ، ولجميع ما يقوله احتمال ، وقد كان يقول عن نفسه أنه يعلم اسم الله الأعظم وأنه يعرف الكيمياء بالوحي لا بالتعلم.
يعتبر ابن عربي هو طاغوت الصوفية الأكبر الذي أحيى لهم عقيدة وحدة الوجود مرة أخرى ، بعدما قد اندرست بقتل رائدها وأول من اخترعها وهو "الحلاج" عندما قتل ردة على يد العلماء والفقهاء سنة 309هـ، فأعاد ابن عربي اكتشافها وزاد فيها وروجها بعد أن أحدث نقلة جدية في الصوفية وكذلك أحدث تطويرا شاملا لعقيدة وحدة الوجود.
وإن الطاغوت الأكبر ابن عربي قد اخترع للصوفية ربًا عجيبًا يجمع بين النقيضين في ذاته وبين الضدين الحقيقيين في صفاته ، فهو الوجود الحق ، وهو العدم الصرف هو الخلاق والمخلوق ، وصفاته في صفات كل موجود وكل معدوم هو الحق الكريم والباطل اللئيم ، هو المؤمن وهو الكافر ، هو الموحد وهو المشرك ، هو الملاك وهو الشيطان ، وتلك هي ذاتيات رب ابن عربي المخترع ، وعقيدة وحدة الوجود الجديدة ، على يد ابن عربي ، لذلك فلقد التزم ابن عربي من أجل ذلك التزامات كفرية فجة ، منها أن اليهود عبَّاد العجل ناجون ، وأن فرعون ناج وليس في النار بل إنه يفضل فرعون على موسى عليه السلام، وأن عبدة الأصنام ناجون ومؤمنون كاملو الإيمان، ويعيب على النصارى أنهم قصروا الإله في ثلاثة فقط في حين أنه في كل شيء بزعمه الباطل قال ابن عربي في فصوصه: "سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها وإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء".
وقد تمادى ابن عربي في كفره وغيه ، حتى أنه عبد الأنثى لأن الرب قد تجلى فيها تعالى الله علوًا كبيرًا عما يقول ويدعي، وقال أن أسمى التجليات الإلهية وتكون في أفضل صورة في الأنثى ، لذلك فقد قال الطاغوت ابن عربي : أن علة حب النبي صلى الله عليه وسلم للنساء ، كانت لكمال شهود الحق فيهن إذ لا يشاهد الحق مجردًا عن المواد أبدًا ، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله وأعظم الوصلة النكاح" والسر وراء هذا الكفر والإلحاد وعبادة الأنثى عند الطاغوت ابن عربي يرجع لقصة عنده حيث إنه أحب امرأة ذات مرة وهي ابنة الشيخ مكين الدين، وأين؟ في مكة! فراودها هذا الشيطان عن نفسها وراح يتوسل إليها أن تتجرد له وأن تبيح قدس عرضها لخطيئة فأبت العذراء ذلك فنظم فيها ديوانه المشهور "ترجمان الأشواق" لعلها تنحدر معه في الهاوية والحرام لكن أبت أيضًا ، فطاش عقله وركبه اليأس ، فحاول خداعها بتفسير دين الصوفية الجديد ، حيث أخذ يؤكد لها أنها هي الرب متجسدًا في صورة أنثى جميلة، وأنه ما أحبها إلا لأنها أجمل تجليات الحقيقة الإلهية فأبت المرأة إلا أن تكون أنثى شريفة لا ربًا صوفيًا يحتسي الآثام.
ومن يومها مضى ابن عربي وراء الأسطورة ينظرها ويفرعها ويزيد فيها حتى أصبحت دينًا كاملاً يعتنقه كثير من الصوفية حتى يومنا هذا.
ولقد سار وراء ابن عربي في ديانة الصوفية المخترعة ووحدة الوجود كثير من الصوفية منهم الجيلي ت 830، وابن عامر البصري 700هـ والصدر القونوي ت 673هـ والنابلسي ت 1143هـ والدمرداش ت 929هـ ، وخس رضوان الحلوتي ت 1310هـ وهكذا.
ولقد عاصر ابن عربي الحملات الصليبية على الشام ، وجهاد نور الدين محمود ، وصلاح الدين الأيوبي لهما ، ومع ذلك لم يشترك لا مرة في الجهاد لا بسنانه ، ولا بلسانه ذلك لأن الصليبيين عنده غير مخطئين وهو عين الوجود كغيرهم، وإنما تفرغ لنشر عقيدة الكفر والإلحاد في أشعاره الطافحة بها وبوحدة الأديان وهاكم طائفة من أشعاره : عقد الخـلائق في الإله عقــــائدًا وأنا اعتقدت جمـيع ما عقدوه لقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى لعزلان ودير لرهبان وبيت لأوثـان وكعبة طـائف وألواح تــــوراة ومصحف قرآن فلم يبق إلا صادق الوعد وحده وما لوعيـــد الحق عين تعاين وإن دخلـوا دار الشقــاء فإنهم على لــــذة فيـها نعيـــــم مبايـن *** 22 ربيع آخر 1216 هـ رحيل الحملة الفرنسية عن مصر : لما وصلت الدولة العثمانية لمرحلة الضعف أصبحت نهباً لكل طامع وراغب في الانفصال ، وكثرت الثورات الداخلية والحركات الانفصالية في جسد الدولة وكانت بعض هذه الحركات ذات أثر بالغ السوء في إظهار عورات الدولة وضعفها الشديد، من هذه الحركات "حركة علي بك الكبير" وكان من المماليك الذين حكموا مصر نيابة عن العثمانيين ، فلما ضعف العثمانيون حاول "علي بك الكبير" الاستقلال بمصر ووجد هذا الوالي دعماً من الروس ، واستغرقت هذه الحركة الانفصالية حوالي خمس سنوات للقضاء عليها ولكنها أظهرت ضعف الدولة العثمانية وأبدت عوراتها الداخلية أكثر مما سبقها من حركات تمرد ، وأطمعت الدول الأجنبية في الديار المصرية، خاصة إنجلترا وفرنسا المتنافستين على مناطق النفوذ ، هذا التنافس دفع فرنسا في التفكير في احتلال مصر لتقطع طريق الهند عن إنجلترا ، وبالتالي تجبر فرنسا إنجلترا على الرضوخ لمطالب فرنسا وإعادة بعض ما فقدته فرنسا في حروبها مع إنجلترا , وأيضاً الذي دفع فرنسا في غزو مصر واحتلالها رغبة حكومة الثورة في فرنسا في تحقيق بعض المكاسب الدعائية لها داخل البلاد بعد الأحداث الدامية التي مرت بها البلاد بسبب الثورة والمجازر التي ارتكبت باسم الحرية والثورة ، كما رغبت هذه الحكومة أيضاً في إبعاد نابليون بونابرت عن ساحة الأحداث في فرنسا بعد أن لمع نجمه بالانتصارات التي حققها على إيطاليا وغيرها لكل هذه الأسباب كانت الحملة الفرنسية على مصر .
انطلقت الحملة الفرنسية من طولون في شهر ذي القعدة سنة 1212 هـ وتتألف من أربعين ألف جندي ، واستطاعت احتلال مصر دون مقاومة قوية من المماليك ، ودخل الفرنسيون القاهرة ، وهرب الوالي العثماني من البلاد ، وعندما دخل نابليون عمل على خداع المصريين فوزع منشوراً باللغة العربية على السكان، كله نفاق وتزلف ، قال فيه إنه جاء بأمر الخليفة ا لعثماني لإنقاذ المصريين من ظلم المماليك وأنه مسلم يحترم القرآن الكريم . اتخذ نابليون في بداية أمره سياسة التقرب من السكان في محاولة لكسب ودهم، فشارك في الاحتفالات الدينية ، وادعى أنه سيعمل على نشر الإسلام بين الفرنسيين ، ثم أنشأ ديواناً لمساعدة الحاكم العسكري ، وأشرك فيه العلماء كل ذلك طمعاً في كسبهم لتنفيذ مخططاته ولكنهم أدركوا نواياه فبدأوا في معارضته ، فأدار لهم ظهر المجن فجاهر بالمعاصي وفتح حانات الخمر وقطع رواتب الأوقاف وصادر المنازل والدور؛ فالفرنسيون يريدون زيادة الضرائب قدر استطاعتهم لأن الأسطول الإنجليزي دمر الأسطول الفرنسي في أبي قير ، وصارت الحملة الفرنسية محاصرة في مصر لا يمكنهم الاتصال ببلدهم .
لما زادت اعتداءات الفرنسيين على السكان من أجل جمع المال اللازم لتمويل الحملة ، قامت ثورة القاهرة الأولى سنة 1213 هـ منطلقة من الأزهر ثم عمت سائر البلاد ، وقمعها بونابرت بقوة شديدة ، ثم ألغى الديوان الذي أنشأه من العلماء وألف ديوانـًا ضم النصارى والجاليات النصرانية المقيمة بمصر.
بعد إغراق الأسطول الفرنسي في أبي قير تشجع العثمانيون وقرروا الاتفاق مع الإنجليز والمماليك للهجوم على الفرنسين ، ثم انضمت روسيا إلى هذا الاتفاق ضد فرنسا, رأى نابليون أن من الأفضل أن يلتقي مع الحملة العثمانية البرية خارج حدود مصر كي لا ينضم الشعب المصري للحملة العثمانية ، وأيضاً ليكسب أراضي في الشام تزود موارده للقيام بتكاليف الحملة فتوجه نابليون للشام وهو يراوده أيضاً حلم احتلال بيت المقدس ، وفي طريقه احتل العريش وغزة ثم يافا وقتل حامية يافا وتعدادهم 4000 رجل ، بعد أن استسلموا ثم اتجه شمالاً حتى وصل إلى عكا ، فحاصرها ولكن استبسال حاميتها بقيادة أحمد باشا الجزار حالت دون تقدم الفرنسيين , وحاول والي دمشق الاصطدام مع الفرنسيين ولكن نابليون انتصر عليه وأرغمه على الرجوع لدمشق , وتوقع نابليون أن ينضم إليه "بشير الشهابي" حاكم جبل لبنان لأنه يخالف العثمانيين في العقيدة حيث كان درزياً ، ولكن بشيراً خيب ظنه ولم ينضم إليه وأمام المقاومة الباسلة من عكا عاد نابليون يجر أذيال الخيبة وراءه لمصر .
وصلت الأخبار لنابليون بوجود اضطرابات في فرنسا وأن حكومة الثورة في خطر ، فتحركت أطماعه القديمة حيث إنه كان يحلم بحكم فرنسا ، ورأى أن الحملة لم تعد لها من جدوى وأن وجوده في مصر ليس بذي فائدة ، وعاد إلى فرنسا وسلم قيادة الحملة لكليبر ولم يكن بخبرة نابليون ، ووجد أنه لا فائدة من بقاء الحملة لذلك بدأ في مفاوضة العثمانيين على مغادرة مصر وأجرى اتفاقاً في مدينة العريش يقضي بأن يخرج الفرنسيون على متن سفن إنجليزية ، ولكن إنجلترا اشترطت أن يكون الفرنسيون أسرى حرب فرفض كليبر الاتفاق وتجدد القتال واستطاع كليبر أن ينتصر على العثمانيين ويطردهم خارج الحدود المصرية ، وانتهز السكان فرصة خروج كليبر لقتال العثمانيين وقاموا بثورة القاهرة الثانية وتزعمها عمر مكرم ولكن كليبر قمع الثورة بشدة وعنف وفرض عليهم ضريبة باهظة , ثم بدأ كليبر في تنظيم الأمور في مصر ليبقى فيها فترة وبينما هو كذلك إذ طعنه سليمان الحلبي رحمه الله طعنة قاتلة وتسلم القيادة بعده "مينو" وكان موقفه بخلاف باقي الفرنسيين حيث كان يرغب في البقاء في مصر لأنه أسلم وتزوج مصرية وطاب له المقام في مصر.
أجمع الحلفاء "العثمانيون والإنجليز" على مهاجمة الفرنسيين عن طريق الإسكندرية والقاهرة مما جعل "مينو" في وضع صعب واضطر لقبول طلب الصلح خاصة أن نائبه في القاهرة استسلم للعثمانيين فأجبره "مينو" على توقيع المعاهدة بنفس الشروط القديمة وخرجت الحملة الفرنسية الصليبية تجر أذيال الخيبة والعار في 23 ربيع آخر سنة 1216هـ. ***23 ربيع الثاني 421هـ وفاة المجاهد محمود بن سبكتكين : من أخبار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي أخبر بها الصحابة ، وكانت بمثابة تسري لهم وللمسلمين من بعدهم ، أن هذا الدين سوف يسود ويحكم ويدخل كل بيت من وبر ومدر ، بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزًا يعز به الإسلام وأهله ، وذلاً يذل به الكفر وأهله، وهكذا مضت بشرى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففتحت البلاد ، ودان العباد بالإسلام ، ودخل الإسلام حتى أقصى حجر في مشارق الأرض ومغاربها ، ودائمًا يكون دخول الإسلام في منطقة أو بلد أو قارة يكون مرتبطا باسم قائد أو ملك أو خليفة أو بطل من أبطال الإسلام الذين حملوا على أكتافهم تحقيق بشرى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من هؤلاء البطل العظيم والملك الكبير محمود بن سبكتكين رحمه الله.
هو الملك الكبير المجاهد المغازي الثاغر المرابط يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين ، صاحب بلاد غزنة ، ومالك تلك الممالك الكبار وفاتح أكثر بلاد الهند وكاسر أصنامهم وندودهم وأوثانهم وهنودهم، قام بالملك بعد أبيه سبكتكين الذي ورث دولة السامانية بعد موت آخر ملوكهم، وقد صادف محمود في بداية تملكه اضطرابات داخلية كثيرة في خراسان وما حولها دفعته لخوض حروب كثيرة من أجل تثبيت دعائم ملكه حتى يتفرغ لمهمته الكبرى ألا وهي الجهاد في سبيل الله.
بعد أن ثبت محمود أمر دولته يمم وجهه إلى بلاد الهند لفتحها ،فبدأ بحرب ملكهم الأكبر المسمى "جيبال" فهزمه في معركة برشور والتي مثلت أول دخول للإسلام في الهند ، ثم واصل بعدها رحلته لفتح بلاد الهنود. ولكن أكبر فتوحاته على الإطلاق كان فتح "سومنات" وهو صنم الهند الأكبر، ويحج له الهنود من كل فج عميق ، وله وقف عشرة آلاف قرية ، وله ألف رجل يخدمونه ، يقع على مسافة كبيرة ، وبينه وبين بلاد محمود مفاوز كثيرة ، فاستخار محمود الله وقرر غزو بلد هذا الصنم ، فقطع كل هذه المفاوز والأهوال ، حتى وصل لبلد هذا الصنم وفتحه وغنم منه غنيمة عظيمة هائلة، ومن مواقفه الرائعة أثناء هذه الغزوة ، أنه لما فتح هذا البلد همّ بكسر صنمهم الأعظم فعرض عليه الهنود بذل أموال كثيرة جزيلة ليترك لهم هذا الصنم وأشار عليه بعض الأمراء بقبول المال وترك الصنم فاستخار الله عز وجل فلما أصبح قال "إني فكرت في الأمر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيام أني محمود الذي كسر الصنم! أحب إلي من أن يقال الذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا ثم عزم فكسره رحمه الله فوجد فيه من الجواهر والذهب أضعاف أضعاف ما عرضه الهنود كفدية له، ويكفي محمود فخرًا أن جنوده قد فتحوا مدينة "نرسي"الهندية التي هي أكبر مدينة في العالم في وقتها، ولم يطأها من قبل قدم مسلم، وقد قهر محمود ملوك الكفر في بلاد ما وراء النهر خاصة الهندي "جيبال" الذي انتحر بعد هزيمته من محمود والتركي "إيلك الخان"، ومن مواقفه المشهورة أيضًا أنه دخل أرض العدو سنة 402هـ فجازوا بمفازة ، فأعوزهم الماء حتى كادوا يهلكون عطشًا ، فبعث الله لهم سحابة أمطرت عليهم الماء حتى شربوا وسقوا ، ثم دخلوا مع عدوهم في معركة رهيبة وكان مع عدوهم ستمائة فيل فنصرهم الله عز وجل عليهم.
وعلى الرغم من أن محمود بن سبكتكين قد ملك بلادًا كثيرة ، واتسعت دولته جدًا حتى أقصى بلاد الهند ، إلا أنه كان يدين بالولاء للخليفة العباسي القادر بالله ، ولم ير الخروج عليه أبدًا ، وكان يخطب له على منابر بلاده أولاً ، ثم اسمه ثانيًا ، ولقد حاول الفاطميون استمالته بتلك الهدايا للخليفة العباسي حتى تحرق في دار الخلافة، وكان يمتثل لأوامر الخليفة ويعمل بها دائمًا ، لم يعترض يومًا على الخليفة العباسي على الرغم من قوته وضعف الخليفة .
من أهم أعمال محمود بن سبكتكين أيضًا أنه نظف بلاده وطهرها من كل الفرق الباطنية المخالفة للإسلام وقتل منهم أعدادا هائلة وكذلك قتل من المعتزلة والروافض الكثير وحبسهم ونفاهم وأمر بلعنهم وصار فعله هذا سنة في باقي بلاد الإسلام، ولما استفحل أمر الباطنية في أهل الريَّ أوقع بهم بأسًا شديدًا، وقتل رئيسهم وهو رستم بن علي الديلمي وكان في حيازته خمسون امرأة حرة وكان مباحًا ذلك عنده فقتله محمود لتلك الإباحية والمنكرات، ولما أرسل الفاطميون كبير دعاتهم إلى بلاده أخذه محمود فقتله شر قتلة ثم أخذ بغلته التي كان يركبها وأعطاها لشيخ الأحناف في بلاده أبي محمد الناصحي وقال له "هي لك لتركبها بعد أن ركبها رأس الملحدين فليركبها رأس الموحدين".
أما عن أخلاق محمود فقد كان رغم ملكه الفسيح في غاية الديانة والصيانة وكراهية المعاصي وأهلها ، لا يجسر أحد على إظهار معصيته في بلاده ولا خمرًا ولا شيئًا من الملاهي والمعازف ، وكان يحب العلماء والصالحين والمحدثين وأهل الخير والدين والصلاح وكان حنفيًا ثم صار شافعيًا على يد الإمام القفال الصغير.
وكان على مذهب الكرامية وإن كان في مناظرته لابن فورك ما يدل على أنه على عقيدة السلف في باب الأسماء والصفات وهذا هو الصحيح إن شاء الله، وكان شديدًا على أهل المعاصي ولو كان من أهل بيته لقد اشتكى له بعض رعيته أن ابن اخته يعتدي على زوجته فنذر محمود ألا يأكل ولا يشرب حتى يأخذ حق هذا الرجل ـ ولما ضبطه محمود متلبسًا بجنايته قام بذبحه بيده ثم شرب قدحًا من الماء لأنه كان صائمًا منذ أن عرف حتى قتله بيده.
ولقد توجت حياة محمود بن سبكتكين بأن أصيب بداء البطن فمكث عامين مريضًا لا يضطجع على فراش لشدة مرضه وهو مع ذلك يحضر مجلس الملك ويفصل على عادته بين الناس حتى مات مبطونًا ولعلها تكون شهادة لهذا الملك العظيم الذي فتح بلاد الهند وارتبط دخول الإسلام فيها باسم بطلنا العظيم محمود بن سبكتكين. ***23 من ربيع الآخر 1326هـ : وفاة "أحمد القادياني"، مؤسس الفرقة القاديانية: القاديانية حركة نشأت سنة 1900م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية بهدف إبعـاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام ، وتنسب هذه الفرقة إلى مبتدعها ميرزا غلام أحمد قادياني المولـود سنة 1839م في " قاديان " من ولاية بنجاب في الهند الشمالية الغربية .
بدأ غلام أحمد نشاطه كداعية إسلامي حتى يلتف حوله الأنصار ، ثم ادعى أنه مجدد وملهم من الله ، ثم تدرج خطوة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود ، ثم ادعى النبوة وزعم أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
اجتمع قواد الاستعمار البريطاني وزعماؤه لوضع خـطة لهدم أركـان العقيدة والشريعة الإسلامية ، ولتمزيق وحدة المسلمين وتوهين قوتهم ، وكان من مظاهر هذه الخطة إنشاء فرق باطلة في صفوف المسلمين ، تدعمها الحكومات البريطانية ، وتمدها بكل الإمكانات وتحميها من غضبة المسلمين، على أن تحمل هذه الفرق في الظاهر اسم الإسلام وتعمل في الحقيقة على هدم أصوله وقواعده ، وتقطيع أوصاله ! فأرسلت بريطانيا من أجل هذه الغاية بعثـات خاصة إلى البلاد الإسـلامية المستعمرة من قبلها للبحث عن الظـروف الملائمة والتفتيش عن المنحرفين الطامعين ممن لديهم استعداد للقيام بهذه المهمة الخبيثة . فعثرت بالهند على رجـل منحرف نفسياً وفكرياً ، وطامع بالمال وطامح إلى زعامة دينية مزورة ، وهو من أسرة عميلة للاستعمـار الإنجليزي فاشترته وأطمعته ووجهته للقيام بزعامـة فرقة باسم الإسلام تشق عصا المسلمين وتهدم أركان الإسلام ومبادئه .
فقام هذا الرجل بمهمته الخائنة لدينه وأمته وبلاده ، وهذا الرجل هو ميرزا غلام أحمد المولود سنة 1839م في " قاديان " إحدى قرى البنجاب .
وظل غلام أحمد يدعو إلى ضلالاته وانحرافاته التي منها أنه نبي ورسول يوحى إليه ، مع أنه كان معروفاً عند أنصاره باختلال المزاج وكثرة الأمراض وإدمان المخدرات .
وظل هذا الخبيث يخدم الإنجليز خدمة العبد المطيع ، ويتلقى منهم المكافـآت على ما يقـدمه إليهم مـــن خدمات ، كما وجد كل من يناصره دعماً من قبل الحكومة الإنجليزية في مختلف المجـالات ، فكانت لهــم امتيازات كثيرة في وظائف الدولة وفي ميادين التجارة والصناعة والزراعة ، واستفحل أمرهم مما دعا علماء الهند إلى التصدي له ولدعوته الخبيثة ، وممن تصدى له الشيخ " أبو الوفا ثناء الله " أمير جماعة أهل الحديث في عموم الهند حيث ناظره وأفحمه وكشف خبث طويته وكفره وانحرافه ، ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده باهله الشيخ أبو الوفا على أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق ، ولم تمر سوى أيام قـلائل حتى هلك الميرزا غلام أحمد القادياني في عام 1908م مخلفاً أكثر من خمسين كتاباً ونشرة ومقالاً ضمنها الحث الصريح على طاعة الدولة البريطانية الحاكمة وعدم الخروج عليها .
ومما أفتى به " أنه لا يجوز لمسلم أن يرفع السلاح في وجه الإنجليز لأن الجهاد قد رفع ، ولأن الإنجليز هم خلفاء الله في الأرض !! فلا يجوز الخروج عليهم".
ومما جاء في رسائله " لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصـرتها ، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر - الإنجليـز - من الكتب والنشرات ما لو جمع بعضه إلى بعض لمـلأ خمسين خزانة ، وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربية ومصر والشام وكابل ".
ثم خلفه على هذه الطائفة المارقة نور الدين ، ووضع الإنجليز تاج الخلافة على رأسه فتبعه المريدون . *** 25 ربيع ثان 583هـ موقعة حطين : لما مات السلطان نور الدين محمود ، طمع الفرنج في المسلمين خاصة بعد ظهور المنكرات والخمور مرة أخرى بعد وفاة نور الدين ، فهجموا على مدينة دمشق وضعف أهلها عن حمايتها ، فبذلوا للفرنج مالاً جزيلاً حتى يعودوا عنهم ، وذلك الأمر أثار السلطان الناصر صلاح الدين وقرر عندها التوجه للشام لتوحيد صفها والقضاء على الفتنة الناشئة فيها بسبب الملك واختلاف الآراء ، ولكن هجوم الفرنج على الساحل المصري أخر عملية التوجه للشام فلما زال الخطر الصليبي عن مصر توجه للشام سنة 570هـ فأخذ مدينة دمشق أولاً لأهميتها فسار في أهلها سيرة حسنة كأيام نور الدين الشهيد ثم توجه بعدها لحلب فحاصرها وحاول أهلها وكان أغلبهم من الروافض الاستعانة بالفرنجة، ولكن الناصر انتصر عليهم وأخذ حلب و بعدها حماة وبعدها الموصل وكانت قد أصبحت كالحانة من كثرة الخمور والفواحش فيها ، وواصل السلطان الناصر صلاح الدين رحلته المقدسة في توحيد الصف المسلم في الشام ومواجهة الفرنج في حصونهم والبلاد التي أخذوها من المسلمين ، وظل هكذا حتى صفت له الشام 578هـ وقرر توجيه كل همه لقتال الصليبيين وتحرير المقدسات والأراضي المحتلة.
حاول الصليبيون قطع الطريق على الحجاج برًا وبحرًا وأغراهم شيطانهم بمحاولة التمهيد لاحتلال المدينة النبوية نفسها وكان صاحب هذه الفكرة هو الأمير "أرياط" الصليبي صاحب مدينة الكرك ولكن الناصر يأمر القائد حسام الدين لؤلؤ بإعداد الأسطول المسلم لصد محاولات الصليبيين لذلك وينجح حسام في مهمته ولكن "أرياط" الصليبي الكافر يأخذ قافلة من حجيج أهل مصر وينهب أموالهم ويقتلهم جميعًا وهو يقول "أين محمدكم؟ دعوه ينصركم" فعندما علم السلطان الناصر نذر لله عز وجل أن يقتله بيده.
أطلق الناصر صلاح الدين صيحة الجهاد المقدس واستدعى الجنود المصرية والحلبية والجزيرية والشامية واستعد الجميع لحرب طويلة مع الصليبيين وكان تعداد الجيش المسلم الموحد اثني عشر ألفًا وبدأ السلطان بمدينة الكرك حيث "أرياط" الصليبي المجرم فلما سمعت الفرنج بقدومه ، اجتمعوا كلهم وتصالحوا فيما بينهم، وتصالح قومس طرابلس مع برنس الكرك المجرم ، وكان قومس طرابلس مصطلحًا مع صلاح الدين شديد العداوة على باقي الفرنج حتى يكاد يسلم ولكنه البابا هدده بالكفر والتفريق بينه وبين زوجته ، والحرمان من الجنة إذا أبقى على صلحه مع صلاح الدين ، فوافقهم القومس ودخل معهم في الحرب ضد صلاح الدين، جاء الجيش الصليبي بأكثر من ستين ألفًا من الكفار المجرمين ، جاءوا بحدهم وحديدهم واستصحبوا معهم "صليبهم المقدس المعروف بصليب الصلبوت" وقد حاول قومس طرابلس أن يثنيهم عن القتال فرفضوا قوله ، وشكوا في ولائه لهم ولكنه طمأنهم أنه معهم للنهاية.
سبق الناصر صلاح الدين الفرنج ونزل بجيشه عند طبرية وسيطر عليها ، وحطم صهاريج المياه ، ومنع الكفرة اللئام من الوصول للماء حتى نفد ما عندهم من الماء وصاروا إلى عطش شديد فعندها برز السلطان صلاح الدين بجيشه يوم الجمعة 24 ربيع الآخر وصف الجيش واستعد للصدام من غد فلما طلع نهار يوم السبت 25 ربيع الآخر طلعت الشمس في وجه الصليبيين واشتد الحر ، وكانت أرض ميدان المعركة من الحشائش الجافة ، فأمر صلاح الدين بإلقاء النيران عليها ، فاشتعلت عليهم الأرض فاجتمع على الصليبيين حر الشمس وحر العطش وحر النار وحر السلاح ، فأمر صلاح الدين سلاح الرماة برشقهم مرة واحدة فوقعت السهام عليهم كالمطر فقتل منهم الكثير من فرسانهم ثم أمر صلاح الدين بالتكبير والحملة الصادقة فحمل الجيش المسلم حملة رجل واحد فركب المسلمون أكتاف الصليبيين ، ونصر الله عز وجل جنده وصدق وعده وهزم الأحزاب وحده وقتل منهم ثلاثون ألفًا ، وأسر ثلاثون ألفًا ، وكان في جملة من أسر جميع ملوكهم سوى قومس طرابلس الذي فر في بداية المعركة لعلمه بحتمية النتيجة، وأخذ صليبهم المقدس، وكان ذلك من أعظم المصائب عليهم، ومن رأى القتلى قال لا يوجد أسرى ومن رأى الأسرى قال لا يوجد قتلى، وأعز الله عز وجل الإسلام في هذا اليوم لصدق رجاله حتى أن الجندي المسلم الواحد كان يقود بضعًا وثلاثين أسيرًا، و وجدت أمور لم يسمع بمثلها إلا في عهد الصحابة.
لما تمت هذه الوقعة جلس الناصر صلاح الدين على سريره ، وبجواره ملوك الصليبيين الأسرى ، فأمر صلاح الدين بضرب أعناق فرسان الصليب المعروفين بالداوية وكانوا من أشد الناس كفرًا وحربًا للمسلمين ، وجيء بماء مثلج فشرب الناصر صلاح الدين ، ثم أعطاه إلى ملكهم الكبير فشرب ثم أعطى الماء لأرياط أمير الكرك الكافر المجرم فغضب الناصر صلاح الدين لذلك، ثم قام بنفسه وقد نذر من قبل أن يقتل هذا الكافر بيده، ولكنه قبل أن يقتله دعاه أولاً للإسلام فامتنع فقال عندها صلاح الدين : نعم أنا أنوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانتصار لأمته ، ثم قتله بيده وأرسل باقي الأسرى وصليبهم المقدس إلى دمشق ، ليحبسوا في قلعتها فدخل بالصليب منكوسًا وكان يومًا مشهودًا وكان هذا الفتح من أعظم الفتوحات والانتصارات على الفرنجة بين يدي الفتح الأكبر لبيت المقدس وإشارة وعلامة على الفتح المبين. *** 25 ربيع الآخر : وفاة الداعية المجاهد عبد الله عزام 1410هـ : ولد العالم الشجاع والمجاهد الجسور الداعية المصلح أمير المجاهدين في أفغانستان الدكتور " عبد الله عزام " عام 1941م في بلدة " سيلة الحارثية " من أعمال مدينة جنين بفلسطين ، وتلقى علومه الابتدائية والإعدادية في مدرسة القرية ، وأكمل دراسته في خضورية الزراعية بمدينة " طولكرم " ، وقد كان ملازمـًا لتلاوة القرآن الكريم ، كما كان ملازمـًا لمسجد القرية ، تابع دراسته الجامعية في كلية الشريعة بجامعة دمشق ، ونال شهادة الليسانس في الشريعة عام 1386هـ ـ 1966م ، ثم عمل مدرسـًا في قريته ، وما لبث أن غادرها بعد احتلال اليهود لها عام 1387هـ/1967م ، ثم اشترك في بعض العلميات العسكرية ضد اليهود على أرض فلسطين ، ومنها معركة المشروع أو الحزام الأخضر ، وقد حصلت هذه المعركة في منطقة الغور الشمالي ، كما أشرف على عمليات في معركة 5 يونيو عام 1970م . وبعد انتهاء المعسكر نتيجة أحداث سبتمبر عام 1970م قرر الشيخ عبد الله عزام الانتساب إلى جامعة الأزهر بمصر ، حيث حصل على شهادة الماجستير في أصول الفقه ، ثم عُين محاضرًا في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية بعمان عام 1391هـ/1971م ، ثم أوفد إلى القاهرة لنيل شهادة الدكتوراه ، فحصل عليها في أصول الفقه بمرتبة الشرف الأولى عام 1393هـ/1973م ، فعمل مدرسـًا بالجامعة الأردنية " كلية الشريعة " من عام 1393هـ ـ 1400هـ/1973م ـ 180م ، ثم انتقل للعمل في الجامعة الإسلامية العالمية في جدة ، وبعدها عمل في الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد بباكستان ، ثم قدم استقالته منها وتفرغ للجهاد في أفغانستان . وقد كان له دور مهم في مسيرة ذلك الجهاد ، إذ كان حلقة اتصال بين المجاهدين الأفغان والمؤيدين لهم في البلدان العربية ، كما أشرف على عمليات واسعة لتقديم الخدمات والمساعدات المختلفة من تعليمية وصحية وعسكرية للمهاجرين والمجاهدين الأفغان وأولادهم ، وأسس مجلة " رسالة الجهاد " لتكون منبرًا إعلاميـًا شهريـًا لنشر أخبار الجهاد ،وكذلك نشرة " لهيب المعركة " وهي أسبوعية تتناول آخر الأحداث المستجدة على الساحة الأفغانية . وقد خاض الشيخ عبد الله عزام معارك كثيرة ضد الروس ، كان من أشدّها وأشرسها " معركة جاجي " في شهر رمضان المبارك عام 1408هـ/1987م ، وكان في معيته عدد من المجاهدين العرب الذين أبلوا البلاء الحسن وسقط منهم شهداء في سبيل الله . وقد تولى الدكتور عزام منصب أمير مكتب خدمات المجاهدين في أفغانستان ، وكان موضع الثقة والاحترام من قادة الجهاد الأفغاني ، كما كان محبوبـًا من الشباب الذين ذهبوا من مختلف الديار العربية والإسلامية للجهاد في أفغانستان . وكانت له جولات دعوية وتعريفية في البلاد العربية والإسلامية والأوروبية في الولايات المتحدة أحدثت أعظم الأثر ودفعت الأمة في سائر أقطارها للمشاركة أو الدعم والمساعدة للجهاد والمجاهدين في أفغانستان . كما أسهم الشهيد عبد الله عزام في تدوين وقائع الجهاد الأفغاني من خلال مقالاته الافتتاحية في مجلة " الجهاد " ونشرة " لهيب المعركة " كما عمل على التوفيق بين قادة المجاهدين وتوحيد صفوفهم . واستمر الدكتور عبد الله عزام في جهوده وجهاده إلى أن نال الشهادة مع ولديه محمد وإبراهيم ، حين فجر أعداء الإسلام سيارته وهو متجه إلى " مسجد الليل " لإلقاء خطبة الجمعة يوم 25/4/1410هـ الموافق 24/11/1989م ، وقد دفن الشهيد يوم استشهاده ولاحظ المشيعون ـ وهم ألوف ـ رائحة المسك التي انبعثت من دمه الزكي حتى تم دفنه ، كما لوحظ ـ وهذا من إكرام الله تعالى ـ أن جسده قد حفظ من التشويه على الرغم من أن الانفجار نتج عن عشرين كيلو جرامـًا من مادة " ت ن ت " ، وقد أحدث دوريـًا هائلاً ، وقطع تيار الكهرباء وحفر حفرة في الأرض وتناثرت أجزاء السيارة في الهواء ، وقد وجدت جثته على مقربة من الحادث. جمع الدكتور الشهيد عبد الله عزام العمل والجهاد إلى جانب القلم واللسان ، وفي هذا المجال كتب البعض عنه وعن سيرته ، فثمة كتاب " الشهيد عبد الله عزام مجاهدًا في فلسطين وأفغانستان " بقلم حسن خليل حسين ، وكتاب " الشيخ المجاهد عبد الله عزام الذي ترجم الأقوال إلى أفعال " بقلم : محمد عبد الله العامر ، وكتاب " عبد الله عزام أحداث ومواقف " بقلم : عدنان النحوي ، وكتاب " من مناقب الشهيد عبد الله عزام " بقلم : أحمد سعيد عزام . كما رثاه الشاعر أحمد محمد الصديق فقال : قضى شهيـدًا وفي جفنيــه أحـــــــــلام ومـــــلء جنبيــه أشــجـــــــان وآلام في قلبـه الجرح مذ ضاعـت مرابـعـــه وضـج بالمحنـــة النكــــــراء إســلام قضـى شهيـدًا ..
وفي أحشتــاء غربتـه تطوى علــــــى الجمـر أيام وأعــوام عرى العقيـدة في (الأفغـــان) تربـطـه وفي فلســطين بعــد الديـــــن أرحـام وكـان يرجـو مـــع الأبرار عودتــــــه يومـًا ..
ومن حــــوله جنــد وأعــلام " القدس " تبكي وما في القوم معتصـم شاكي السلاح ..
ولا للحرب " قسّام" هذا هو المجاهد الشهيد ، والعالم العامل والداعية المربي ، والمهاجر في سبيل الله عبد الله عزام حفيد المجاهدين مع القسّام والسائر على دربهم ، وتلك موافقة وأقواله وأعماله ، ولقد خلّف ثروة علمية ، إذ من الكتب النافعة طبع له قرابة العشرين كتابـًا ، نذكر بعضها وهي : - آيات الرحمن في جهاد الأفغان .
- الإسلام ومستقبل البشرية . - إلحق بالقافلة . - حكم العمل في جماعة . - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . - حماس : الجذور التاريخية والميثاق . - الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان . - السرطان الأحمر . - العقيدة وأثرها في بناء الجيل . - المنارة المفقودة . - في الجهاد وآداب وأحكام . - جريمة قتل النفس المؤمنة . - بشائر النصر . - كلمات على خط النار الأول . - دلالة الكتاب والسنة على الأحكام من حيث البيان والإجمال أو الظهور والخفاء . وهي رسالة الدكتوراه التي نوقشت في الأزهر . بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المقالات والمحاضرات والأبحاث والدروس والتي تعد بالمئات في مختلف الأماكن والأوقات . لقد قدّم الشيخ عبد الله عزام بعلمه وعمله وجهاده وتضحيته وصبره وثباته المثل لشباب الصحوة الإسلامية المعاصرة الذين يملأون الساحة بحيويتهم ونشاطهم وتشرئب أعناقهم ليوم النزال مع أعداء الله في الأرض ، وكذلك فعل من سبقوه من مشايخه وإخوانه الذين استشهدوا على أراضي فلسطين أعوام 1935م ، 1936م ، 1948م ، أو في قناة السويس سنة 1951م ، أو على جبال المشانق أو زنازين السجون سنة 1955م و 1957م و 1966م ، وهذا هو طريق الدعوة والمجاهدة والصبر والمصابرة ومناجزة الأعداء أينما كانوا وحيثما وجدوا ، والتمسك بعز الإسلام والغيرة على محارم الدين والانتصار للمستضعفين في الأرض من المسلمين. أخبار سريعة : ***22 من ربيع الآخر 1365 هـ : إعلان قيام حزب الأمة السوداني، أسسه "عبد الرحمن المهدي وكان شعاره "السودان للسودانيين". ***23 من ربيع الآخر 509هـ : انتصار الصليبيين بقيادة "دوجر دي سالرنو" على المسلمين في معركة " تل دانيث . *** 14 يوليو 1868م : وفاة الدكتورة " مورتون " مكتشف التخدير في الجراحة . *** 14 يوليو 1958م : قيام الثورة العراقية بزعامة عبد الكريم قاسم ، وإنهاء النظام الملكي وإعلام الجمهورية .