أرشيف المقالات

علامات حسن الخاتمة

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
علامات حسن الخاتمة
 
إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة -كتبها الله لنا بفضله ومَنه- فأيما امرئٍ مات بإحداها كانت بشارة له، ويا لها من بشارة!
 
الأولى: نطقهُ بالشهادة عند الموت.
وفيه أحاديث:
1- "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"؛ [أخرجه الحاكم وغيره بسند حسن عن معاذ].
 
2- عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: "رأى عمرُ طلحةَ بن عبيد الله ثقيلًا، فقال: ما لك يا أبا فلان؟ لعلك ساءتك امرأة عمك يا أبا فلان؟ قال: لا، [وأثنى على أبي بكر].
إلا أني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول: "إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونفَّس الله عنه كربته، قال: فقال عمر إني لأعلم ما هي! قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمرَ بها عمَّه عند الموت: (لا إله إلا الله) قال طلحة: صدقت، هي والله هي))؛ [أخرجه الإمام أحمد وغيره وإسناده صحيح].
 
الثانية: الموت برشح الجبين:
لحديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: "أنه كان بخراسان، فعاد أخًا له
 
وهو مريض، فوجده بالموت، وإذا هو بعرق جبينه، فقال: الله أكبر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"موت المؤمن بعرق الجبين))؛ [أخرجه النسائي وغيره وهو صحيح على شرط البخاري].
 
الثالثة: الموت ليلة الجمعة أو نهارها.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر".
 
[أخرجه أحمد (6582 - 6646) من طريقين عن عبد الله بن عمرو، والترمذي من أحد الوجهين، وله شواهد عن أنس وجابر بن عبد الله وغيرهما].
 
الرابعة: الاستشهاد في ساحة القتال.
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
[آل عمران: 169 - 171].
 
وفي ذلك أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
1- "للشهيد عند الله ست خصال: يُغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويُحلَّى حلية الإيمان، ويُزوَّج من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه"؛ [أخرجه الترمذي وصححه، وابن ماجه وأحمد وإسناده صحيح].
 
2- عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "أن رجلًا قال: يا رسول الله ما بال المؤمنين يُفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: "كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة))؛ [رواه النسائي وسنده صحيح].
 
(تنبيه): ترجى هذه الشهادة لمن سألها مخلصًا من قلبه ولو لم يتيسر له الاستشهاد في المعركة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "من سأل الله الشهادة بصدق، بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه"؛ [أخرجه مسلم].
 
الخامسة: الموت غازيًا في سبيل الله.
وفيه حديثان:
1- "ما تعدُّون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله مَن قُتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أُمتي إذا لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟
 
قال: مَن قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن[1] فهو شهيد، والغريق شهد))؛ [أخرجه مسلم وأحمد عن أبي هريرة].
 
2- "مَن فصَل (أي خرج) في سبيل الله فات أو قتل فهو شهيد، أو وقصه فرسه أو بعيره، أو لدغته هامّة، أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فإنه شهد وإن الجنة))؛ [حسن أخرجه أبو داود].
 
السادسة: الموت بالطاعون.
وفيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
1- عن حفصة بنت سيرين: قال لي أنس بن مالك: بم مات يحيى بن أبي عمرة؟ قلت: بالطاعون، فقال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطاعون شهادة لكل مسلم))؛ [أخرجه البخاري].
 
2- عن عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون؟ فأخبرها نبي الله صلى الله عليه وسلم:
((أنه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرًا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد))؛ [أخرجه البخاري].
 
3- "يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون، فيقول أصحاب الطاعون: نحن شهداء، فيقال انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دمًا ريح المسك فهم شهداء، فيجدونهم كذلك))؛ [رواه أحمد وغيره وحسنه الحافظ].
 
السابعة: الموت بداء البطن.
وفيه حديثان:
1- ((..
ومن مات في البطن فهو شهيد))؛ [رواه مسدم وغيره، وتقدم بتمامه في "الخامسة"].
 
2- عن عبد الله بن يسار قال: "كنت جالسًا وسليمان بن صرد وخالد بن عرفطة، فذكروا أن رجلًا توفي، مات ببطنه، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهداء جنازته فقال أحدهما للآخر: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن يقتله بطنه فلن يُعذب في قبره؟ ".
فقال الآخر: بلى وفي رواية: "صدقت))؛ [أخرجه النسائي وغيره وسنده صحيح].
 
الثامنة والتاسعة: الموت بالغرق والهدم:
لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله))؛ [متفق عليه].
 
العاشرة: موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها:
لحديث عبادة بن الصامت: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد عبد الله بن رواحة قال: فما تحوَّز[2] له عن فراشه، فقال: أتدري من شهداء أُمتي؟ قالوا: قتل المسلم شهادة، قال: "إن شهداء أُمتي إذًا لقليل! قتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء[3] شهادة، (يجرهما ولدهما بسرره[4] إلى الجنة) ))؛ [أخرجه أحمد وغيره وسنده صحيح].
 
الحادية عشر والثانية عشر: الموت بالحرق، وذات الجنب.
وفيه أحاديث، أشهرها عن جابر بن عتيك مرفوعًا:
"الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذى يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بُجُمع[5] شهيدة".
[رواه أحمد وغيره والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي].
 
الثالثه عشر: الموت بداء السل.
لقوله صلى الله عليه وسلم: ((القتل في سبيل الله شهادة، والنفساء شهادة، والحرق شهادة، والغرق شهادة، والسِّل شهادة، والبطن شهادة))؛ [رواه أحمد وغيره وحسنه المنذري].
 
الرابعة عشر: الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه.

وفيه أحاديث:
1- "مَن قتل دون ماله، (وفي رواية: مَن أريد ماله بغير حق فقاتل، فقُتل) فهو شهيد))؛ [متفق عليه بالرواية الأولى].
 
الخامسة عشر والسادسة عشر: الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس:
وفيه حديثان:
1- "مَن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومَن قتل دون أهله فهو شهيد، ومَن قتل دون دينه فهو شهيد، ومَن قُتِل.
دون دمه فهو شهيد".
[صحيح: رواه أبو داود وغيره].
 
2- "مَن قُتل دون مظلمته فهو شهيد))؛ [رواه أحمد وسنده صحيح].
(والمظلمة: تشمل الأنواع الأربعة المذكورة في الحديث الأول).
 
السابعة عشر: الموت مرابطًا في سبيل الله.
ونذكر فيه حديثين:
1- ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجريَ عليه رزقه، وأمِنَ الفَتان))؛ [رواه مسلم وغيره].
 
2- "كل ميت يُختم على عمله إلا الذي مات مرابطًا في سبيل الله، فإنه يُنمى له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن فتنة القبر".
 
[أخرجه أحمد والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين وصححه الترمذي].
 
الثامنة عشر: الموت على عمل صالح:
لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله خُتم له بها دخل الجنة، ومن صام يومًا ابتغاء وجه الله خُتِم له بها دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله خُتِم له بها دخل الجنة))؛ [رواه الامام أحمد وغيره وإسناده صحيح].
 
[انظر أحكام الجنائز للمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص 34 مع اختصار في التخريج وبعض الأحاديث].



[1] أي بداء البطن وهو الاستسقاء وانتفاخ البطن وقيل هو الإسهال وقيل الذي يشتكي بطنه


[2] تحوَّز: أي تنحنى.


[3] هي التي تموت وفي بطنها ولد.


[4] السرر: ما تقطعه القابلة من السرة.


[5] معنى جُمُع: المرأة التى تموت وفي بطنها ولد، أو تموت من الولادة

شارك الخبر

المرئيات-١