أرشيف المقالات

الدعاء لصاحب الطعام وسقي الأيمن فالأيمن

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
من سنن الطعام
الدعاء لصاحب الطعام، وسقي الأيمن فالأيمن
 
الدعاء لصاحب الطعام.
ويدلّ عليه: حديث عبد اللّه بن بُسر رضي الله عنه قال: «نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي، قَالَ: فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَاماً وَوَطْبَةً، فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلُهُ، وَيُلْقِي النَّوَى بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى، ثُمَّ أُتِيَ بِشرابٍ فَشربَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ فَقَالَ أَبِي، وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ: ادْعُ اللّهَ لَنَا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ، وَارْحَمْهُمْ»[1].
 
و(الوَطْبَة): هي الحيس الذي يجمع التمر البرني، والأقط المدقوق، والسمن.
 
ولو أخرج مَنْ أكل التمر كما أخرج النَّبي صلى الله عليه وسلم النَّواة فهو أفضل، فإنَّ الحديث دلَّ على أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم يخرج نوى التمر بين السبابة، والوسطى، ويجمعهما.
 
ومِن السُّنَّة حتى وإن كان صائماً أن يحضر الوليمة، ويدعو لصاحب الطعام، ولو لم يأكل.
 
ويدلّ عليه: حديث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِماً فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِراً فَلْيَطْعَمْ»[2]، ومعنى (فَلْيُصَلِّ): أي فليدع لهم؛ لأنَّ الصلاة لغة: الدعاء.
 
استحباب أن يسقي الشارب مَن على يمينه قبل يساره.
والمقصود: أنه إذا شرب فمن السُّنَّة أن يعطي مَن على يمينه قبل شماله.
 
ويدلّ عليه: حديث أَنَسِ بن مالك رضي الله عنه قال: «أَتَانَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَارِنَا، فَاسْتَسْقَى، فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً، ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِي هَذِهِ، قَالَ: فَأَعْطَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَشربَ رَسُولُ اللّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُمَرُ وِجَاهَهُ، وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللّهِ مِنْ شربِهِ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ، يَا رَسُولَ اللّهِ يُرِيهِ إيَّاهُ، فَأَعْطَى رَسُولُ اللّهِ الأَعْرَابِيَّ، وَتَرَكَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ»، قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: «فَهْيَ سُنَّةٌ، فَهْيَ سُنَّةٌ، فَهْيَ سُنَّة»[3].
 
وحديث سَهْلِ بن سعد السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشرابٍ، فَشربَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشياخٌ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاَءِ؟» فَقَالَ الْغُلاَمُ: لاَ، وَاللّهِ، لاَ أُوثِرُ بِنَصيبِي مِنْكَ أَحَداً، قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَدِهِ[4].
 
قال النَّووي رحمه الله: «في هذه الأحاديث بيان هذه السُّنَّة الواضحة، وهو موافق لما تظاهرت عليه دلائل الشرع من استحباب التَّيامن في كل ما كان من أنواع الإكرام، وفيه: أن الأيمن في الشراب ونحوه يقدَّم، وإن كان صغيراً أو مفضولاً؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدَّم الأعرابي، والغلام على أبي بكر رضي الله عنه، وأمَّا تقديم الأفاضل، والكبار فهو عند التساوي في باقي الأوصاف، ولهذا يقدَّم الأعلم، والأقرأ، على الأسن النسيب في الإمامة في الصلاة»[5].
 
ساقي القوم آخرهم شرباً.
يُسن لمن يسقي جماعة أن يكون آخرهم شرباً.
 
ويدلّ عليه: حديث أبي قتادة رضي الله عنه الطويل، وفيه: قال: «...
فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ، حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي، وَغَيْرُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ ثُمَّ صَبَّ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: «اشربْ»، فَقُلْتُ: لاَ أَشربُ حَتَّى تَشربَ يَا رَسُولَ اللّهِ، قَالَ: «إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شرباً»، قَالَ: فَشربْتُ وَشربَ رَسُولُ اللّهِ...»[6].
 
فائدة:
ومن السُّنَّة لمن شرب لبناً أن يتمضمض بالماء بعد شربه للبن؛ ليزيل ما في فمه من الدسم الذي يكون من اللبن.
 
ويدلّ عليه: حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شربَ لَبَناً، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَتَمَضْمَضَ، وَقَالَ: «إِنَّ لَهُ دَسَماً»[7].
 
مستلة من كتاب: المنح العلية في بيان السنن اليومية



[1] رواه مسلم برقم (2042).


[2] رواه مسلم برقم (1431).


[3] رواه البخاري برقم (2571)، ومسلم برقم (2029).


[4] رواه البخاري برقم (2605)، ومسلم برقم (2030).


[5] شرح النووي لمسلم، حديث (2029)، باب: استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما على يمين المبتدئ.


[6] رواه مسلم برقم (681).


[7] رواه البخاري برقم (211)، ومسلم برقم (358).

شارك الخبر

المرئيات-١