أرشيف المقالات

مناسبة العيد والتصافي مع الذات

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
مناسبة العيد والتصافي مع الذات
 
العيد من أعظم المناسبات لتجديد الصلات وضخ الدم في أوردة العلاقات المتقطعة أو قل "المتجلطة" مع الأقارب والأرحام وأصدقاء الزمن الغابر، وهو البلسم لتطبيب ما بين تلك الأسر مما أفسده الشيطان بينهم فخالف بين قلوبهم فجعل بأسهم بينهم، فتراكمت الأحقاد والضغائن وسخائم القلوب، العيد فرصة ذهبية لتناسي الخلافات مستحضرين ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، وتذكر من حضر العيد السابق وخطفته كأس المنون فأصبح رهينة عمله.
 
العيد يأتي ليؤذن في الناس: أن تصالحوا، وتحابوا، وتسامحوا، واعفوا يغفر الله لكم.
 
تلك هي معاني العيد الجوهرية وخاصة مع هذه الأزمة العالمية التي رأس الوقاية منها التباعدُ الاجتماعي وترك المصافحة وعدم الملامسة، في ظل هذه الظروف يأتي العيد يقول لنا أمَا وإنه وقد حيل بينكم وبين التقارب أجسادًا ومصافحةً، فلا أقل من أن تتواصلوا قلوبًا، وما أعظم القلوب إذا تسامحت وأحبت وطهرت، تلكم المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد.
 
العيد تترادفُ فيه الدعوات بـ "عساكم من عواده"، "وعاد عيدكم" دعوات ترفع لله تعالى أن تمتد الأعمار لتبلغ أعيادًا وأعيادًا، وذلك هو الأمل المحمود المتفائل الذي يدفع للعمل والمحبة والزهد في الدنيا!!
أُعللُ النَّفسَ بالآمالِ ارقبُها *** ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأملِ
 
العيد إن جاءك وأنت معافى في بدنك حرٌّ في تصرفاتك وقراراتك، تملك ما يسترك من مَدِّ يدِ الحاجة والعوَزِ فأنت تملك الدنيا وأنت لا تشعر، وتأمل كيف يكون العيد على من حبسه الدَّينُ عن التمتع بالعيد والفرحة وأخجله من الاجتماع والابتهاج، وكيف يكون على سجين أثقل القيد يده ورجله ينتظر فرجه، وعلى مأسور في يدِ عدوٍّ لا يألو جهدًا في أن يهينه ويهدر كرامته، وعلى مرابط على ثغور المسلمين أثقل السلاح كاهله يرصده عدوه ويتربص هو به، وعلى مريض أقعده المرض فأوهن عظامه وأقعده، وعلى مُسنٍّ تقدَّم به العمر حتى لم يعرف أهله وأقاربه!!
 
وعلى ميت نسيه أهله وهُجر قبره وأصبح رهينةَ عمله السيء.
 
أرأيت؟! أنت تملك الدنيا وأنت لا تشعر، وأنت في نعمٍ عظيمة فإن قُدِّر أن ابُتليت بشيءٍ مما سبق فتلكم الدنيا ليست للكمال وإنَّما لانتقاص وكما قيل: « وانتظر خرابا اذا قيل تم..
».
 
العيد فرحة وبهجة وأكل وشرب وحبور وسرور وذكر الله تعالى؛ حتى يعلم الآخرون أنَّ في ديننا فسحةً».
 
فافرحوا والبسوا أحسن الثياب، وتزينوا، ولا تتصنعوا الفرح بل عيشوه تكون أيَّامكم كلها أعياد.
 
أدام الله أفراحكم وأعاد أعيادكم بخير عزة ومنعة.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢