أرشيف المقالات

خلاف الصحابة رضي الله عنهم في نجاسة المني وطهارته

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
خلاف الصحابة رضي الله عنهم في نجاسة المني وطهارته


أولًا: نجاسة المَنِيِّ: جاء عن عمر وابنه عبدالله، وأبي هريرة، وأنس، وجابر بن سمرة، وابن مسعود رضي الله عنهم:
الأول: عمر رضي الله عنه:
1:عن يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب، ((أنَّ عمر رضي الله عنه أصابته جنابة وهو في سفر، فلما أصبح قال: أَتَرَوْنا ندرك الماء قبل طلوع الشمس؟ قالوا: نعم، فأسرع السير حتى أدرك فاغتسل، وجعل يغسل ما رأى من الجنابة في ثوبه، فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: لو لبست ثوبًا غير هذا وصليت؟ فقال له عمر رضي الله عنه: إن وجدت ثوبًا وجده كل إنسان؛ إنِّي لو فعلت لكانت سُنَّة، ولكني أغسل ما رأيت، وأنضح ما لم أرَه))؛ [رواه مالك (1/ 50)، وعبدالرزاق (1445)، (1446)، (1448)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 52) بإسناد صحيح]، ويُفهم من الأثر نجاسة المني عند عمر وعمرو رضي الله عنهما، والله أعلم.
 
2: عن زُيَيْد بن الصلت قال: ((خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الجرف، فنظر، فإذا هو قد احتلم، وصلى ولم يغتسل، فقال: والله ما أراني إلا احتلمت وما شعرت، وصليت وما اغتسلت، قال: فاغتسل، وغسل ما رأى في ثوبه، ونضح ما لم يَرَ، وأذَّن أو أقام، ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنًا))؛ [رواه مالك (1/ 49)، وابن أبي شيبة (1/ 83)، واللفظ له، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 52) بإسناد صحيح، ونحوه عن الشريد رضي الله عنه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند عبدالرزاق (3646)، وابن المنذر (4/212)، وإسناده صحيح].
 
3: عن خالد بن أبي عزة قال: ((سأل رجل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إنِّي احتلمت على طنفسة؟ فقال: إن كان رطبًا فاغسله، وإن كان يابسًا فاحْككْهُ، وإن خفيَ عليك فارْشُشْه))؛ [رواه ابن أبي شيبة (1/ 85) بإسناد ضعيف؛ خالد بن أبي عزة ترجم له البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا وتعديلًا].
 
الثاني: ابن عمر رضي الله عنهما:
1: قال ابن عمر رضي الله عنهما: ((إن خفيَ عليه مكانه وعلم أنَّه قد أصابه، غسل الثوب كله))؛ [رواه عبدالرزاق (1443)، وابن أبي شيبة (1/ 83، 84)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 53) بإسناد صحيح].
 
2: قال حميد بن نافع: ((عرَّسنا مع ابن عمر رضي الله عنهما بالأبواء، ثم سِرْنا حين صلينا الفجر حتى ارتفع النهار، فقلت لابن عمر رضي الله عنهما: إنِّي صليت في إزاري وفيه احتلام ولم أغسله، فوقف عليَّ فقال: انزل فاطرح إزارك، وصلِّ ركعتين، وأقِمِ الصلاة، ثم صلِّ الفجر، ففعلت))؛ [رواه ابن وهب، المدونة (1/ 22)، بإسناد صحيح].
 
3: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال: الرجل يكون مع أهله ثم يحتلم في الثوب؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما: ((إن رأيتم فيه شيئًا فاغسلوه، وإن لم تروا فيه شيئًا فانضحوا فيه بالماء))؛ [رواه ابن المنذر في الأوسط (2/ 158) ورواته محتجٌّ بهم].
 
4: عن مجاهد، قال: ((إنِّي جالس مع ابن عمر رضي الله عنهما إذ نظر إلى ثوبه فقال: «إنَّ هذا لأثر احتلام طلبته البارحة فلم أجده، ثم قال به هكذا، فَفَرَكَهُ))؛ [رواه ابن المنذر في الأوسط (2/ 159)، وإسناده ضعيف؛ في إسناده يزيد بن أبي زياد ضعيف].
 
الثالث: أبو هريرة رضي الله عنه: قال أبو هريرة رضي الله عنه: ((إذا علمت أنْ قد احتلمتَ في ثوبك، ولم تدرِ أين هو، فاغسل الثوب كله، فإن لم تدْرِ أصابه أو لم يصبه فانضحه بالماء نضحًا))؛ [رواه عبدالرزاق (1441)، وابن أبي شيبة (1/ 82) بإسناد صحيح].
 
الرابع: أنس رضي الله عنه: عن أنس رضي الله عنه في رجل أجنب في ثوبه فلم يَرَ أثره، قال: ((يغسله كله))؛ [رواه ابن أبي شيبة (1/ 83) بإسناد صحيح].
 
الخامس: جابر بن سَمُرة رضي الله عنه: قال رجل لجابر بن سمرة رضي الله عنه: أجامع في الثوب وأصلي فيه؟ قال: ((إن أصابه شيء فاغسله، وإن لم يصبه شيء، فلا بأس أن تصلي فيه))؛ [رواه ابن المنذر في الأوسط (2/ 157)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 53)، ورواته محتج بهم].
 
السادس: ابن مسعود رضي الله عنه: قال الحكم: ((كان ابن مسعود رضي الله عنه يغسل أثر الاحتلام من ثوبه))؛ [رواه ابن أبي شيبة (1/ 84) مرسلًا، إسناده ضعيف؛ في إسناده أشعث بن سوار ضعيف، والحكم بن عتيبة لم يدرك ابن مسعود رضي الله عنه].
 
ثانيًا: طهارة المني: جاء عن ابن عباس، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة، رضي الله عنهم:
الأول: ابن عباس رضي الله عنهما:
1: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((إذا احتلمت في ثوبك فأمِطْه بإذْخِرة أو خِرْقة، ولا تغسله إن شئت إلا أن تقذره أو تكره أن يُرى في ثوبك))؛ [رواه عبدالرزاق (1437)، (1440)، (1438)، واللفظ له، وابن أبي شيبة (1/ 85)، والشافعي في الأم (1/ 56)، والدارقطني (1/ 125)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 52) بإسناد صحيح، وفي رواية الشافعي وغيره: ((إنَّما هو بمنزلة البصاق أو المخاط))].
 
تنبيه: قال البيهقي في سننه (2/ 418): ((فإنَّما هو بمنزلة البصاق أو المخاط))؛ هذا صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله، وقد رُوي مرفوعًا ولا يصح رفعه.
 
2: قال ‌ابن ‌عباس رضي الله عنهما: ((‌أربع ‌لا ‌تنجس - وعند الدارقطني: لا يجنبن - الأرض، والثوب، والماء، والإنسان))؛ [رواه الطبري في تهذيب الآثار، مسند ابن عباس (1042)، (1043)، (1044)، والدارقطني (1/ 113) بإسناد صحيح].
 
3: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((إذا أجنب الرجل في ثوبه فرأى فيه أثرًا فليغسله، وإن لم ير فيه أثرًا فلينضحه))؛ [رواه عبدالرزاق (1451)، وابن أبي شيبة (1/ 82)، واللفظ له، ورواته ثقات، لكنَّه من رواية سماك بن حرب، عن عكرمة مولى ابن عباس، وروايته عنه مضطربة، ولو ثبت لَحُمل على الاستحباب؛ لِما تقدم عنه].
 
الثاني: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: عن مصعب بن سعد: ((كان سعد رضي الله عنه يفرك الجنابة من ثوبه))؛ [رواه ابن أبي شيبة (1/ 84) بإسناد صحيح].
 
الثالث: عائشة رضي الله عنها: عن عبدالله بن شهاب الخولاني، قال: ((كنت نازلًا على عائشة رضي الله عنها فاحتلمت في ثوبي فغمستهما في الماء، فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها فبعثت إليَّ عائشة رضي الله عنها فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبيك؟ قال قلت: رأيت ما يرى النائم في منامه، قالت: هل رأيت فيهما شيئًا؟ قلت: لا، قالت: فلو رأيت شيئًا غسلته؟ لقد رأيتني وإنِّي لأحكُّه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسًا بظفري))؛ [رواه مسلم (290)].
 
والوارد عن سعد وعائشة رضي الله عنهما ليس نصًّا في طهارة المني.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١