فوائد من حديث الوضوء من لحوم الإبل
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
فوائد من حديث "الوضوء من لحوم الإبل"
عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما: أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: ((إن شئتَ فتوضأ، وإن شئت فلا توضَّأْ))، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: ((نعم، فتوضأ من لحوم الإبل))، قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: ((نعم))، قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: ((لا))؛ رواه مسلم[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: من نواقض الوضوء: أكل لحم الإبل، وهذا هو الصحيح من قولي العلماء رحمهم الله تعالى لهذا الحديث الصحيح وغيره، وهو قول الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى، وحكي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: زيد بن ثابت وابن عمر وأبو موسى وأبو طلحة وأبو هريرة وعائشة وجابر بن سمرة رضي الله عنهم، وبه قال: محمد بن إسحاق وأبو ثور وأبو خيثمة، واختاره أبو بكر بن خزيمة وابن حبان وابن المنذر، وهو مذهب الشافعي القديم، وقد اختاره جمع من محققي الشافعية؛ كالبيهقي والنووي، قال النووي رحمه الله تعالى: والقديم أنه ينتقض، وهو ضعيف عند الأصحاب، ولكنه هو القوي أو الصحيح من حيث الدليل، وهو الذي أعتقد رجحانه، وقد أشار البيهقي إلى ترجيحه واختياره والذب عنه؛ اهـ[2].
الفائدة الثانية: دل الحديث على أن الذي ينقض الوضوء هو لحم الإبل خاصة، فلا ينتقض الوضوء بشرب ألبانها ولا مرقها، قال شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: لا يجب الوضوء من مرق لحم الجمل، ولا الطعام الذي طبخ به لحم الجمل، ولا من لبن الإبل، وإنما يجب الوضوء من أكل لحم الإبل خاصة، في أصح أقوال العلماء...قال: والمرق لا يسمى لحمًا، وهكذا الطعام واللبن، ومثل هذه الأمور توقيفية لا دخل للقياس فيها، والله أعلم؛ ا.هـ[3].
الفائدة الثالثة: مَن أطعم قومًا لحم إبل وأرادوا الصلاة، فيجب عليه أن يخبرهم بذلك؛ لئلا يفسد عليهم صلاتهم؛ وذلك لأن لحم الإبل ينقض الطهارة، بدلالة الحديث، فوجب إخبارهم بما أفسد طهارتهم؛ حتى لا يصلُّوا بغير وضوء، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى وقد سُئل عن شخص أكل لحم إبل عند شخص آخر، وذهب للصلاة ولم يتوضأ، فهل يلزمه إعلامه أم لا؟ فقال رحمه الله تعالى: نعم، يلزم إعلامه؛ لأن هذا من باب التعاون على البرِّ والتقوى...وعلى الرجل أن يعيد صلاته؛ اهـ[4].
[1] رواه مسلم في كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل 1/ 275 (360)، وقد صححه كثير من الأئمة غير مسلم، منهم: أحمد وإسحاق بن راهويه (تنقيح تحقيق أحاديث التعليق 1/ 175)، وابن منده (البدر المنير 2/ 410)، وقال أبو بكر بن خزيمة (في صحيحه 1/ 21) عقب روايته للحديث: لم نرَ خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر صحيحٌ من جهة النقل؛ اهـ.
[2] المجموع 2/ 69 - 70، وينظر: سنن البيهقي 1/ 158 - 159، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي 1/ 249 - 256.
[3] مجموع فتاوى ابن باز 10/ 157 بتصرف يسير.
[4] مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 11/ 146.