أرشيف المقالات

تحقيق العدل الرباني في واقع الأرض

مدة قراءة المادة : 35 دقائق .
تحقيق العدل الرباني في واقع الأرض

من أوامر الله لهذه الأمة تحقيقُ العدل الرباني في واقع الأرض، وربط هذا الأمر بحقيقة الإيمان: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أو الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أو فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أو تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 135، 136].
 
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].
 
وربط هذا الأمر بالعقيدة في الله، وجعله خالصًا لله، يجعله سمةً من سمات هذه الأمة، أو لازمًا من لوازم وجودها، ليهيئَ لها القيام بدورها في قيادة البشرية وريادتها، ولكن التغلب على أهواء النفوس، والحد من نزواتها وشهواتها التي ينشأ عنها العدوان والظلم في واقع الحياة - أمرٌ يحتاج إلى تربية وتدريب، حتى تتعود النفوس أن تخضع للحق ولا تزيغ عنه، ويتعود الناس أن يُمسكوا بميزان العدل من منتصفه، لا يميلونه ذات الشمال وذات اليمين.
 
ولقد كان الجيل الأول من هذه الأمة هو القمة العليا في تحقيق العدل الرباني في واقع الأرض بصورة لم تكن معهودة من قبل، حتى في الأمم التي يوصف حكَّامها بالعدل.
 
وما زالت هذه الصورة بارزةً باهرة حتى بعدما وصلت البشرية - في النظم الديمقراطية - إلى ألوان من العدل السياسي تتوهم أنه من القمم في عالم القِيَم والمبادئ[1].
 
لقد كان الله يُعِد هذه الأمة لتكونَ رائدة البشرية كلها إلى الخير، والشاهدة عليها يوم القيامة، وكفلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم بتربيتها لهذا الهدف العظيم: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].
 
• وكانت تربية الله لهذه الأمة - من أجل القيام بدورها في الأرض - تربية عجيبة، لقد كانت دروسًا قرآنية، ودروسًا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لرفع هذه الأمة إلى المستوى الذي يؤهِّلها - عن جدارة - لا للتمكين في الأرض فحسب، بل لقيادة البشرية، ولا لإقامة العدل الرباني داخل ذاتها فحسب، بل مع غيرها كذلك.
 
لقد وجَّه اللهُ المؤمنين في أول ما نزل من القرآن في المدينة توجيهًا معينًا، له دلالة خاصة: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 1 - 4].
 
وتكرر هذا التوجيه في أكثر من آية مدنية بعد ذلك: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ﴾ [النساء: 136].
 
وهذا أمر يتعلق بالعقيدة كما هو ظاهر.
 
وفي الحديث: قال: وما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمنَ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن تؤمنَ بالقدر خيره وشره...))[2].
 
ولكن له - إلى جانب الأمر الاعتقادي - صلة بأمر إعداد هذه الأمة لقيادة البشرية، إن كل أمة آمنت برسولها، ثم رفضت أن تؤمنَ بغيره من الرسل، قد أحسَّت - نتيجة لذلك - ببُغْض هائل للأمة التي بُعِث إليها الرسولُ الذي لم تؤمن به، وانحصرت - من ثم - في حدود عصبيتها لذاتها، وامتلأ قلبها حقدًا على غيرها، ثم أوقعت أبشعَ الاضطهاد على أتباع مَن لم تؤمن به من رسل الله، كما صنع اليهود أصحابُ الأخدود مع المؤمنين بعيسى عليه السلام، وكما صنع اليهود والنصارى بالمسلمين الذين يقعون تحت سلطانهم في كل الأرض.
 
هذا الخُلُق البغيض لا يؤهِّل أصحابَه لقيادة البشرية، ومن ثم لم يؤهِّل اللهُ اليهودَ ولا النصارى لتلك القيادة، فإن تولوها - بقدَرٍ من الله له حكمته عنده - كما تولتها النصرانية خلال القرون الثلاثة الأخيرة، كما تتولاها اليهودية اليوم سافرةً أو من وراء ستار - لم يقعِ العدلُ في الأرض، إنما يقع الاضطهاد والظلم.
 
"أما الأمة التي أخرجها الله لقيادة البشرية وريادتها، فهي الأمة التي تؤمن بالرسل جميعًا والرسالات جميعًا، فلا يكون في قلبها حقدٌ مبدئي، ولا حقد تاريخي، على غيرها من الناس، وهذا - والله أعلم - جانبٌ من دلالة هذا التوجيه القرآني العظيم"[3].
 

ثم انظر كذلك إلى هذا الدرس القرآني:
• ففي وسط الحرب الخبيثة التي كان يشنها اليهودُ على الإسلام في عهده، يحاولون زلزلة المؤمنين واقتلاع العقيدة الجديدة من جذورها قبل أن ترسخ في الأرض، والدس والكيد ونشر الأراجيف، وتشكيك الناس بعضهم في بعض، وإيذاء المسلمين والمسلمات في أعراضهم، بالإضافة إلى الحرب الرسمية التي تستخدم فيها أدوات القتال، مع الغدر في هذه الحرب، ونقض المواثيق، وانتهاك الحرمات - في وسط كل ذلك لا يقبل الإسلام عدوانًا وقع على واحد من اليهود؛ إذ رُمِي بتهمة ظالمة، وكاد يحكم عليه من أجلها، فيتنزل الوحي بتبرئته في هذه الآيات البينات: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا * وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أو يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أو إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 105 - 113].
 
وقد نزلت هذه الآيات التسعُ بهذا التفصيل والبيان والتوكيد الشديد المكرر، لتحمي الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الحُكم على هذا اليهودي البريء، الذي كانت القرائن الظاهرة كلها تتهمه، وكان الحق أنه بريء من الاتهام، ووضع الإسلام بذلك في عالَم الواقع هذا المبدأَ الإنساني الخالد، الذي لا يوجد قط بهذه الصورة في غير الإسلام"[4].
 
وكان درسًا هائلاً للأمة المسلمة، أن ميزان العدل لا يُميله حب ولا بُغض، ولا تميله عصبية ولا قرابة ولا مصلحة أرضية، بل لا يميل حتى إلى جانب المشاركين في العقيدة على حساب المخالفين لها ولو كانوا - في مجموعهم - ظالمين!
 
وخذ هذا التوجيه العملي: مرَّت جنازة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، إنه يهودي، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أو ليست نفسًا؟))[5].
 
وخذ كذلك هذا الدرس التربوي: "استدان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من يهودي، فتأخر السداد لعُسرٍ ألَمَّ به - صلى الله عليه وسلم - فجاء اليهودي يطالبه ويغلظ في الطلب، وأمسك بثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشده حول رقبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى جحظت عيناه، فهمَّ عمر - رضي الله عنه - أن يَهوِي عليه بالسيف، فمنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال له: ((لقد كنتَ يا عمر جديرًا بغير هذا، كنت جديرًا أن تأمرني بحسن السداد، وتأمره بحسن الطلب))[6].
 
كذلك كانت التربية التي رباها الله ورسوله لهذه الأمة ممثلة في جيلها الأول المتفرد لكي تكتسب هذه السمة التي تجعلها جديرةً بالتمكين في الأرض؛ ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41]، وتجعلها جديرة بقيادة البشرية والشهادة عليها يوم القيامة.
 
هل نعجب إذًا حين نرى تلك النماذج الرفيعة لتطبيق العدل الرباني على يدي الصحابة - رضوان الله عليهم - وهم ممكَّنون في الأرض، أصحاب سلطان لا يدانيه في ذلك الوقت سلطان؟[7].
 
عمر بن الخطاب يضرب لنا مثلاً:
"إذ تسابق ابن عمرو بن العاص - والي مصر - مع شابٍّ قبطي، فسبقه القبطي، فضربه ابن عمرو بن العاص ضربة بالعصا، وقال: خذها وأنا ابن الأكرمين، فما كان من والد الشاب القبطي إلا أن رحل إلى المدينة، ليشكو ضرب العصا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإلى هنا فهناك ما يستوقف النظر، لقد كان الأقباط يعيشون تحت الحكم الروماني في ذل مرير رغم اشتراكهم مع الرومان في العقيدة المسيحية، وذلك بسبب اختلاف المذهب؛ فالأقباط على المذهب الأرثوذكسي، والرومان على المذهب الكاثوليكي، ومن أجل هذا الاختلاف في المذهب - وإن كان داخل العقيدة المسيحية - فقد كان الرومان يعذِّبون الأقباط وينكلون بهم حتى قتل منهم من قتل، فكانوا عندهم شهداء.
 
كما يبدو من اسم الكنيسة المعروفة اليوم باسم "ماري جرجس" جنوب القاهرة، واسمها الصحيح: "كنيسة مار جرجس"؛ أي: "الشهيد جرجس"، وفي هذه الكنيسة بالذات كانت العبادة تمارس على نطاقين:
نطاق علني على مذهب الدولة، ونطاق سري في سراديب الكنيسة الخفية على مذهب الأقباط، في خفية عن عيون الرومان الذين ينكلون بهم إذا رأوهم يمارسون عبادتهم على خلاف مذهب الدولة، وكان الضرب بالسياط أمرًا مألوفًا من تلك الدولة "العظيمة" لرعاياها الأقباط في مصر، ولم يكن الأقباط يَشْكُون، فلمن يشكون إذا أرادوا؟ إنما ذلت نفوسهم وتحملوا ضرب السياط صاغرين، واليوم يسافر الرجل ألوف الأميال ليشكوَ ضربة عصا على ظهر ولده الشاب، فما دلالة ذلك؟
 
إنها دلالة مزدوجة، دلالة الكرامة التي استيقظت في نفس الرجل، فراح يشكو ضربة العصا وهو الذي كان يذل لضربة السوط، ودلالة الملجأ الذي يشتكي إليه بعد أن لم يكن هناك ملجأ للشكوى.
 
كلتاهما شاهد على العدل الرباني الذي وجده الناس مطبقًا على يد عمر - رضي الله عنه - فصَحَتْ كراماتهم، وهل يوقظ الكرامات شيء مثلما يوقظها ممارسة العدل في الأرض؟
 
ووجدوا الملجأ فراحوا يشتكون إليه، ولكن الحادثة أروع آفاقًا، وأبعد مدى، وأعمق دلالة؛ لقد أمر عمر بالقصاص، وأعطى الرجل عصاه وقال له: اضرب ابن الأكرمين، والتفت إلى واليه "عمرو بن العاص"[8]، فقال له كلمته المشهورة الخالدة: "يا عمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!"[9].
 
ولم يكن ذلك القصاص من مسلم لمسلم، ولا من عربي لعربي، فيقول الناس: عدل، نعم، ولكنه غير مستغرب، إنه العدل الرباني في الذروة من التطبيق"[10].
 
علي بن أبي طالب يضرب مثلاً آخر:
وذلك نموذج آخر: "سُرِقت من علي بن أبي طالب رضي الله عنه[11] دِرْعٌ، فوجدها عند يهودي أو نصراني، فقاضاه إلى قاضيه "شريح"[12]، و"علي" يومئذ هو الخليفة أمير المؤمنين، وإلى هنا فهناك ما يستوقف النظر، إن "عليًّا" - رضي الله عنه - وهو على يقين من درعه ومن حقه - لم يلجأ إلى سلطان الخلافة فيأخذ درعه بالقوة من اليهودي، فضلاً عن أن يأمر باعتقال السارق الأثيم "رهن التحقيق"، إنما يلجأ إلى القضاء، ويطلب حقه عن طريقه، وذلك - في ذاته - مستوى رفيع من التطبيق للعدل الرباني، نادر المثال، ولكن الحادثة - كسابقتها - أروع آفاقًا، وأبعد مدى، وأعمق دلالة، ثم سأل "شريح" أمير المؤمنين عن قضيته، فقال "علي" - رضي الله عنه -: الدرع درعي، ولم أَبِع ولم أَهَب، فسأل شريح اليهودي: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فرد هذا متلاعبًا: الدرع درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، يريد أن يمسك العصا من منتصفها؛ نفاقًا على طريقتهم.
 
فيلتفت شريح إلى أمير المؤمنين، فيقول: يا أمير المؤمنين، هل من بينة؟!
 
إنه هكذا العدل الرباني، البينة على مَن ادَّعى...
وهذه دعوى مرفوعة إلى القضاء فلا بد فيها من البينة، وإن تكن مرفوعة من أمير المؤمنين، وإن تكن من "علي" الذي لم يعرف عنه كذب قط، والذي لا يعقل أن يكذب على الله من أجل درع، وهو المستعلي على كل متاع الأرض، يراه الناس يرتجف من شدة البرد في الشتاء وتحت يده بيت المال، يحق له منه كسوة شرعية تَقِيه البرد، فيقول: والله ما أرزؤكم شيئًا، إن هي إلا قطيفتي خرجت بها من المدينة، ولكن جواب "علي" - رضي الله عنه - كان أروع، قال: صدق شريح، ما لي بينة، هكذا في بساطة المؤمن المتجرِّد...
 
ما لي بينة! لم يغضب، لم يقل المقاضي: مني تطلب البينة وأنا أمير المؤمنين؟! وكان موقف "شريح" رائعًا كموقف أمير المؤمنين، لقد حكم بالدرع لليهودي؛ لعدم وجود البينة عند المدعِي "أمير المؤمنين".
 
وأخد الرجل الدرع ومضى، وهو لا يكاد يصدق نفسه، ثم عاد بعد خطوات ليقول: أمير المؤمنين يقاضينى إلى قاضيه فيقضي عليه؟! إن هذه أخلاق أنبياء، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، الدرع درعك يا أمير المؤمنين، خرجت من بعيرك الأورق، فاتبعتها وأخذتها، فيقول "علي" - رضي الله عنه -: "أما إذ أسلمتَ فهي لك"[13].
 
ونعود مرة أخرى إلى عمر في مجال آخر:
"وقف عمر يومًا يخطب الناس، اسمعوا وأطيعوا..."، فانتدب له سلمان الفارسي[14]: فقال: لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة، ولعل بعض الناس يومئذ قد ذهلوا أو ذعروا، فمن ذا الذي يكلم عمر على هذا النحو، وإن كان سلمان؟ لقد وهب الله لعمر - رضي الله عنه - مهابة ذات أثر ملحوظ في قلوب الناس، إن يكن سببها ضخامة جسمه، أو ضخامة صوته، أو شدته المعروفة عنه، أو غير ذلك من الأسباب؛ فالناس ترهب "عمر" رهبة تلقائية، حتى إن "عليًّا" - ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوج ابنته، الأثير عنده - يقول: كنا نسير ذات يوم خلف "عمر" فعنَّ له أمر فالتفت وراءه، فسقطتْ قلوبُنا إلى كعوبنا، ولكنه مع مهابته تلك يقول للناس: اسمعوا وأطيعوا، فيقول له سلمان: لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة.
 
ولم يغضب عمر، وأي شخص في مكانه كان قمينًا أن يغضب؛ فهو لا يطالب الناس إلا بأمر قد فرضه الله ورسوله، فإذا رد طلبه هذا الرد بغير موجب فلا تثريبَ عليه إن غضب، ولكن عمر الذي رباه الإسلام لا يغضب، إنما يسأل سلمان عن السبب، لعل عنده سببًا وجيهًا يبرر هذا الرد.
 
قال عمر: ولِمَهْ؟
قال سلمان: حتى تبيِّن لنا من أين لك هذا البُرد الذي ائتزرت به، وأنت رجل طوال لا يكفيك البُرد الذي نالك كبقيةِ المسلمين!
 
والآن تحدَّدت القضية، فكأن سلمان يلقي اتهامًا، أو على الأقل شبهة أن عمر استأثر بمتر من القماش زيادة عما ناله كفردٍ من عامة المسلمين، ولو غضب عمر في هذا الموقف لحق له أن يغضب، ولكنه مرة أخرى لا يغضب، إنما ينادي ولده "عبدالله بن عمر"[15] فيقول له: نشدتك الله، هذا البُرد الذي ائتزرت به، أهو بردك؟
فيقول "عبدالله بن عمر": نعم هو بردي، أعطيته لأمير المؤمنين حتى يأتزر به؛ لأن البُرْد الذي ناله كعامة المسلمين لا يكفيه؛ لأنه رجل طوال، عندئذ يقول سلمان: الآن مُرْ نسمع ونُطِع"[16].
 
إنها القمة الرائعة في جانبيها، جانب عمر بن الخطاب، وجانب سلمان على السواء، إن أحدًا منهما لم يغضب لشخصه، ولا ينطلق من منطلق شخصي، وما سلمان بالذي يشك في نزاهة "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، وهو المعروف بالزهادة التي تفوق كلَّ تصور، ولكنه الحرص على الشريعة، شريعة الله أن تنفذ على أعلى مستوياتها، الحرص على العدل الرباني أن يطبَّق أبيض ناصع البياض لا تشوبه شائبة حتى مِن ظنٍّ، وعمر من جانبه لا يضع شخصه في الميزان، ولا يلتفت إلى الأذى الذي ينال شخصه من كون رجل من رعيته يرد عليه السمع والطاعة على هذا النحو أمام الرعية، إنما يريد أن يأخذ العدلُ الرباني مجراه في أعلى مستوياته، فيستنطق الرجل خشية أن يكون قد وقع في خطأ وهو لا يدري، خطأ يبرر للرعية أو أحد أفرادها أن يرد السمع والطاعة؛ لأنه لا طاعة إلا في المعروف.
 
كلاهما حريص على دين الله ألا تشوبه شائبة، وكلاهما قمة تتضاءل أمامها أحلامُ الرجال، وصورة من تطبيق العدل الرباني في الأرض، لا يرتقي البشر إلى مثلها على مدار القرون!
 
هل نحن في حاجة إلى مزيد؟!
من كان في حاجة إلى مزيد فليراجع كتب التاريخ[17].
 
"إن هذه الأمة بحُكم أنها أمة ربانية - أمة عقيدة - فهي أمة أخلاق، وإن التزامها بأخلاقيات لا إله إلا الله هو معيارٌ من معايير صدق إيمانها، لا يمكن إغفاله، وإنها لا تستطيع أن تنفلت من أخلاقها ثم تزعم أنها صادقة الإيمان، فأما الجيل الأول فقد وعى هذه الحقيقة بكل عمقها وفاعليتها.
 
سئلت عائشة - رضي الله عنها - عن خُلُق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "كان خلقه القرآن"[18]، ما أوجزها عبارة! وما أبلغها كذلك، كان خلقه القرآن؛ أي: إن كل أمرٍ أمرَ الله به في كتابه المنزل، وكل نهي نهى عنه، كان مترجمًا ترجمة واقعية في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن ثم كان خُلقه القرآن، وعلى هذا الخُلُق ربَّى أصحابه - رضوان الله عليهم - وكان هو القدوةَ أمامهم في التخلق بأخلاق الله.
 
لا عجب إذًا أن ترى تلك القيم الأخلاقية الرفيعة في كل مجال من مجالات الحياة.
 
أبو بكر رضي الله عنه[19] يتولى الخلافة فيقول: إني ولِّيت هذا الأمرَ ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوِّموني[20]، ويقول قريبًا من ذلك "عمر بن الخطاب" حين تولى الأمر[21].
 
وما من حاكم في التاريخ يدعو الناس إلى تقويمه إن أساء، إنما يأتي التقويم من ضغط الناس على حكامهم وهم كارهون! وأقصى ما يمدح به حاكم في القديم أو الحديث أن يستجيب لضغط الناس، ويقبل أن يلتزم حين يلزم، أما أن يدعوَهم إلى تقويمه فتلك من أخلاقيات: (لا إله إلا الله)، في عالم السياسة لا يقدر عليها إلا ذلك الجيل الفريد.
 
ولقد قال عمر - رضي الله عنه - لرعيته ذات يوم: إن وجدتم فيَّ اعوجاجًا فقوِّموني، فقال له رجل: والله لو وجدنا فيك اعوجاجًا لقوَّمناه بحدِّ السيف! فلم يغضب - رضي الله عنه - وإنما قال: الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من يقوِّمه بحد سيفه، وتلك كذلك من أخلاقيات: (لا إله إلا الله)، في عالم السياسة لا يقدر عليها إلا ذلك الجيل الفريد[22].
 
وقال أبو بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - في بيان سياسته: "الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذَ له الحق، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخُذَ الحق منه"[23].
 
ولم تكن تلك شعارات تلقى على "الجماهير" لتلهيتها أو اللعب بمشاعرها، إنما كانت نبراسًا حقيقيًّا يلتزم به، وكانت تلك هي أخلاقيات السياسة الملتزمة بـ: "لا إله إلا الله"، لا تحابي أحدًا لأنه قوي، ولا تظلم أحدًا لأنه ضعيف[24].
 
وسافر "عمر" إلى بيت المقدس ليتسلَّمَ مفتاحها من البطريق الذي أصرَّ على أن يسلِّمَ المفتاح لعمر بنفسه، ولم تكن هناك وفرة في الدواب تسمح لعمر وخادمه أن يركبا كلاهما، فقرر "عمر" أن يتناوبا الركوب والمشي - دواليك - يركب عمرُ مرة، ويسير خلفه خادمه، ويركب الخادم مرة ويسير خلفه عمر، حتى إذا دخلا بيت المقدس كان الدورُ للخادم في الركوب، فأصرَّ عمر على أن يأخذ الخادمُ دوره، وأن يسير عمرُ خلفه، ودخلا المدينة على هذا النحو والناس يظنون - بحكم الأعراف الأرضية - أن الخليفة هو الراكب، وأن تابعه هو الذي يسير على قدمه، حتى عرفوا الحقيقة فأذهلتهم"[25].
 
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجنوده وهم ذاهبون إلى محاربة الكفار الذين لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة: ((اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدِروا ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا وليدًا ولا شيخًا ولا امرأة...))[26].
 
فيضع بذلك الدستورَ الأخلاقيَّ للحرب التي يظن الناس - في الجاهلية المعاصرة خاصة - أنه لا علاقة لها بالأخلاق، ويلي الأمرَ أبو بكرٍ، يوصي جنده ذات الوصاية، وهم يحاربون المرتدِّين الذين نكلوا عن أمر الله[27].
 
ويقع القتال بين علي - رضي الله عنه - وبين مناوئيه، ويقع قتلى من هنا وهناك، فإذا حلَّ الظلام ووقفت الحرب قام علي - رضي الله عنه - يصلِّي على قتلى الفريقين، ويسلِّم أعداءه قتلاهم ليدفنوهم[28]، ويخرج الخوارج عليه، فيقول قوم من أصحابه: إنهم كفار.
 
فيأتي علي - رضي الله عنه - ويقول: إنما هم إخواننا بغَوْا علينا[29]، تلك أخلاقيات - في الحرب - لا يقدِر عليها إلا أهلُ: "لا إله إلا الله"!!

[1] واقعنا المعاصر، محمد قطب، ص (63، 64).

[2] أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام، ج 1، ص (18، 19)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الإيمان ما هو وبيان خصاله، ج1، ص (23).

[3] واقعنا المعاصر ص (64 - 66) بتصرف.

[4] جاهلية القرن العشرين للأستاذ محمد قطب، ص (248)، ط دار الشروق (1988 - 1408)، وكذلك واقعنا المعاصر للأستاذ محمد قطب، ص (66 - 68) بتصرف.

[5] أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب من قام لجنازة يهودي، ج 1، ص (228)، ومسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة بنحوه، ج1، ص (382).

[6] سبق تخريجه.

[7] واقعنا المعاصر، ص (68 - 69) بتصرف.

[8] هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم - القرشي السهمي، يكنى بأبي عبدالله، وقيل: بأبي محمد، من دهاة العرب، أسلم قبل الفتح بستة أشهر، واستعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عمان، وأبو بكر أميرًا على الشام، وسيَّره عمر بن الخطاب إلى فتح مصر، ولم يزل واليًا عليها إلى أن مات عمر، وعُزِل عنها بعد أربع سنين من خلافة عثمان، وهو أحد الحَكَمين بين علي ومعاوية...، ثم سيَّره معاوية إلى مصر إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين، وقيل غيره سنة: (47 - 48 - 51)، والأول أصح، انظر: "أسد الغابة"، ج 4، ص (244 - 248).

[9] مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي، ص (98 - 99) بتصرف.

[10] واقعنا المعاصر، محمد قطب، ص (69، 70).

[11] هو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنيته أبو الحسن، وصِهْر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنته فاطمة - سيدة نساء العالمين، وآخاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين، وهو أول الفتيان إسلامًا، وشهد جميع المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا غزوة تبوك؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلَّفه على أهله، وله في الجميع بلاء عظيم وأثر حسن، وأعطاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - اللواء في مواطنَ كثيرة بيده، وكان غزير العلم، وافر الزهد، عظيم الورع، كثير العبادة، عدلاً، وورد في فضله الكثير والكثير، وقتل - رضي الله عنه - لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، انظر بتوسع: أسد الغابة، ج 4، ص (91 - 125).

[12] هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية الكندي، أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يلقه، وقيل: لقيه، واستقضاه عمر بن الخطاب على الكوفة، فقضى بها أيام عمر، وعثمان، وعلي، ولم يزل على القضاء بها إلى أيام الحَجَّاج، وكان أعلم الناس بالقضاء، وذا فطنة وذكاء ومعرفة وعقل، كما كان شاعرًا محسنًا، وتوفي سنة سبعة وثمانين، وله مائة سنة، أو (76، 97، 99) والله أعلم، انظر: أسد الغابة، ج 2، ص (517، 518).

[13] البداية والنهاية؛ لابن كثير، ج8، ص (5، 6) بتصرف.

[14] هو سلمان الفارسي، أبو عبدالله، ويُعرف سلمان الخير، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسئل عن نسبه، فقال: أنا ابن الإسلام، أصله من فارس، وكان سلمان من خير الصحابة وزهادهم وفضلائهم، حتى حظي بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "سلمان منا أهل البيت"، وكان من المعمَّرين، توفي سنة خمس وثلاثين، في آخر خلافة عثمان - رضي الله عنه - على الراجح؛ انظر: "أسد الغابة في حياة الصحابة"، ج 2، ص (417 - 421).

[15] هو عبدالله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أسلم مع أبيه وهو صغير لم يبلغ الحُلُم، لم يشهد بدرًا لصِغَر سنه، فكان فيمن ردهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان كثير الاتباع للرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان شديد الاحتياط والتوقي لدينه في الفتوى، وكل ما تأخذ به نفسه، وكان صوامًا قوامًا، وتوفي سنة ثلاث وسبعين على أثر سم في زج - أسفل - رمح بأمر من الحجاج، زحمه في الطريق، ومات وهو ابن ست وثمانين سنة، وقيل غيره؛ انظر: أسد الغابة، ج 3، ص (341 - 345).

[16] صفة الصفوة؛ لأبي الفرج ابن الجوزي، ج (1)، ص (535) بتصرف، ط.
دار المعرفة، بيروت - لبنان - الثالثة، سنة (1405 هـ 1985م).

[17] واقعنا المعاصر، محمد قطب، ص (69 - 73) بتصرف.

[18] أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، ج1، ص (299).

[19] هو عبدالله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب القرشي التيمي، أبو بكر الصِّدِّيق بن أبي قحافة، وهو صاحب رسول الله - عليه الصلاة والسلام - في الغار وفي الهجرة، كما كان يقال له: عتيق؛ لحُسن وجهه وجماله، أو لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بشَّره بالعتق من النار، وقيل له: الصديق لَمَّا صدَّق النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في حدث الإسراء، وكان أول من أسلم من الرجال، وشهد بدرًا وغيرها، وله فضائل لا تحصى، وأثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يفوق الوصف، توفي يوم الجمعة لسبع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، وصلى عليه عمر بن الخطاب، وقيل غيره؛ انظر بتوسع: أسد الغابة، ج 3، ص (309، 335).

[20] البداية والنهاية لابن كثير، ج 6، ص (341) بتمامه، وصفة الصفوة لابن الجوزي، ج 1، ص (260، 261)، بتصرف، وإتمام الوفاء في سيرة الخلفاء للشيخ محمد الخضري، ص (18)، بتصرف، ط الوفاء.

[21] الفاروق عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين للأستاذ/ محمد رضا، ص (55، 60) بتمامه، والخلفاء الراشدون د عبدالوهاب النجار، ص (238)، ط دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، بدون ذكر التاريخ، ومن خطب الرسول وخلفائه الراشدين للشيخ طه عبدالله عفيفي، ص (162، 163) بتصرف، ط دار التراث العربي الأولى، سنة 1403 هـ 1983م.

[22] واقعنا المعاصر ص (78، 79) بتصرف.

[23] أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين للأستاذ محمد رضا، ص (39) بتصرف، ط دار الكتب العلمية (1403هـ - 1983م).

[24] واقعنا المعاصر، ص (78، 79) بتصرف.

[25] بنحوها في تاريخ الطبري، ج 3، ص (164)، ومناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي، ص (151).

[26] أخرجه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث، ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها، ج 2، ص (69) بتمامه، إلا أنه ليس فيه لفظ: ((ولا شيخًا ولا امرأة)) - وأبو داود، كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين، ج 3، ص (37، 38) - والترمذي كتاب الديات، باب ما جاء في النهي عن المثلة، ج 6، ص (178، 179) بتصرف.

[27] واقعنا المعاصر، ص (79، 80) بتصرف.

[28] البداية والنهاية لابن كثير، ج 7، ص (267) بتصرف.

[29] نفس المرجع السابق، ج 7، ص (317) بتصرف.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢