أرشيف المقالات

من أقسام الصبر .. صبر البدن

مدة قراءة المادة : 18 دقائق .
من أقسام الصبر
صبر البدن


كما ذكرنا أن الصبر في الشرع حبس النفس على ثلاثة أمور:
الأول: طاعة الله - تعالى.

الثاني: عن محارم الله - تعالى.

الثالث: على أقدار الله - تعالى.


فالأمر الأول مرتبط بصبر النفس فقط، أما الأمر الأول والثاني مرتبط بصبر البدن ومعه صبر النفس، فلا ينفك البدن عن النفس؛ لأنهما مرتبطان برباط وثيق، فالنفس تحدِّث البدن بالصبر، فيقوم البدن بالانصياع لأوامر النفس للقيام بمهامه للوصول إلى درجة قبول الواجبات المفروضة، بلا جزع حتى مع المشقة، وقبول كل الأقدار المؤلمة التي تصيب البدن حتى مع الوجع.
 
فطاعة الله - تعالى - تحتاج إلى صبر البدن؛ كالصلاة مثلاً، تحتاج إلى تحمُّل الوقوف والركوع والسجود، ومثلها الحج والصيام، ولكن لا ننسى أن صبر النفس له تأثير على صبر البدن؛ حيث إنها تحثُّ البدن على التحمل والاستمرار في الطاعة، والإمساك عن كل ما يدفع المسلم إلى الخروج من طاعته؛ لذلك فإن صبر البدن أمر عظيم؛ لأنه قبل أن يساعدَ على الطاعة، فإنه يساعد على تحمل الصعاب، بالإضافة إلى حب الله - تعالى - للصابر، قال - تعالى -: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]، فما أعظم حب الله - تعالى - فهذا الحب يقوِّي الصابر، ويمكِّنه من النفس، حتى تنقاد للحق، وتذعن لتحمل الشدة.
 
ومع تحمل الطاعة لله - تعالى - وتحمل الأذى والمرض والصبر عن محارم الله، فإن الله - تعالى - أعطى الإنسان فضلاً ما بعده فضل، إذا تمسكوا بالصبر؛ فعن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري - رضي الله عنه -: أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نَفِد ما عنده، قال: ((ما يكن عندي من خير فلن أدَّخِره عنكم، ومَن يستعفِفْ يعفَّه الله، ومَن يستغنِ يُغنِه الله، ومَن يتصبَّر يصبِّره الله، وما أُعطِي أحدٌ من عطاء خير وأوسع من الصبر))؛ (متفق عليه).
 
ولن يجدَ المؤمنُ أفضلَ من الصبر؛ لأن الخير فيه وبه؛ فعن أبي يحيى صهيب بن سنان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْه سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضرَّاءُ صبر، فكان خيرًا له))؛ (رواه مسلم).
 
"اعلم أن الصبرَ ضربانِ: أحدهما ضرب بدني؛ كتحمل المشاق بالبدن، والثبات عليها، وهو إما بالفعل؛ كتعاطي الأعمال الشاقة، إما من العبادات أو من غيرها، وإما بالاحتمال؛ كالصبر على الضرب الشديد، والمرض العظيم، والجراحات الهائلة، وذلك قد يكون محمودًا إذا وافق الشرع"[1].
 
والصبر عن محارم الله - تعالى - يحتاج إلى صبر البدن الذي لا ينفك عن صبر النفس، فمِن محارم الله: الكذب، والغِيبة، والغش، والنميمة، وأكل الربا، وأكل أموال الناس بالباطل، وأكل مال اليتيم، والزنا، والقتل، وشرب الخمر، ولعب الميسر، وغير ذلك من المحرَّمات، فإذا وقع في النفس فعلٌ من هذه المحرَّمات كان للبدن دورٌ آخر ومهم، وهو فعل هذا المحرم، فالنفس أمَّارة بالسوء، فإن تُرِكت وقع البدن في شرِّها، ولكلٍّ من الصبر بالبدن على الطاعة، والصبر بالبدن عن محارم الله - تعالى - ثمرةٌ، وهذه الثمرة هي النصر على الأعداء؛ لأن مَن يصبر على الطاعة ويصبر عن الشهوات ومحارم الله - تعالى - فإنه يصبر أمام العدو في ميدان المعركة، ولا يولي دبرَه كما يفعل المنافقون والخبثاء والمتسلطون؛ لأنهم لم يتمرَّنوا على الصبر في الطاعة وعن محارم الله - تعالى - أما المؤمن المتمرن على الطاعة باستمرار، فإنه يوم المعركة يكون قويَّ البنيان، يتحمل المشقة ولو كان ضعيف البدن، لا ينظر إلى ضربة سهم في جسده، ولا قطع شيء منه؛ لأنه يعلم أن نهاية الأمر جنة أو نصر، فالنصر على الأعداء يأتي من الصبر على الطاعة وعن محارم الله - تعالى - فهما البداية.
 
وزيادة على ذلك أن المسلم الصابر على الطاعة، وعن محارم الله - تعالى - فإن ثوابه عظيم في الدنيا والآخرة، فهو مغفرة للذنوب؛ فعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مسلم يُصِيبه أذًى من مرض فيما سواه، إلا حطَّ الله به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها))؛ (متفق عليه)، وعن أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما يُصِيب المسلمَ من نصبٍ، ولا وَصَب، ولا هَمٍّ، ولا حَزَن، ولا أذًى، ولا غَم، حتى الشوكة يشاكُها إلا كفَّر الله بها من خطاياه))؛ (متفق عليه)، فمن كسرت يده أو قدمه، أو أصيب بضربة سهم، أو سيف، أو رمح، وصبر على ذلك، فإن الله - تعالى - يمحو بهذا الخطايا والذنوب، وقد جمع الله - تعالى - الصبر في الجهاد، قال - تعالى -: ﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 110].
 
والصبر بالبدن واجبٌ عند لقاء العدو، ولن يولِّي أحدٌ ظهره عند لقاء العدو، إلا إذا كان جازعًا لا يستطيع الصبر، وهذا إن دلَّ فإنما يدل على أن المسلم الذي لا يستطيع الصبر في القتال فهو في الأصل لا يستطيع الصبر على طاعة الله - تعالى - وعن محارمه، أما المؤمن الصابر على طاعة الله - تعالى - وعن محارمه، فهو الذي يقاتل بشجاعة وبرجولة، دون خوف من قتل أو أذى، قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ [الأنفال: 15]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، وكما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)).
 
فلن يأتي النصر إلا بالصبر؛ صبر النفس، وصبر النفس مع البدن، ولن يَنَال ذلك إلا مَن كان صابرًا على طاعة الله - تعالى - وعن محارمه وعلى أقدار الله - تعالى - فالنصر لا يأتي لقوم تركوا الصبر وانغمسوا في وساوس الشيطان الذي يحاول إقناعهم بأن الطاعة ثقيلة على البدن والنفس؛ لِما فيها من مشقة وتعب وجهد، ليوقعهم في محارم الله - تعالى - والتي يزيِّنها لهم ويجزعهم من أقدار الله - تعالى - ولن ينال النصرَ إلا مَن صبر ببدنه ونفسه، فالعدو يستعدُّ بالقوة المسلحة، ونحن نستعد بالقوة النفسية والبدنية، والغلبة لقوة النفس والبدن، ((المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف))، فلا يُنصَر على الأعداء - وعلى رأسهم بنو صهيون - إلا مَن درَّب نفسه على الصبر مستعينًا بقوة الله - تعالى - وفضلِه وجنَّته.
 
وهناك رسالةٌ أبعثها لمَن يريد الإمامة والزعامة والقيادة، ولن أجد أفضل مما قاله الدكتور خالد أبو شادي في كتابه (صفقات رابحة)، عن استحقاق الإمامة في الدين: (...
قال - تعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ﴾ [السجدة: 24]، فجعل الله - سبحانه وتعالى - الصبرَ شرطًا للإمامة في الدين، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إمام الأئمة، كان جبل صبرٍ يتحرَّك، بل لو كان الصبر رجلاً لغار من النبي - صلى الله عليه وسلم - صبر على الفقر والجوع، حتى يربط على بطنه الحجر والحجرين، وصبر على فَقْد الزوج والولد، وصبر على إيذاء قومه له سبًّا وضربًا، وصبر على إخراجِه من بلده، وصبر على فَقْد أصحابه أمام عينيه والتمثيل بهم، وصبر على قَذْفه في عرضه، واتِّهامه في أحب الخلق إليه عائشة - رضي الله عنها - صبر على كل هذا، وترك لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه التَّرِكة، ولكلٍّ من ورثته فيها نصيب، بحسب قربه منه، فعلى قدر صبرِك تحدَّد درجة قرابتك.
 
وكان الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - آية من آيات الله في الثبات على الحق، والصبر على البلاء أثناء محنة القرآن، حتى قيل: نصَر الله هذا الدين بأبي بكر يوم الردة، وبأحمد يوم المحنة، واستحقَّ بهذا الصبر أن ينصب إمامًا للعامة، ولئن حال بطش الظالمين دون ظهور ذلك في حياته فقد جُلِّي في مماته؛ فالإمام كان خيرًا للبشرية جمعاء، وهذا شرف والله لهو شرف الدنيا قبل شرف الآخرة، ولم تكن جنازة الإمام جنازةً ساقها مشيِّعوها إلى قبرها، بل موكب عرس زَفَّ فيه المحبُّون محبوبَهم إلى الجنة المنتظرة له على شوق، فالْمَحْ آخرَ طريق الصبر تسلكْ أوله، وتصل إلى ما وصل إليه أحمد وإخوان أحمد)
؛ انتهى.
 
ومن هذا المنطلق لا بدَّ أن نقول: إن الصبر طريق للنصر في ميدان المعركة أمام الأعداء، وطريق النصر في ميدان المعركة أمام الشيطان وأعوانه من الظالمين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38].
 
مأثورات عن الصبر:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله - عز وجل -: إذا وجَّهت إلى عبدٍ من عبيدي مصيبةً في بدنه، أو ماله، وولده، ثم استقبل ذلك بصبر جميل، استحييتُ منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانًا أو أنشر له ديوانًا)).
 
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((انتظار الفرج بالصبر عبادة)).
موضوع؛ السلسلة الضعيفة (1572).
 
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من عبد مؤمنٍ أُصِيب بمصيبة، فقال كما أمر الله - تعالى -: ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾، اللهم آجِرْني بمصيبتي، وأعقبني خيرًا منها، إلا فعل الله به ذلك)).
 
كما روي عن الرُّمَيصاء أم سليم - رحمها الله - أنها قالت: توفِّي ابن لي، وزوجي أبو طلحة غائب، فقمت فسجَّيته في ناحية البيت، فقَدِم أبو طلحة، فقمت فهيأت له إفطاره، فجعل يأكل، فقال: كيف الصبي؟ قلت: بأحسن حال بحمد الله ومنه، فإنه لم يكن منذ اشتكى بأسكن منه الليلة، ثم تصنَّعتُ له أحسن ما كنت أتصنَّع له قبل ذلك، حتى أصاب مني حاجته، ثم قلت: ألا تعجب من جيراننا! قال: ما لهم؟ قلت: أُعِيروا عاريةً فلما طُلِبت منهم واستُرجِعت جَزَعوا، فقال: بئس ما صنعوا! فقلت: هذا ابنُك كان عارية من الله - تعالى - وإن الله قد قبضه إليه، فحمِد الله واسترجع، ثم غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: ((اللهم بارك لهما في ليلتهما))، قال الراوي: فلقد رأيت لهم بعد ذلك في المسجد سبعة أفراد، كلهم قد قرؤوا القرآن.
 
وروى جابر أنه - عليه السلام - قال: ((رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرُّمَيْصاء امرأة أبي طلحة)).
 
وقال داود - عليه السلام -: (يا رب، ما جزاء الحزين الذي يصبر على المصائب ابتغاء مرضاتك؟ قال: جزاؤه أن ألبسه لباس الإيمان، فلا أنزعه عنه أبدًا).
 
قال بعض الصحابة - رضوان الله عليهم -: "ما كنا نعدُّ إيمان الرجل إيمانًا إذا لم يصبِر على الأذى".
 
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "الصبر في القرآن على ثلاثة أوجه: صبر على أداء فرائض الله - تعالى - فله ثلاثمائة درجة، وصبر عن محارم الله - تعالى - فله ستمائة درجة، وصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى فله تسعمائة درجة".
 
قال أبو سليمان: "والله، ما نصبر على ما نحب، فكيف نصبر على ما نكره؟".
 
قال عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - في خطبته: "ما أنعم الله على عبدٍ نعمةً فانتزعها منه وعوَّضه منها الصبر، إلا كان ما عوضه منها أفضل مما انتزع، وقرأ: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]".
 
سئل الفضيل عن الصبر، فقال: هو الرضا بقضاء الله، قيل: وكيف ذلك؟ قال: الراضي لا يتمنَّى فوق منزلته.
 
قيل: حُبِس الشبلي - رحمه الله - في المارستان، فدخل عليه جماعة، فقال: مَن أنتم؟ قالوا: أحباؤك جاؤوك زائرين، فأخذ يرميهم بالحجارة فأخذوا يهربون، فقال: لو كنتم أحبائي لصبرتم على بلائي.
 
كان بعض العارفين في جيبه رقعةٌ يُخرِجها كل ساعة ويطالعها، وكان فيها: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [الطور: 48].
 
أرسل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري رسالةً جاء فيها: "عليك بالصبر، واعلم أن الصبر صبران، أحدهما أفضل من الآخر: الصبر في المصيبات حسن، وأفضل منه الصبر عما حرم الله - تعالى - واعلم أن الصبر ملاك الإيمان، وذلك بأن التقوى أفضل البر، والتقوى بالصبر.
 
قال علي - رضي الله عنه -: "بني الإيمان على أربع دعائم: اليقين، والصبر، والجهاد، والعدل"، وقال أيضًا: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا جسد لمن لا رأس له، ولا إيمان لمن لا صبر له".
 
كان عمر - رضي الله عنه - يقول: "نِعْم العدلان، ونِعْمَت العلاوة للصابرين؛ يعني بالعدلين الصلاة والرحمة، وبالعلاوة ما يحمل فوق العدلين على البعير، وأشار به إلى قوله - تعالى -: ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 157].
 
كان حبيب بن أبي حبيب إذا قرأ هذه الآية: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44]، بكى وقال: واعجباه، أعطَى وأثنَى؛ أي: هو المعطي للصبر، وهو المثني.
 
قال أبو الدرداء: ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضا بالقدر.
 
يقال: إن امرأة فتحٍ الموصلي عثرت فانقطع ظفرها فضحكت، فقيل لها: أما تجدين الوجع؟ فقالت: إن لذة ثوابه أزالت عن قلبي مرارة وجعه.
 
يروى عن بعض الصالحين أنه خرج يومًا وفي كمه صرَّة، فافتقدها، فإذا هي قد أخذت من كمه، فقال: بارك الله له فيها، لعله أحوج إليها مني.
 
وروي عن بعضهم أنه قال: مررتُ على سالم مولى أبي حذيفة في القتلى، وبه رمق، فقلت له: أسقيك ماءً؟ فقال: جرَّني قليلاً إلى العدو، واجعل الماء في الترس، فإني صائم، فإن عشت إلى الليل شربته.
 
كتب ابن أبي نجيح يعزِّي بعض الخلفاء: إن أحق مَن عَرَف حق الله - تعالى - فيما أخذ منه مَن عظم حق الله - تعالى - عنده فيما أبقاه له، واعلم أن الماضي قبلك هو الباقي لك، والباقي بعدك هو المأجور فيك، واعلم أن أجر الصابرين به فيما يصابون به أعظم من النعمة عليهم فيما يعافون منه.
 
قال الجُنَيد: السير من الدنيا إلى الآخرة سهلٌ على المؤمن، وهجران الخلق في حب الحق شديد، والسير من النفس إلى الله - تعالى - صعب شديد والصبر مع الله أشد.



[1] إحياء علوم الدين للغزالي.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١