أرشيف المقالات

من سلسلة أحاديث رمضان حديث: تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
سلسلة دروس أحاديث رمضان في فضل خير العصور
حديث: تَسمعونَ ويُسمعُ منْكم، ويسمعُ مِمَّن سمعَ منْكم

عن عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَسمعونَ ويُسمعُ منْكم، ويسمعُ مِمَّن سمعَ منْكم)[1].
 
الشرح:
في هذا الحديث يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجيال، وهم العصور الذهبية المتقدم ذكرهم في الحديث الأول، وقد قيَّد السماع بهم، فقد ذكر ثلاثة أجيال فلو جمعنا بين الحديثين، أي: الحديث الأوَّل وهذا الحديث، لوجدنا أنَّ الكلام على نفس الفئة المطهَّرة المزكَّاة وهم أهل القرون الذهبية، فقال: تسمعون، أي: تسمعون مني يا أصحابي، ويُسمع منكم، أي: التابعون سيسمعون منكم؛ إذ هم من خير العصور علمًا وتقوًى وديانةً، ثم قال: ويُسمع ممن سمع منكم: وهم أتباع التابعين الذين تمَّ تعديلهم من قِبَلِي.
 
وكأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار في هذا الحديث إلى اتصال السند وقوَّته فيهم، وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول: هؤلاء هم الذين يؤخذ العلم منهم؛ لأنهم حملوه بالسند المتصل، وهم معدلون بتعديل الله تعالى وتعديلي، فانظروا في عدالة من بعدهم، وأنَّ الخبر الآتي من هذه العصور مقطوع بصحَّة ما دام سنده متصلًا، فعضوا عليه بالنواجذ.
 
وسيأتي في الأحاديث القادمة إن شاء الله تعال، دلالات واضحة تبيِّن أنَّ أصحاب تلك العصور المكرَّمة هم خير الناس، وأنَّ العدل منهم بجماعة ممن هم بعدهم.
 
وأنَّ قول بعض أهل العلم المتقدمين إذا ما سمع الرأي في المسألة عن التابعين وكان قد خالفهم فيه، قال: هم رجال ونحن رجال.
 
فهذا الأمر ليس على إطلاقه، وإن ثبت وقاله أبو حنيفة، فهو من التابعين[2]، وعليه فهو من خير العصور رضي الله عنه، وأمَّا غيره، فلا يجوز له قول ذلك، ويجوز مخالفة الأئمة الأعلام للتابعين في فتواهم، إن كان له دليلٌ أصوب من دليل التابعي، ولكنَّ هذا لا يجعله يرتقي إلى مستوى التابعين أو أتباعهم في فضلهم، ففضلهم محصور فيهم.



[1] صحيح: أخرجه أبو داود (3659)، وأحمد (2947)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، وقال البزار في البحر الزخار 11/ 266: روي من وجه آخر، وهذا الإسناد أحسن من الإسناد الذي يروى في ذلك، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1784.


[2] الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ ولد سنة: 80هـ وقيل: إنه رأى عددا من الصحابة منهم أنس بن مالك، وهذا ممكن، فإن بعض الصحابة عاش إلى سنة اثنين ومائة، وقيل عشر ومائة، وهو أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي الذي توفي بمكة المكرمة ـ حرسها الله تعالى ـ جاء في كتاب: منازل الأئمة الأربعة للأزدي: قال أبو حنيفة: حججت مع أبي سنة ست وتسعين، ولي ست عشرة سنة، وإذا أنا بشيخ قد اجتمع الناس عليه، فقلت لأبي: من هذا الرجل؟ فقال: هذا رجل قد صحب محمدا صلى الله عليه وسلم يقال له عبد الله بن الحارث".
وذكر الشيرازي في طبقات الفقهاء أبا حنيفة في فقهاء التابعين بالكوفة، فقال: كان في أيامه أربعة من الصحابة: أنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى الأنصاري وأبو الطفيل عامر ين واثلة وسهل بن سعد الساعدي، وجماعة من التابعين كالشعبي والنخعي وعلي بن الحسين وغيرهم، وقد مضى تاريخ وفاتهم، ولم يأخذ أبو حنيفة عن أحد منهم.
اهـ..
وإن صحَّ أنَّ أبا حنيفة من التابعين، فمالك ابن أنس من أتباع التابعين لصحبته لأبي حنيفة فرضي الله عن الجميع.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢