تفسير: (قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث)
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
تفسير قوله تعالى: ﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾
(سورة البقرة: الآية 71)
إعراب مفردات الآية [1]:
(قال إنّه يقول إنّها بقرة) مرّ إعرابها.
(لا) نافية (ذلول) نعت لـ(بقرة) مرفوع مثله، (تثير) فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (الأرض) مفعول به منصوب الواو عاطفة (لا) نافية (تسقي) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (الحرث) مفعول به منصوب (مسلّمة) نعت لـ(بقرة) مرفوع مثله (لا) نافية للجنس (شية) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب (في) حرف جرّ و(ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا.
(قالوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ..
والواو فاعل (الآن) ظرف زمان مبنيّ على الفتح في محلّ نصب متعلّق بـ(جئت) وهو فعل وفاعل (بالحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (جئت) والباء للتعدية.
الفاء عاطفة (ذبحوا) مثل قالوا و(ها) مفعول به الواو حاليّة (ما) نافية (كادوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ..
والواو اسم كاد (يفعلون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل.ـ
روائع البيان والتفسير:
﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا ﴾ قال السعدي في تفسيره للآية ما نصه:
﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ ﴾ أي: مذللة بالعمل، ﴿ تُثِيرُ الأرْضَ ﴾ بالحراثة ﴿ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ ﴾ أي: ليست بساقية، ﴿ مُسَلَّمَةٌ ﴾ من العيوب أو من العمل ﴿ لا شِيَةَ فِيهَا ﴾ أي: لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم.
اهـ[2]
وزاد القرطبي وقال:
قوله تعالى: ﴿ مُسَلَّمَةٌ ﴾ أي هي مسلمة.
ويجوز أن يكون وصفا، أي أنها بقرة مسلمة من العرج وسائر العيوب، قاله قتادة وأبو العالية.
ولا يقال: مسلمة من العمل لنفى الله العمل عنها.
وقال الحسن: يعنى سليمة القوائم لا أثر فيها للعمل.
قوله تعالى: ﴿ لا شِيَةَ فِيها ﴾ أي ليس فيها لون يخالف معظم لونها، هي صفراء كلها لا بياض فيها ولا حمرة ولا سواد، كما قال:" فاقِعٌ لَوْنُها".
اهـ[3]
﴿ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ قال السعدي - رحمه الله - في تفسيرها ما نصه:
﴿ قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ﴾ أي: بالبيان الواضح، وهذا من جهلهم، وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة، فلو أنهم اعترضوا أي بقرة لحصل المقصود، ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم، ولو لم يقولوا "إن شاء الله " لم يهتدوا أيضا إليها، ﴿ فَذَبَحُوهَا ﴾ أي: البقرة التي وصفت بتلك الصفات، ﴿ وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ بسبب التعنت الذي جرى منهم.اهـ[4]
وزاد ابن العثيمين بياناً شافياً في تفسيرها فقال - رحمه الله -:
﴿ الْآنَ ﴾ اسم زمان يُشار به للوقت الحاضر؛ فمقتضى كلامهم أنه أولاً أتى بالباطل، وقد صدّروا هذه القصة بقولهم ﴿ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ﴾؛ يعني الآن عرفنا أنك لست تستهزئ؛ وإنما أنت صادق؛ هذا هو المتبادر من الآية الكريمة، وليس بغريب على تعنتهم أن يقولوا مثل هذا القول؛ وقال بعض المفسرين اتقاءً لهذا المعنى البشع: إن المراد بقولهم: ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ أي بالبيان التام.
أي الآن بينت لنا أوصافها، فجعلوا "الحق" هنا بمعنى البيان؛ ولكن الصواب أن "الحق" هنا ضد الهزء، والباطل؛ يدل على ذلك أنهم صدروا هذه القصة بقولهم: ﴿ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ﴾؛ فبعد هذه المناقشات مع موسى، والسؤالات، وطلب الله عزّ وجلّ قالوا: الآن جئت بالحق، وعرفنا أنك لست مستهزئاً بنا؛ بل إنك جادّ فيما تقول.
اهـ[5]
[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق ( 1/159 )
[2] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي- الناشر: مؤسسة الرسالة ( 1/ 55 )
[3] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي- الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة ( 1 /454 )
[4] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 55 )
[5] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 173 )