أرشيف المقالات

تفسير سورة الحشر كاملة

مدة قراءة المادة : 13 دقائق .
تفسير سورة الحشر كاملة
 

معاني مفردات الآيات الكريمة من (1) إلى (3) من سورة "الحشر":
﴿ سبَّح لله ما في السماوات وما في الأرض ﴾: عظم الله ونزَّهه عن كل نقص كل موجود من ملك وإنسان وحيوان ونبات وجماد.
﴿ الذين كفروا من أهل الكتاب ﴾: هم يهود بني النضير قرب المدينة.
﴿ لأول الحشر ﴾: في أول إخراج لهم من جزيرة العرب إلى الشام وخيبر.
﴿ ما ظننتم أن يخرجوا ﴾: لم تظنُّوا أيها المؤمنون أنهم سيخرجون من أوطانهم في ذلٍّ وفقر.
﴿ وظنُّوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ﴾: وظنَّ هؤلاء اليهود أن البيوت المتينة التي كانوا يجتمعون فيها سوف تدفع عنهم عذاب الله، وأنه لن يستطيع أحد أن يخرجهم منها.
﴿ فاعتبروا ﴾: فاتعظوا.
﴿ يا أولي الأبصار ﴾: يا أصحاب العقول.
﴿ الجلاء ﴾: الخروج من الوطن.
 
مضمون الآيات الكريمة من (1) إلى (3) من سورة "الحشر":
بدأت هذه الآيات بتعظيم الله - سبحانه وتعالى - وتمجيده من جميع الكائنات التي تشهد وتدل على قدرته - سبحانه وتعالى - ووحدانيته، وتنطق بعظمته وقدرته في إخراج اليهود من ديارهم وأوطانهم في ذل وفقر بعد عزٍّ وغنى، بعد أن كانوا يعيشون في حصون منيعة وقلاع متينة.
 
دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (1) إلى (3) من سورة "الحشر":
1- كل شيء في الوجود يسبِّح بحمد الله - سبحانه وتعالى - وإن كنَّا لا نفهم تسبيحه.
 
2- كان إخراج بني النضير من المدينة بلا مال، إلا ما حملته إبلهم، وبلا سلاح، جزاءً عادلاً على ما ارتكبوه في حق الإسلام والرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم همُّوا بقتله، لولا أن الله - سبحانه وتعالى - حفظه من شرهم، وكانت هذه أول مرة في تاريخهم يخرجون فيها من الجزيرة العربية إلى أرض الشام وخيبر مشرّدين في ذلٍّ وفقر.
 
3- ما فعله المسلمون بنخيل اليهود من تقطيع أو إحراق كان بأمر الله - سبحانه وتعالى - لإذلال هؤلاء اليهود وعقابهم على غدرهم وخيانتهم، وليس ذلك مبدأً عامًّا مقررًا في الشريعة الإسلامية، بل في حالات خاصة كحالة يهود بني النضير هذه.
 
4- ما فعله اليهود في صدر الإسلام، وعلى مرِّ التاريخ وما يفعلونه اليوم بأبناء فلسطين يدل على كراهيتهم للإسلام، وحقدهم على المسلمين.

 
معاني مفردات الآيات الكريمة من (4) إلى (9) من سورة "الحشر":
﴿ شاقوا الله ورسوله ﴾: خالفوهما وعصوا أمرهما ونقضوا العهد.
﴿ ما قطعتم من لينة ﴾: ما قطعتم أيها المؤمنون من شجرة نخيل.
﴿ قائمة على أصولها ﴾: باقية على سيقانها.
﴿ وليخزي الفاسقين ﴾: وليغيظ اليهود ويذلهم ويضاعف من حسرتهم على أعز أموالهم.
﴿ وما أفاء الله على رسوله منهم ﴾: كل ما أعاده الله وردَّه على رسوله من أموال يهود بني النضير.
﴿ فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركاب ﴾: لم تتعبوا في تحصيله ولم تقاتلوا عليه بخيلٍ ولا إبل.
﴿ أهل القرى ﴾: هم بنو قريظة والنضير وفدك وخيبر وجميع البلدان التي تفتح هكذا بدون حرب ويأخذ المسلمون أموالهم بدون قتال.
﴿ فلله ﴾: فحكم هذه الأموال المأخوذة من الكفار بدون قتال أنها لله - سبحانه وتعالى - يضعها حيث يشاء.
﴿ وللرسول ﴾: ينفقها على نفسه وأهله وعلى مصالح المسلمين.
﴿ ولذي القربى ﴾: ولأقرباء الرسول من بني هاشم وعبد المطلب.
﴿ ابن السبيل ﴾: الغريب المنقطع في سفره.
﴿ كي لا يكون دولة ﴾: حتى لا ينتفع بهذا المال الأغنياء فقط ويحرم منه الفقراء.
﴿ الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ﴾: هم المهاجرون الذين أخرجهم أهل مكة من أوطانهم، فهاجروا إلى المدينة تاركين ديارهم وأموالهم.
﴿ تبوؤوا الدار والإيمان ﴾: سكنوا المدينة المنورة وأقاموا فيها قبل المهاجرين، وأخلصوا الإيمان، وهم الأنصار.
﴿ ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أتوا ﴾: ولا يجد هؤلاء الأنصار في قلوبهم غيظًا ولا حسدًا على المهاجرين الأنصار إخوانهم المهاجرين على أنفسهم.
﴿ ولو كان بهم خصاصة ﴾: ولو كانوا في أشد الحاجة إلى المال.
﴿ ومن يوقَ شُحَّ نفسه ﴾: ومن يجنبه الله ويحميه بخل نفسه وشدَّة حرصها على المنع.
 
مضمون الآيات الكريمة من (4) إلى (9) من سورة "الحشر":
تحدَّثت هذه الآيات عن الأموال التي تؤخذ من الكفار بدون قتال، ووضحت أحكامها، والحكمة من تخصيصها بالفقراء؛ حتى تتحقق المصلحة العامة، ومدحت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنصار الذين ساعدوا إخوانهم المهاجرين بأموالهم وفضلوهم على أنفسهم؛ حبًّا لله - سبحانه وتعالى - ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وذكرت التابعين لهم وهم يتضرعون إلى الله - سبحانه وتعالى - بالدعاء لأنفسهم ولمن سبقوهم بالإيمان.
 
دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (4) إلى (9) من سورة "الحشر":
1- للمهاجرين فضلٌ عظيم ومكانة عالية؛ حيث تركوا أرضهم وديارهم وأموالهم من أجل الدين.
وللأنصار فضل عظيم ومكانة عالية؛ حيث ساعدوا إخوانهم المهاجرين، وآثروهم على أنفسهم.
 
2- من الأسس التي قامت عليها الأمة المسلمة التكافل والتعاطف والترابط بين جميع أفرادها وطبقاتها، والشعور برابطة القربى العميقة التي تتخطَّى الزمان، والمكان، والجنس، والنسب.

 
معاني مفردات الآيات الكريمة من (10) إلى (16) من سورة "الحشر":
﴿ والذين جاؤوا من بعدهم ﴾: هم النوع الثالث من المؤمنين الذين يستحق فقراؤهم مال الفيء، وهم التابعون للمؤمنين السابقين بإحسان إلى يوم القيامة.
﴿ غِلاًّ ﴾: حِقْدًا وبغضًا وغشًّا.
﴿ يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب ﴾: يقولون ليهود بني النضير الذين هم إخوانهم في الكفر.
﴿ ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا ﴾: ولا نطيع أمر أحد في قتالكم.
﴿ ولئن نصروهم ليولنَّ الأدبار ﴾: وحتى إذا جاؤوا لنصرتهم والقتال معهم فسوف يفرون وينهزمون.
﴿ لأنتم أشدُّ رهبة في صدورهم من الله ﴾: وإن المنافقين يخافون من المسلمين أكثر من خوفهم من الله.
﴿ بأنهم قوم لا يفقهون ﴾: بسبب أنهم لا يعلمون عظمة الله ولا يؤمنون حق الإيمان.
﴿ قرًى محصنة ﴾: قرى محاطة بالأسوار والخنادق.
﴿ أو من وراء جدر ﴾: أو من وراء الحيطان.
﴿ بأسهم بينهم شديد ﴾: عداوتهم شديدة لبعضهم وقتالهم فيما بينهم.
﴿ تحسبهم جميعًا ﴾: تظنُّ أنهم متَّحدون.
﴿ وقلوبهم شتَّى ﴾: وقلوبهم متفرِّقة وآراؤهم متضاربة.
﴿ وبال أمرهم ﴾: سوء عاقبة كفرهم.
﴿ إذ قال للإنسان اكفر ﴾: عندما حرَّض الإنسان على الكفر، ثم تخلَّى عنه.
 
مضمون الآيات الكريمة من (10) إلى (16) من سورة "الحشر":
تحدَّثت هذه الآيات الكريمة عن المنافقين الذين تعاهدوا مع اليهود ضد المسلمين، ومثلتهم بالشيطان الذي يحاول إغراء الإنسان بالكفر، ثم يتخلَّى عنه، وهكذا المنافقون لا يوفون بوعد، ووعظت المؤمنين بتقوى الله وعدم التشبه بهؤلاء الفاسقين؛ وأنه لا يتساوى أهل النار وأهل الجنَّة.
 

دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (10) إلى (16) من سورة "الحشر":
1- القرآن الكريم معجزة خالدة، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - رسول من رب العالمين، أيده الله - سبحانه وتعالى - بالمعجزات الدالة على صدقه، ومن ذلك ما أخبر به عمَّا في نفوس اليهود واتفاق المنافقين مع اليهود سرًّا، وعن هزيمة اليهود والمنافقين وخيانة المنافقين لهم قبل أن تقع، وفي ذلك إخبار بالغيب.
 
2- من صفات اليهود والمنافقين الجبن، واتخاذ أقوى أدوات القتال؛ من شدة فزعهم من المسلمين، وأنهم يتظاهرون بالتوحد والاتفاق، بينما هم في الحقيقة متفرقون مختلفون في الآراء والأهواء، فعلى المسلمين ألاَّ ينخدعوا بهذا المظهر، وأن يتنبهوا إلى هذه الحقائق في تعاملهم مع يهود هذا العصر.

 
معاني مفردات الآيات الكريمة من (17) إلى (24) من سورة "الحشر":
﴿ فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ﴾: فكان مصير المنافقين واليهود مثل مصير الشيطان والإنسان الكافر، حيث صاروا جميعًا إلى النار لا يخرجون منها.
﴿ ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغد ﴾: ليحاسب كل إنسان نفسه على ما عمل من الأعمال الصالحة، استعدادًا ليوم القيامة.
﴿ لرأيته خاشعًا متصدِّعًا من خشية الله ﴾: لخضع الجبل وتشقق خوفًا من الله وتأثرًا بعظمة القرآن وما فيه.
﴿ الأمثال ﴾: توضيح المعاني وتشبيه الأشياء بأشياء أخرى.
﴿ نضربها للناس ﴾: نوضحها للناس.
﴿ والشهادة ﴾: ما شاهده العباد وعلموه.
﴿ الملك ﴾: المالك لكل شيء والمتصرِّف في جميع المخلوقات.
﴿ القدُّوس ﴾: المتنزِّه عن القبائح وعن كل صفات المخلوقين، ولا يمكن أن يكون به نقص أو عيب.
﴿ السلام ﴾: الذي سلم من كل عيب ونقص، ولا يظلم أحدًا.
﴿ المؤمن ﴾: المصدق لرسله بالمعجزات التي يظهرها على أيديهم والذي يأمنه خلقه؛ لأنه لا يظلمهم.
﴿ المهيمن ﴾: الرقيب على كل شيء، والشهيد على عباده بأعمالهم.
﴿ العزيز ﴾: القادر الذي لا يُغلب.
﴿ الجبار ﴾: العظيم القهّار الذي يفعل ما يريد، ويخضع كل شيء له.
﴿ المتكبِّر ﴾: عظيم الكبرياء والعلوّ.
﴿ البارئ ﴾: المخترع المبدع فلم يسبقه أحد يصنع شيء.
﴿ المصوِّر ﴾: خالق الأشياء ومصورها على حسب ما يريد.
﴿ له الأسماء الحسنى ﴾: لله وحده الأسماء التي تدل على أحسن المعاني وأشرف الصفات.
 
مضمون الآيات الكريمة من (17) إلى (24) من سورة "الحشر":
ختمت السورة ببيان عظمة القرآن وأثره، وعظمة الله - عز وجل - وإثبات وحدانيته وصفات الكمال له، وتنزيهه - سبحانه وتعالى - عن كل نقص أو عيب.
 
دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (17) إلى (24) من سورة "الحشر":
1- للقرآن الكريم تأثير عظيم بما فيه من وعد ووعيد، وحكم بالغة، وعظات وعبر، وتشريع حكيم تخشع له القلوب، وتلين له الجلود، ومن لا يتأثر بعظمة القرآن فهو بليد الإحساس ضعيف الإيمان.
 
2- الله - سبحانه وتعالى - له كل صفات الكمال، وهو الإله الواحد الذي لا شريك له ولا شبيه له ولا مثيل له ولا يشبه أحدًا من خلقه، وهو منزَّه عن كل نقص أو عيب لا يليق بجلاله وكماله، والكائنات كلها تشهد بوجوده ووحدانيته، وترشد العقول إلى حقيقة قدرته البالغة.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن