أرشيف المقالات

احترام المسلمين

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2احترام المسلمين   الحمد لله أهل الحمد ومستحقه، أحمده سبحانه الحمد اللائق بحقه، أحق وأكمل ما يحمده الحامد من خلقه.   أما بعد: فإن المسلم الذي يشهد شهادتنا، ويصلي صلاتنا، ويستقبل قبلتنا، ويأكل ذبيحتنا - مصون الدين والدم، محترم العرض والجسد والمال، فلا يجوز أن يُسب ويُؤذى، فضلًا عن أن يُعتدى عليه بشيء من هذه الأمور، إلا بحق الإسلام الثابت ببرهان شرعي واضح، وحجة قاطعة، بل الواجب حفظ حرمته ونصحه والنصح له حاضرًا أو غائبًا، حيًا أو ميتًا؛ ديانةً لله تعالى، وأداءً لحق المسلم، رغبة في المثوبة، وحذرًا من أليم العقوبة.   ولقد أثنى الله تعالى على أهل الإيمان الكامل بعفة اللسانِ وسلامة الجَنانِ وطِيب القول، والذلةِ على المؤمنين والرحمةِ بهم، والعزةِ على الكافرين، ووعدهم على ذلك رضوانه وفضله وكرامته.   وقال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن، أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره -، بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه، وعرضه، وماله»، رواه مسلم.   وعليه فمن حقوق أهل الإسلام على المسلم: 1- أن يسلموا من لعنه، أي: سبه وشتمه، والدعاء عليهم بغير حق شرعي ظاهر الحجة، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء»، وقال صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يرمي رجلٌ رجلًا بالفسق أو الكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه».   ويكفي قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، وما ذاك إلا لأن الذي يُكَفِّر، أو يُفَسِّق، أو يُبَدِّع بغير برهان قائل على الله تعالى بلا علم، لأنه إذا قال: فلان كذا، أي كافر، أو فاسق، أو مبتدع، فالمعنى أنه عند الله كذلك، ولا يخفى خطأ القول على الله بلا علم، وأنه أكبر الكبائر.   2- ترك ذكر الأموات من المسلمين بسوء؛ لأن ذلك من أذيتهم، والتعدي عليهم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا»، رواه البخاري.   3- ترك هجر المسلم فوق ثلاث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»، متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار»، رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري، وقال عليه الصلاة والسلام: «من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه»، رواه أبو داود بإسناد صحيح.   وإذا كان هذا شأن الهجر، فهو بين الأرحام والإخوان في الله أعظم إثمًا، وأشد جرمًا، إلا إذا كان الهجر لأمر ديني ترجحت مصلحته بكونه يردع المهجور عن غيه، ويعيده إلى رشده أو يزجر غيره عن فعله، أما إذا كان لأمر دنيوي أو حظ نفس، فلا يجوز فوق ثلاث، كما حدد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الهجر من أجل الدنيا، وحظ النفس فوق ثلاث يكسب الهاجر عظيم الإثم، ويحرمه من المغفرة، ويدخله النار، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا»، رواه مسلم.   4- ترك الغش في البيع والشراء والمشورة والنصيحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا»، رواه مسلم.   5- وجوب أداء الأمانة والحق، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وقال تعالى:﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ﴾ [البقرة: 283]، وقال صلى الله عليه وسلم: «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك»، وقال صلى الله عليه وسلم: «مطل الغني ظلم -[أي: منعه الحق الذي عليه لأخيه والتسويف بأدائه ظلم]- يحل عرضه وعقوبته».   6- احترامهم وترك احتقارهم والسخرية منهم، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11]، وقال تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]، وقال صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ - أي: يكفيه - من الشر أن يحقر أخاه المسلم» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «الكبر بطر الحق - أي: رده ودفعه - وغمط الناس - أي: احتقارهم -»، وقال صلى الله عليه وسلم: «قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان - أي: لاحتقاره في دينه وتزكيته لنفسه عليه وإعجابه بعمله -، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى عليّ - أي: يحلف ويجزم عليَّ أن لا أغفر لفلان -، فإني قد غفرت له، وأحبطت عملك»، رواه مسلم.   فالواجب على المسلم أن يعرف لأهل الإسلام حقهم، وأن يحذر من أذيتهم، وأن يتقرب إلى الله بحبهم والإحسان إليهم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير