أرشيف المقالات

أرجوزة منحة الأذكياء في نظم ما في القرآن من أسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

مدة قراءة المادة : 13 دقائق .
أرجوزة مِنْحة الأذْكِياءِ
في نظم ما في القرآن من أسماء الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام
 
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
فقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم خمسًا وعشرين نبيًّا ورسولًا بأسمائهم تصريحًا: ثمانية عشر نبيًّا ورسولًا منهم ذُكِرت أسماؤهم في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة الأنعام، وهم: إبراهيم وإسحاق ويعقوب ونوح وداود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل واليسع ويونس ولوط، في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 82 -86].
 
والباقون ذُكروا في سور متفرقة؛ وهم :آدم وهود وصالح وشعيب وإدريس وذو الكفل ومحمد صلى الله عليهم أجمعين.
وقد يسَّرَ الله تعالى نظمهم في هذه الأرجوزة بعد ترتيب أسمائهم على حروف المعجم، نفعني الله وإيَّاكم بها، وألحقنا بهم على خير، وهي هذه:
♦  ♦  ♦

 

1- أقول أرتجي رضاءَ المولى
من بعدِ بِسْم الله جلَّ الأعلى

2- حمدًا لمن حَبَى عظيمَ الفضْلِ
جميعَ أنبيائهِ والرُّسْلِ[1]

3- فإنهم خلاصةُ الأنامِ
وصفوةُ الخَلْقِ بلا إبهامِ

4- صلى عليهمُ الكريمُ ذو المننْ
مُسَلِّما مُبَاركًا طولَ الزمنْ

5- وبعدُ إن هذه أرجوزهْ
لطيفةٌ في بابها وجيزهْ

6- سميتُها: ((مِنْحة الَاذكياءِ
فيما لدى الذِّكْرِ[2] مِنَ انْبِياءِ[3])
)


7- وأسألُ اللهَ القَبولَ والرِّضى
والعفوَ عن ذنبيَ فيما قد مَضَى

♦  ♦  ♦

فصل


1- عِدَّتُهم عشرونَ زِدْهَا خَمْسا
فاضبطْ وحاذرْ يا أُخيَّ اللَّبْسا

2- أَوَّلُهم: آدمُ[4] ثم الآخِرُ
محمدٌ له المقامُ الفاخِرُ

3- رتبتُهم على حروفِ المعْجَمِ
لكونهِ الأضبطَ في التعلُّمِ

♦  ♦  ♦

 

1- آدمُ[5] بعدَهُ الخليلُ إِبْرَهَمْ[6]
إدريسُ إسحاقُ الكريمُ المُحْتَرَمْ[7]

2- يليه إسماعيلُ إلياسُ الْيَسَعْ[8]
أيوبُ داوودُ وذُو الكفلِ تَبَعْ

3- ثم أبو يحيى[9] سليمانُ شعَيْبْ
صالحُ عيسَى فاحْذَرَنَّ كلَّ عَيْبْ

4- لوطٌ محمدٌ خِتامُ الأنبيا
موسَى ونوحٌ عاشَ دَهرًا داعيا[10]

5- هارونُ هودُ ثم يحيَى يُعرَفُ
يعقوبُ ثم بعدَه قُل: يوسفُ

6- يونسُ ذو النُّونِ هو الأخيرُ
في ذلكَ الترتيبِ[11] يا خبيرُ[12]

7- صَلَّى عليهمْ ذو العُلى وسَلَّما
وكُلِّ مَنْ لنَهْجهمْ قدِ انْتمَى

8- نسألُ مولانا العظيمَ المِنَّةِ
رُفْقةَ الَانبياءِ في الآخرةِ

9- والمنَّ بالجوارِ في النعيمِ
للمُصطَفَى نَبيِّنا الكريمِ

10- وها هنا تمَّ نِظَامُ ((المنحةِ))
اغفرْ إلهي، واعفُ عن خطيئتي

11- بدأتُها بمكةَ المكَرَّمَهْ
والخَتْمُ في طابةَ نِعْمَ المَكرُمَهْ[13]

♦  ♦  ♦

فوائد:
الفائدة الأولى
الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام هو الركن الرابع من أركان الإيمان.
وفي ((بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض الأئمة من العلماء المتأخرين مع ضم فوائد جمة من كتب شتى للعلماء المجتهدين))؛ للشيخ عبدالرحمن بن محمد بن حسين بن عمر با علوي رحمه الله:
واعلم: أنه يجب الإيمان بالأنبياء إجمالًا فيما لم يرد فيه التفصيل، وتفصيلًا فيما ورد فيه ذلك، كالذين ورد ذكرهم في القرآن، وهم: خمسة وعشرون...إلخ[14].
♦  ♦  ♦

الفائدة الثانية
نظم مواضع ورود اسمَي النبي "محمد" و"أحمد" صلى الله عليه وسلم في القرآن:
قلتُ:

اسمُ "محمدٍ" أتى في الذِّكْرِ
أربعَ مراتٍ بغيرِ نُكرِ[15]

في "آل عمرانَ" معَ "الأحزابِ"
"محمدٍ"، و"الفتحِ" يا أحبابي

واسمهُ "أحمدَ" في "الصفِّ" فقطْ
سَادِسَهَا احفظْه، وكن ممن ضبطْ

♦  ♦  ♦

الفائدة الثالثة
نظم أحد العلماء عدد الأنبياء المذكورين في القرآن في مقطوعة مكونة من ثلاثة أبيات ميمية، وهي من الأبيات الطيَّارة، فقال:

حَتْمٌ عَلَى كُلِّ ذِي التَّكْلِيفِ مَعْرِفَةٌ
بِأَنْبِياءَ عَلَى التَّفْصِيلِ قَدْ عُلِمُوا

فِي "تِلْكَ حُجَّتُنَا" مِنْهُمْ: ثَمَانِيَةٌ
مِنْ بَعْدِ عَشْرٍ وَيَبْقَى سَبْعَةٌ وَهُمُ

إِدْرِيسُ هُودٌ شُعَيْبٌ صَالِحٌ وَكَذَا
ذُو الْكِفْلِ آدَمُ بِالْمُخْتارِ قَدْ خُتِمُوا[16]

♦  ♦  ♦
 
الفائدة الرابعة
للعلامة السجاعي الأزهري ت: 1197 هـ -رحمه الله- كتاب عن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- وهو شرحٌ لنظم له في ذلك، وأورد فيه نظمًا لغيره أيضًا، وسمَّاه: ((فتح المنان ببيان الرسل التي في القرآن))، مطبوع.
♦  ♦  ♦

الفائدة الخامسة
كل الأنبياء والرسل من الذكور؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 109].
 
وقوله جل وعلا: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].
 
وقوله سبحانه ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 7].
 
وحكى غير واحد الإجماع على أن مريم عليها السلام ليست نبيَّةً.
 
قال الإمام النووي رحمه الله في ((بستان العارفين)): قال الإمام أبو المعالي رحمه الله تعالى إمام الحرمين: ولم تكن مريم بنبية بإجماع العلماء، وكذا قاله غيره؛ بل كانت وليةً صدِّيقةً، كما أخبر الله تعالى عنها[17].
 
وقد نظمت هذه الفائدة، فقلت:

وَالأنبياءُ كلُّهم رِجالُ
وذاك نصُّ الآيِ[18] يا أبطالُ

وانعقدَ الإجماعُ أنَّ "مريما"[19]
ليستْ نبيةً، فكُن مُسَلِّمَا

♦  ♦  ♦

الفائدة السادسة
اختلف في نبوة جماعة؛ كلقمان والخضر وذي القرنين عليهم السلام، وغيرهم وبيان تفصيل الخلاف والترجيحات، يرجع إليها في المطولات[20].
♦  ♦  ♦

الفائدة السابعة
في مطولات كتب الأدب طرائف ونوادر تتعلق بمُدَّعِي النبوَّة، من الظريف مطالعتُها للاسترواح
ولشيخنا العلامة عبدالله الموجان - سلَّمه الله - كتاب مفرد مطبوع في هذا الباب.
♦  ♦  ♦

الفائدة الثامنة
للعلامة زين الدين عبدالرؤوف بن تاج العارفين الحدادي المناوي (952-1031 هـ) رحمه الله كتاب حافلٌ سمَّاه: ((فردوس الجنان في شمائل ومناقب الأنبياء المذكورين في القرآن))، طبع حديثًا في دبي.
♦  ♦  ♦

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأستغفر الله لي ولوالدي ولمشايخي ولسائر المسلمين، آمين.

[1] بإسكان السين لغة، وقرئ بها في المتواتر.

[2] الذكر: القرآن؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

[3] بالنقل.

[4] قال العلامة البعلي في المطلع على أبواب الفقه (ص: 273): أبو البشر أول نبي أرسل إلى أهل الأرض، خلقه الله تعالى بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته...إلخ.

[5] قُدِّم؛ لأن المد أوله عبارة عن همزتين، وأصله: أءْدم، فأبدلت الثانية ألفًا.

[6] لغة في إبراهيم، وفيه تسع لغات.
قال العلامة السمين الحلبي في ((الدر المصون)):
"إبراهيم": علَمٌ أَعْجَمي، قيل: معناه قبل النقلِ: أبٌ رحيمٌ، وفيه لغاتٌ تسعٌ، أشهرُها: "إِبْرَاهِيم" بألف وياء،
و"إبْراهَام" بألِفَيْن، وبها قرأ هشام وابنُ ذكوان في أحدِ وَجْهَيْهِ في البقرةِ.
الثالثة: "إِبْرَاهِم" بألفٍ بعد الراء وكسرِ الهاءِ دون ياءٍ، وبها قرأ أبو بكر.
الرابعة: "إِبْراهَم" كذلك، إلا أنه بفتحِ الهاءِ.
الخامسة: "إِبْراهُم" كذلك إلا أنه بضمِّها.
السادسة: "إبْرَهَم" بفتح الهاء من غير ألفٍ وياء.
السابعة: "إِبْرَاهُوم" بالواو"؛ الدر المصون: 2/ 83.
وقال العلامة البعلي في ((المطلع)): إبراهيم فيه ست لغات: إبراهيم وإبراهام وإبراهوم وإبراهِم وإبراهَم وإبرهَم، وقد نظمها أبو عبدالله ابن مالك فقال:
تثليثهم هاء إبراهيم صح بمد *** أو بقصر ووجهًا الضم قد عُرفا
وجمعه: أباره وبراهم وبراهمه، قال الماوردي: معناه بالسريانية: أب رحيم، قال الجوهري: وتصغيره: أبيره؛ لأن الألف أصل غير زائدة، وكذلك إسماعيل وإسرافيل، وهذا قول المبرد، وبعضهم يتوهم أن الهمزة زائدة إذا كان الاسم أعجميًّا لا يعلم اشتقاقه، فيصغره على: بريهم وسمعيل وسريفل، وهذا قول سيبويه، وهو حسن، والأول قياس، ومنهم من يقول: بريه بطرح الهمزة والميم؛ المطلع على أبواب الفقه (ص: 47).

[7] أو: يا عَلَمْ.

[8] وألف فيه من بنية الكلمة، ليست أل التعريفية؛ لذا ذُكر هنا، لا فيما أوله ياء، فليتنبه.

[9] زكريا عليه السلام، ذكرته بكنيته؛ لتعذُّر إيداع اسمه الشريف في النظم، وفرارًا من ارتكاب الضرورة بتسكين أحد حروفه.

[10] ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 14].

[11] أي: ترتيب أسمائهم الشريفة على وفق ترتيب حروف المعجم لا الترتيب الزمني.

[12] قلت أولًا بدل "خبير": "نِحْريرُ"، ثم وجدت هذه الفائدة في ((المزهر)) للعلامة السيوطي: قال الأصمعي يقول: النِّحْريرُ ليس من كلام العربِ، وهي كلمة مولدة؛ المزهر في علوم اللغة وأنواعها (1 / 243).
فعدلت عنها لما هو مُثبتٌ أعلاه، والله الموفق.

[13] لكونها نُظمت في الحرمين الشريفين، والبلدين المنيفين، ولله الحمد والمنة.

[14] ((بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض الأئمة من العلماء المتأخرين مع ضم فوائد جمة من كتب شتى للعلماء المجتهدين))؛ (ص 6).

[15] وقلت أيضًا:
في أربعٍ يا صاحِ دونَ نُكرِ

[16] التحرير والتنوير (24/ 211)، و(7/ 346)، وقال: ذَكَرَهَا الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْبَيْجُورِيُّ فِي مَبْحَثِ الْإِيمَانِ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى «جَوْهَرَةِ التَّوْحِيدِ».

[17] بستان العارفين للنووي (ص 59).

[18] أو: الذِّكْرِ.

[19] الألف للإطلاق.

[20] وينظر مثلًا: التحرير والتنوير (24/ 211).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١