فضل عبادة الليل على عبادة النهار
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
2فضل عبادة الليل على عبادة النهار
1- عبادة الليل غالبًا ما يتوفرُ فيها الإخلاص؛ لأن العبدَ يقوم في ظلمات الليل لا يراه أحدٌ؛ فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فضلُ صلاة الليل على صلاة النهارِ، كفضل صدقة السِّرِّ على صدقةِ العلانية))[1]. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضلُ الصيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاةُ الليل))[2]. 2- عبادة الليل أشقُّ على النفس، والمجاهدةُ تكون فيها أكثر؛ ولذلك يكون الأجرُ فيها أعظمَ؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ [المزمل: 6]. فإذا جاهد الإنسانُ نفسه في ذات الله، هداه اللهُ إلى الطريق القويم، ورفَعه إلى درجة المحسنين؛ قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]. 3- عبادة الليل يكون فيها مزيدُ تدبُّر وتفهم؛ لأن المشاغل غيرُ متوفرة، فيتواطأ فيها القلبُ واللسانُ على التفهُّم والتدبُّر. 4- الليل موسم لتنزُّل الرحمات، ولنزول رب الأرض والسموات، فعظمت العبادة فيه، وكان لها هذا الأثرُ؛ لأنه وقت فاضل. 5- عبادة الليل ترفَع الإنسان درجات؛ لأنها تجمع بين تخلية القلب من الرذائلِ بغفران الذنوب، وتحليته بالفضائل بكَسْب الحسنات. فوائد قيام الليل: 1- إن العبد إذا قام في الليل وصفَّ قدميه لمولاه عابدًا خاشعًا، سهُل عليه القيامُ يومَ يقوم الناس لربِّ العالمين، ومن استراح هنا تعِب هناك، والجزاء من جنس العمل. 2- من يُكثر القيام في الليل، وكان من الرجال، يزوِّجه اللهُ من الحور العين؛ تعويضًا له عن ترك الفراش الوثير والزوجة الحسناء، والتعبُّد لرب الأرض والسماء. 3- صحة جسم القائم، وصفاء رُوحه، وبهاء وجهه، قيل للحسن البصري - رحمه الله -: لِمَ كان المتهجدونُ أحسنَ الناس وجوها؟ قال: لأنهم خلَوْا بربهم فأعطاهم من نورِه. 4- الفتوحات الربانية، والتوفيقات الإلهية، والإلهامات الجلية تتمُّ بفضل قيام الليل؛ قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]. قال سري السقطي: الفوائدُ ترِدُ في ظُلَم الليل؛ اهـ. وكم من عالم استغلق على فهمه مسألةٌ، فقام يناجي ربَّه في جوف الليل، ففتَح الله عليه، ويسَّر له ما كان مستعسرًا من قبل. 5- يمتع الله - تعالى - القائمينَ الليل برؤية وجهِه الكريم يوم القيامة، قال الحسنُ البصري - رحمه الله -: "لو علم العابدون أنهم لا يرونَ ربهم، لذابوا".
[1] رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن؛ قاله المنذري في الترغيب (2/28). [2] رواه مسلم (8/54 نووي).