أرشيف المقالات

كيف يترك المسلم ما لا يعنيه؟

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2كيف يترك المسلم ما لا يعنيه؟   قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) رواه الترمذي وصححه الألباني.   فالمسلمون منقسمون في الإسلام إلى قسمين كما دل عليه فحوى هذا الحديث، فمنهم المحسن في إسلامه ومنهم المسيء: • فالمحسن من انشغل بما يعنيه من أمور الاسلام الظاهرة والباطنة. • والمسيء من انشغل بما لا يعنيه. • وما لا يعنى الانسان: هو ما لا يهمه ولا يفيده في دينه ودنياه من شؤون الآخرين وخصوصياتهم في كيفيات معايشهم ومقدار تحصيلهم من الدنيا وتفاصيل أحوالهم في أنفسهم وأولادهم ومشكلاتهم ونحو ذلك.   كيف رأى السلف هذا المعنى وكيف عملوا بهذا الحديث؟ • قال الدارقطني: أصول الأحاديث أربعة: الأعمال بالنيات، من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، الحلال بيِّن...، ازهد في الدنيا يحبك الله [1] عمدة الدين عندنا كلماتٌ أربعٌ من كلام خير البريةْ: اتق الشبهات وازهد ودع ما ليس يعنيك واعمل بنيةْ[2]   • دخلوا على أبى دجانة في مرضه ووجهه يتهلل فقيل له ما لوجهك يتهلل يرحمك الله فقال: ما من عمل أوثق عندي من خصلتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني وكان قلبي سليماً للمسلمين [3]   • أحد السلف لما أراد أن يطلق زوجته لأمر ما فقيل له: لم تطلقها؟ قال: أنا لا أهتك ستر زوجتي.
ثم طلقها بعد ذلك فقيل له: لم طلقتها؟ قال: ما لي وللكلام عن امرأة صارت أجنبية عنى فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.   • عن يعلى بن عبية قال: دخلنا على محمد بن سوقة فقال: أحدثكم بحديث لعله ينفعكم فإنه قد نفعني قال لنا عطاء بن أبى رباح: يا ابن أخي إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن تقرأه أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لابد لك منها.
أتنكرون " ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ [الانفطار: 10، 11] ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 17] أما يستحى أحدكم أنه لو نشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره وكان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه؟![4]   • قال الحسن البصري: من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه [5] • وقال ذو النون: " من تكلف ما لا يعنيه ضيع ما يعنيه "[6] • قال مورق العجلى: " أمر أنا أطلبه منذ عشر سنين لم أقدر عليه ولست بتارك طلبه قالوا: ما هو يا أبا المعتمر؟ قال: الصمت عما لا يعنيني " وهذا نوع من مجاهدة النفس بترك الكلام فيما لا يعني.[7]   كيف يجاهد الإنسان نفسه على ترك الكلام فيما لا يعنيه؟[8] 1- الاستعانة بالله ودعاؤه والتضرع إليه: فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه سلم قال: " احرص على ما ينفعك واستعن بالله.."   2- استفراغ الوسع في معرفة ما يعنى المرء والانشغال به: فمن عرف ما يعنيه ولزمه أوشك أن يترك ما لا يعنيه.   3- محاسبة النفس على الدوام.   4- مصاحبة الجادين الأخيار المشتغلين بما يعنيهم: فإنه على قدر ضرر صحبة البطالين تكون ضرورة صحبة الجادين الذين لا غنى للمرء عنهم في سلوك الطريق المستقيم.   5- إحياء روح التناصح بين المؤمنين: بتنبيه بعضهم بعضاً عند حدوث تطفل أو فضول أو تدخل فيما لا يعنى، وهذه ثمرة من ثمار مؤاخاة الأخيار الجادين.   6- الإقبال على القرآن الكريم: تلاوة وحفظاً تدبراً وعملاً وتحاكماً وكفي بكتاب الله شغلاً.   7- تذكر الموت والحساب والجزاء واستشعار العبد أنه في مرحلة سيُجزى بعدها بما عمل فيها. من راقب الموت لم تكثر أمانيه ♦♦♦ ولم يكن طالباً ما ليس يعنيه


[1] معلم في تربية النفس: عبد الليف بن محمد الحسن ص11 نقلاً عن الأشباه والنظائر. [2] السابق نقلاً الكاشف عن حقائق السنن. [3] الصمت ابن ابى الدنيا 133. [4] موعظة المؤمنين ص283. [5] معلم في تربية النفس ص82 نقلاً عن التمهيد لابن عبد البر. [6] شعب الايمان للبيهقي ج70 ص418. [7] الصمت 133. [8] معلم في تربية النفس (باختصار) ص86-92.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن