أرشيف المقالات

بشرى لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من سورة النساء

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2بشرى لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من سورة النساء
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ثمان آيات نزلَت في (سورة النساء)، هي خيرٌ لهذه الأمَّة مما طلعَت عليه الشمس وغربت: أولاهنَّ: قوله عز وجل: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النساء: 26].   والثانية: قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].   والثالثة: قوله عزَّ وجل: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28].   والرابعة: قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النساء: 31].   والخامسة: قوله عزَّ وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ﴾ [النساء: 40].   والسادسة: قوله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48، و116].   والسابعة: قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].   والثامنة: قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 152].   فأخبرهم ثمَّ أقبل يفسِّرها ابن عباس رضي الله عنهما في آخر الآية: وكان الله للذين عملوا الذنوب غفورًا رحيمًا"[1].   هؤلاء الآيات في سورة النِّساء هي عُمدة في أبواب شتَّى، وتدلُّ على أمور عدَّة؛ وما ذلك إلَّا لأنَّ الثواب الحاصِل منها، والمنفعة العائدَة عنها كبيرةٌ وعظيمة، وكذا لِما فيها من البِشارة، فهي - بحق - كما قال ابن عباس رضي الله عنه: "خير لهذه الأمَّة مما طلعَت عليه الشمس وغربَت"، أو كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: "أحبُّ إليَّ من الدنيا جميعًا"[2]، والمعنى: أنَّها أحبُّ إليهما من كلِّ شيء؛ وما ذلك إلَّا لأنَّه ما ثمَّ إلا الدنيا والآخرة، وهؤلاء الآيات - بلا شك - تُفضي إلى درجات الآخرة، ومعلوم أنَّ كل ما كان مفضيًا إلى الآخرة ودرجاتها، يكون أفضل وأحب من الدنيا؛ لأنَّ الدنيا - ولا بد - مفضية إلى الهلاك؛ ولذلك فيَنبغي حَسم مادَّتها، وسدُّ ذريعتها، ودفعُ ما يفضي إليها، ومن هاهنا كانت هؤلاء الآيات - بحق - أحبَّ إلى العبد المؤمن من كل صفراءَ وبيضاء، وما أقلَّته أرض أو أظلَّتْه سماء، بل ومِن الدنيا كلها، ولو جُمعَت للمؤمن بحذافيرها، وهذا منهما رضي الله عنهما في الحقيقة تَحفيز في موضعه؛ للنَّظر في هؤلاء الآيات التي تمثِّل الآخرةَ، وتحقير منهما للدنيا، ولا غرو؛ فهؤلاء هم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، الذين أَبدعوا في هذا أيما إبداع؛ ولذلك كانت هؤلاء الآيات بحق تستحقُّ الوقوفَ عندها مليًّا، والتأمل فيها جليًّا، وأن يَبذل فيها العبد جهدَه، وأن يستفرغَ كامل وسعه، وهكذا يَنبغي للعالِم وطالب العلم - من جهة أخرى - أن يكون، فيعظِّم ما عظَّم الله عزَّ وجلَّ ويرغب فيه من جهة، ويبيِّن للناس ما ينفعهم في دنياهم وأُخراهم، ويزهدهم عمَّا سواه من جهة أخرى.   وقد قال الرازي - عقب ذكره لهذا الأثر -: "اللهمَّ اجعلنا بفضلك ورحمتك أهلًا لها يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين"، ونحن بدورنا نقول: ونحن يا رب العالمين، آمين، آمين، آمين، ونسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا فقهَ وفهمَ هؤلاء الآيات، والعملَ بها وفيها على ما يُرضي الله عزَّ وجل.


[1] أخرجه ابن جرير في تفسيره (8/ 257)، والبيهقي في الشعب (5 /427)، وانظر: الكشاف (1 /501) للزمخشري، وتفسير الرازي (10 /56)، والقرطبي (5/ 161، 162)، وفتح القدير (1/626). [2]عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "خمس آيات من "سورة النساء" لَهُنَّ أحبُّ إليَّ من الدنيا جميعًا: الأولى: قوله عزَّ وجل: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ [النساء: 31]. والثانية: قوله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ﴾ [النساء: 40].
والثالثة: قوله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48، و116].
والرابعة: قوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]. والخامسة: قوله عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 152]"؛ أخرجه ابن جرير في تفسيره (8 / 255)، وعبدالرزاق في تفسيره (1 / 449).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١