أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل يجوز أن أقطع صلة أبي بسبب معاملته السيئة لي ولأمي؟

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم

لدي مشكلة مع والدي منذ صغري، من سوء المعاملة، من ضرب وإهانة، مع العلم أني الذكر الأكبر والوحيد لوالدي ولي أختان أصغر مني، ومنذ صغري وضعني أبي وأمي عند جدتي من أمي لانشغالهم بالعمل -والحمد لله- كانت سيدة حنوناً، عوضتني عن حرماني من نقص العاطفة من أمي وأبي.

استمرت معاملة أبي السيئة حتى صرت شاباً، وكان من كرهه لي يتحدث عني بالسوء لدى جميع الناس! حتى أمي كانت تنقلب على نتيجة كلامه السيء عني، وكان هناك تفرقة في معاملة الأولاد، حيث كان يميز بيني وبين أخواتي الفتيات.

في يوم خطبتي أحرجني كثيراً بكلام لا يليق أمام أهل زوجتي، مما أحدث مشاكل في بداية الخطبة، ولقد تزوجت والحمد لله، ولقد جهز لي شقتي بأردى الأشياء، مع أنه بعد زواجي مباشرة اشترى شقة جديدة، وجهزها جهازاً فاخراً له.

لقد أنعم علي الله بولدين وفتاة، وهي مريضة بالظهر المشقوق، ولم يقف والدي بجواري في حالة ابنتي، ولو حتى بكلمة طيبة.

بعد زواجه بوالدتي والذي دام 35عاماً، تزوج عليها وتركها معلقة سنة ونصف السنة، وبعد ذلك طلقها بدون أن تطلب ذلك، وأخبرني بذلك بالتليفون، وأنا انفعلت عليه، وما كان به إلا أن أخبر إخوتي أنني كنت سعيداً بطلاقه لوالدتي! وأنا أقسم بالله أن هذا غير صحيح، إلا أن طبعه أنه يكره كافة الناس في.

لقد باع كل ما يملك من شقق -وهما شقتان- ومحل والسيارة، وأرغمها على التنازل عن حقوقها من نفقه ومتعة في مقابل أن يتنازل عن الشقة التي تعيش فيها، وبالفعل تنازلت له مرغمة وحرمنا من أي ميراث لنا منه، مع العلم أن كل ما يملكه هو من عملها هي، ولكنها كانت تكتب كل شيء باسمه لترضيه، ولقد أصبحت الآن العائل لأمي وألبي لها كل احتياجاتها، وأصبحت علاقتي بإخوتي أفضل، حيث إنهم يقولون لقد كان والدنا يحدثنا عنك دائماً بالسوء، ولقد اتضح عكس ذلك.

سؤالي الآن هل أنا مجاز عن قطع صلة الرحم معه؟ مع العلم أني لا أطيق سماع صوته، وهو ليس حريصاً أن يتواصل معي، ولا يعرف حتى شكل ابني الأخير أو حتى اسمه! ولكن زوجتي أصرت أن أستشيركم حتى لا يقع علي إثم، ونحن نتمنى من الله أن يمن على ابنتنا بالشفاء.

وجزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبًا بك - أيها الأخ الكريم – في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يمنَّ بالشفاء العاجل على ابنتك، وأن يُصلح ما بينك وبين والدك.

نحن نتفهم - أيها الحبيب – الشعور الذي تجده تجاه والدك بسبب إساءته إليك، ولكن لا ينبغي لك أبدًا بأن تسمح لنفسك أن تُفرط في هذا الشعور، متناسيًا الإحسان والجميل الذي قدمه لك أبوك، ونحن على ثقة تامة من أنك إذا تفكرت في الإحسان والمعروف الذي قدمه لك أبوك فإن هذا سيدعوك إلى حبه، ولقد كان أعظم معروف قدمه لك هذا الوالد هو أنه تسبب في وجودك في هذه الحياة، وكلُ خير تناله في هذه الحياة هو فرع عن ذلك الإنعام، ولهذا جعل الله عز وجل حق الوالدين حقًّا عظيمًا، وقرنه بحقه سبحانه وتعالى فقال: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا}.

مهما أساء إليك الأب فإن ذلك لا يبرر إساءتك إليه، ولا يصح أن يُجعل مبررًا لترك الإحسان الذي كلفك الله تعالى به، فقد قال سبحانه وتعالى: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا} فأمر بمصاحبتهما بالمعروف والإحسان إليهما في أشد حالات إساءتهما للولد، وهي مجاهدته ليكفر بالله تعالى.

بهذا تعلم - أيُّها الحبيب – أن كل ما فعله بك أبوك لا يبرر لك قطع الصلة به، فالواجب عليك أن تصله بالمعروف، وأن تتيقن بأنك مُثاب على إحسانك لأبيك وإن أساء هو، وأن هذه هي الصلة التي كلفك الله تعالى بها، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ليس الواصل بالمكافئ).

نحن على ثقة تامة - أيها الحبيب – من أن مبادرتك بالإحسان لأبيك وإظهار حبك له واحترامك وحرصك على بره والإحسان إليه، أن كل ذلك سيترك الأثر البالغ في نفس والدك، والله سبحانه وتعالى قد قال لنا في كتابه الكريم وهو يُرشدنا إلى كيفية التعامل مع الأعداء، فيقول سبحانه وتعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميمٌ} فإذا كان العدو بسبب الإحسان ينقلب إلى صديق حميم فكيف بالأب وهو بلا شك في قلبه بالفطرة التي فطره الله عز وجل عليها كل المحبة، وإن بدر منه ما يدل على خلاف ذلك، لكن تبقى محبة الوالد للولد أمراً فطرياً.

أنت بحاجة أن تُزيل الغبار عن هذه العلاقة بالمبادرة بالإحسان إلى الأب، وإكرامه، والإحسان إليه، ولا تجعل مما جرى بينه وبين أمك عائقًاً دون ذلك، فإن علاقتك به ليست كعلاقته بزوجته، وهو إن أساء إلى زوجته فإن الله تعالى محاسبه وسائله عمَّا ضيع وفرط من حقوق، ولكن لا يجوز لك أنت أن تحاسبه على ذلك فتسيء إليه بقدر ما فعل.

نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يأخذ بيدك إلى الخير، ويجعلك مفتاحًا له.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...