أرشيف المقالات

معنى القبول والانقياد في شروط لا إله إلا الله (2)

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
معنى القبول والانقياد في شروط لا إله إلا الله (2)


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه.
 
أما بعد:
فنستكمل في هذه المقالة حديثَنا عن نوعَي الطاعة، حيث ذكرنا سابقًا طاعة القبول والانقياد، التي هي أصل دين الإسلام.

ثانيًا: طاعة التنفيذ والدخول في الأعمال:
وهي تحقيق مقتضى أصل الإيمان؛ وذلك بفعل المأمور واجتناب المحظور، وبذا يتمُّ الإيمان ويكون صاحبه من المؤمنين حقًّا.
 
وضد هذه الطَّاعة هو العصيان في مثل قوله تعالى: ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ﴾ [طه: 121]، وهو الذي ينقص من الإيمان ولا يَنقُضه بمجرَّده.
 
فالمسلِم الذي أقرَّ بالتوحيد إذا أُمر بواجب أو نُهي عن محرَّم، قد يَغلِبُ داعي الشهوة عنده داعيَ الإيمان - ومعلومٌ أنَّ الإيمان يزيد وينقص - فيقع في مخالفة الأمر والنهي؛ ففي هذه الحال لم يقوَ إيمانُه على إنشاء إرادة الفعل المعيَّن في القلب، وإلاَّ لو وُجدَت هذه الإرادة الجازمة لَلَزِمَ انبعاثُ جوارحه بالطاعة، وليس هذا ببعيد؛ أعني: اجتماع العصيان بالفعل مع التزام الأمر والنهي.
 
وتأمَّل قصة بَغِيِّ بني إسرائيل [أخرجها الشيخان] - ولا أقول: قاتل المائة؛ لأنَّه تائب من الذَّنب - هل غُفر لها لأنَّها تابت من البغاء؟ وإذا لم تتب فكيف يَجتمع فيها إيمانٌ يُدخلها الجنة، وإصرار على الفاحِشة بلغ حد اتخاذها عملاً تتكسَّب منه؟
 
لقد بيَّن الحديثُ أنَّها لم تتب من البغاء؛ ممَّا يعني أنَّ إيمانها لم يقوَ على إيجاد الإرادة الكافية لترك الزِّنا، فأصرَّت على الكبيرة، ومع ذلك غُفر لها من غير توبة؛ لأنَّه ما دام أصل الإسلام سالمًا صحيحًا، فعفو الله تعالى عظيم، خاصة إذا كان في القلب إخلاص لله يدفعها إلى ما فعلَت مع ذلك الحيوان الذي هو مَهين عند الناس.
 
ولكن هذه الإرادة المعيَّنة أمرٌ، وإرادة أصل السَّمع والطاعة (الإسلام) أمرٌ آخر، ولا تعارُض؛ فنحن نعلم أنَّ هذه البغيَّ مقرَّةٌ بحُرمة ما تفعل، غيرُ مستنكِفة عن حكم الله بالتحريم، وهذه حالٌ يَعلمها من له خبرة بعصاة المسلمين، فكم من عاصٍ يتقطَّع قلبه بالمعصية التي يفعلها ندمًا وخوفًا من الله، ويعود إليها مرارًا وهذه حاله.
 
فهذه حال، وحال المستكبر إباءً لحكم الله بالإيجاب، أو استحلالاً لحكم الله بالتحريم - أمرٌ آخر.
 
الاشتباه بين نوعي الطاعة:
فإن قلتَ: ففي أيتهما تقع حالُ من قال كذا أو فعل كذا أو ظهر منه كذا، مثل من قال: لا أترك الرِّبا، أو من قالَت: تعدُّد الزوجات غير مقبول، ونحو ذلك؟
فالجواب: أنَّه يُنظر إلى حال كلِّ شخص بحسبه، والقرائن ترجِّح قُربَه من هذه أو تلك، ونضرب مثلاً لذلك بشِرعة من شرائع الإسلام أصابها الخَلَل - إفراطًا أو تفريطًا - في عصرنا، وهي فريضة الجهاد، والمثال هنا لصورتين من صور التفريط:
فقد يقعد المسلم مثلاً عن الجهاد وقد داهمه العدوُّ في عقر داره قائلاً: "القتال شاق، وأنا أرعى الأهلَ والذريَّة"؛ فهذا عاصٍ فاسق بتركه واجبًا عظيمًا، ومن الصحابة من تكرَّر منه شرب الخمر كعبدالله حمار، ومع ذلك شهد له الرسولُ صلى الله عليه وسلم بأنه يحبُّ الله ورسوله.
 
وقد يقول مسلمٌ آخر: "الجهاد يسيء إلى صورة الإسلام، فينبغي أن نعدل عنه إلى السياسة الحديثة"، أو يقول: "بل الجهاد واجب بالكتاب والسنَّة مُحكَم غير منسوخ، لكنِّي لا أرى الجهاد ولا يصلح لعصرنا وطرائق حياتنا"، فهذا كُفر من جهة عدم الإقرار بحكم الله (شبهة)، أو من جهة الاستكبار عنه (شهوة)، والمستكبر لا بدَّ له أيضًا من نوع شبهة - كإبليس - لكن شهوته أظهر؛ وكلاهما رادٌّ لشرعة النبي الأمين، خارجٌ عن سبيل من اتَّبعه من المؤمنين.
 
وقد يَمتنع الرجل إباء محضًا عن حكم الله بغير اعتذار ولا استدلال، خاصة عند ضعف سلطان الإسلام؛ كالحال في مكَّة التي وصفَتها عائشة: "ولو نزل أول شيء: (لا تشربوا الخمر)، لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل: (لا تزنوا)، لقالوا: لا ندع الزنا أبدًا"؛ [البخاري].
 
وقد تلتبس هذه الحالة (الإباء المحض) بالحالة الأولى (الإصرار على المعصية؛ كالبَغِيِّ)، والاجتهاد مطلوب فيمن تردَّد حالُه بين الحالين، وحديثنا في هذا السياق مقصوده بالطبع فهم حقائق الدِّين، وليس الكلام على الحكم بالكفر على المعيَّنين؛ فإنَّ ذلك له مقامٌ آخر.
 
يقول ابن كثير في المقيم على الرِّبا: (وهذا تهديد ووعيد أكيد لمن استمرَّ على تعاطي الرِّبا بعد الإنذار، قال ابن جريج: قال ابن عباس: ﴿ فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ ﴾[البقرة: 279]؛ أي: استيقِنوا بحرب من الله ورسوله...
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 279]: فمن كان مقيمًا على الرِّبا لا ينزع عنه، كان حقًّا على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزَع وإلا ضرَب عنقَه)
؛ [ابن كثير: 1 / 431]، فتأمَّل كيف عدَّه من جنس الرادِّين لحكم الله تعالى، رغم أنَّ آكل الرِّبا هو مرتكب لموبِقَة من الكبائر، ولم يقل أحدٌ بكفره وخروجه من الملَّة لمجرد فعله هذا.
 
وفي مثل الممتنع لشبهة أو إباءً واستكبارًا يقول أبو بكر الجصاص الحنفي في الكلام على قوله تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النساء: 65]: (وفي هذه الآية دلالة على أنَّ من ردَّ شيئًا من أوامر الله تعالى أو أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو خارجٌ من الإسلام، سواء ردَّه من جهة الشك أو ترك القبول والامتناع من التسليم، وذلك يوجبُ صحَّةَ ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم بارتداد مَن امتنع عن أداء الزكاة وقتلهم وسبي ذراريِّهم؛ لأنَّ الله تعالى حَكَمَ بأنَّ من لم يُسَلِّم للنبي صلى الله عليه وسلم وحُكمِه، فليس من أهل الإيمان)؛ [أحكام القرآن: (النساء)، باب وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، 3 / 181].
 
وثمَّة حالة أخرى تنعدم فيها الطاعة بالمعنى الأول وتوجَد بالمعنى الثاني، وهي حال المنافقين الذين يَدخلون في شرائع الإسلام ظاهرًا، لكن لا يفعلون ذلك امتثالاً لله ورسوله، بل تقليدًا للآباء أو لأجل أي غرض دنيويٍّ آخر؛ كخوف سلطان المسلمين، يقول ابن تيمية: (لكن لمَّا كان غالب المسلمين يولد بين أبوين مسلمين يصيرون مسلمين إسلامًا حكميًّا من غير أن يوجد منهم إيمان بالفعل، ثمَّ إذا بلغوا:
♦ فمنهم من يُرزق الإيمان الفعلي، فيؤدِّي الفرائض.
 
♦ ومنهم من يفعل ما يفعله بحكم العادة المحضة والمتابعَة لأقاربه وأهلِ بلده ونحو ذلك؛ مثل أن يؤدِّي الزكاة؛ لأنَّ العادة أنَّ السلطان يأخذ الكُلَف، ولم يستشعر وجوبَها عليه لا جملة ولا تفصيلاً...، أو من يَخرج من أهل مكَّة كل سنة إلى عرفات؛ لأنَّ العادة جارية بذلك، من غير استشعار أنَّ هذا عبادة لله لا جملة ولا تفصيلاً، أو يقاتِل الكفَّار لأنَّ قومه قاتَلوهم، فقاتَلَ تبعًا لقومه ونحو ذلك، فهؤلاء لا تصح عبادتهم بلا تردد...
وأيضًا فغالبُ الناس إسلامهم حكمي، وإنما يَدخلُ[1] في قلوبهم في أثناء الأمر إن دخل، فإن لم توجَب عليهم هذه النيَّةُ، لم يقصدوها، فتخلو قلوبهم منها، فيصيرون منافقين؛ إنَّما يعملون الأعمال عادة ومتابعة كما هو الواقع في كثير من الناس)
؛ [الفتاوى: 26 / 30 - 32].
 
أمثلة للتفريق بين نوعي الطاعة:
ولمزيد بيان للفرق بين نوعَي الطاعة، فلنطبِّق مفهوم الطاعة على مثالين من حياتنا اليومية:
أمَّا الأول، فطاعة المشرِّع الوضعي؛ ففي القوانين الوضعية مَن أقرَّ جملةً بخضوعه للقانون ثمَّ خالفه جزئيًّا (كالتهرب من الضرائب أو التزوير...)، وقعَت عليه عقوبة بحسب المخالَفة، أمَّا من دعا إلى تعطيل أحكام الدستور مثلاً أو دعا إلى تغيير النظام، فعقوبته قد تصل إلى الإعدام؛ لنقضه عقد المواطنة من الأساس، واعتدائه على حِمى المشرِّع الوضعي.
 
والمثال الآخر: الطَّاعة في حقِّ الزوج؛ فإنَّ كل زوجة قد تنسى أو تتغافَل عن أمرٍ من أمور البيت والزوج، وقد تقصِّر في حقِّه، لكن لا تُسمَّى ناشزًا إلا بسلوكها مسلكًا آخر؛ وهو رفض الطاعة من حيث المبدأ، وهي حالةٌ فيها إباء واستكبار؛ لذا كانت مؤذِنة بانتقاض عقد الزوجيَّة، وليس من خيارٍ أمامها إلا زوال النشوز بأساليب العلاج المختلفة ورجوع الزَّوجة إلى حظيرة الطاعة، أو التفريق بين الزوجين.
 
وعلى هذا النسق نفهم مسألة عقوق الوالدين.
 
معنى "الالتزام" و"الأخ الملتزم" اليوم:
إنَّ تِبيان الحقائق والأوصاف الشرعيَّة مقصودُه معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله، واتِّباع هذه الحدود في أقوالنا وأعمالنا وحياتنا كلِّها؛ لذا كان تحرير هذا الوصف الذي يوصَف به طائفة من المسلمين أمرًا هامًّا؛ لئلا تختلط حقائق الدين وحدوده، فتضطرب العصمة بين أيدي المسلمين.
 
إنَّه من المعلوم أنَّ من أعلن التزامَه في واقعنا إنَّما هو قد أعلن التزامَه بشرائع الإسلام ودخولَه في أهل الطاعة لله ورسوله؛ ولهذا يذكِّرنا حال[2] الداخلين في "الالتزام" اليوم بوصف ابن تيمية المتقدم لإسلام الأعراب، وهذا لا يعني تحقيقه لمرتبة الإيمان الواجب، فإنَّ كونه ملتزمًا أو حتى طالب علم أو داعية لا يمنعه في دائرة الأعمال (طاعة التنفيذ) من الوقوع في كبائر الذنوب؛ كالغيبة والسرقة والزنا وخيانة الأمانة وغير ذلك، فضلاً عن الصغائر، ولا مِن تَرْك الواجبات مِن طلب العلم والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر والجهاد وغيرها، إضافة إلى الواجبات القلبية، ونسأل اللهَ العافيةَ للجميع، لكن فيصل التفرقة بينه وبين "المسلم غير الملتزم!" أنَّ الأول أقرَّ بالتوحيد وبمقتضاه من الخضوع والانقياد والالتزام، أمَّا الثاني - وهو المسلم العامِّي - فقد استحقَّ اسم الإسلام حكمًا لظاهره الذي لنا من تلفُّظٍ للشهادتين أو ما دونها من علائم الإسلام الظاهرة.
 
ولا يقال: إنَّ فاعل الكبائر لا يصح إلحاقه بالإخوة الملتزمين وإنْ عَقَدَ النيَّة على التزام أمر الله ورسوله ثمَّ أُتيَ من ضعف النَّفس ونقص التربية الإيمانيَّة؛ وإلا لجعلنا فضلاء من الصحابة؛ كماعز والغامدية وحاطب، دون مرتبة إخوة اليوم!
 
فإن قيل: ألا يوجد في عوام الناس من هو محقِّق لهذه المرتبة؟ ونعني بذلك المسلم العامي، الذي لا هو "أخ ملتزم"، ولا هو "مسلم غير ملتزم".
 
قيل: بلى، فلا يَخفى أنَّ عوام الناس فيهم مَن هم مسلمون "ملتزمون"، وعلامة ذلك أنهم مُقِرُّونَ بالشرع، منقادون للأحكام، منكرون للشِّرك، وإن لم يحسنوا المحاجَّة والجدال.
 
♦ ثم إنَّ منهم مَن تمَّت إرادتُه وقَصَرَ به عِلمُه، ما قد يجعله يترك من الهَدي النبوي أو يأتي من المنكر؛ فهؤلاء معذورون لغلَبة الجهل وقلَّة العلم بآثار الرسالة، وهم متى عرفوا الحكمَ الشرعي اتَّبعوه، ومتى لاح لهم عَلَمٌ دينيٌّ اقتفوا أثرَه، فهم من أهل لا إله إلا الله على التحقيق؛ (فكم من عامِّي اجتمعَت فيه والتزمها، ولو قيل له: اعددها، لم يُحسِن ذلك)؛ [معارج القبول: 2 / 418].
 
♦ ومنهم من دنت همَّتُه مع صحَّة عقد القلب وأصل الالتزام الظاهر، فهم غير معذورين بالكليَّة فيما يقع منهم من المخالفة، لكنهم أيضًا من أهل لا إله إلا الله[3] على التحقيق.
 
وهؤلاء وأولئك وإن كانوا أعزَّ من الذَّهب، إلا أنَّ ظاهر حالهم لا يخرجهم عن وصف العوام، ولا يبلغون أن نطلِق عليهم "إخوة ملتزمين" على الاصطلاح المعروف.
 
والسبب في ذلك - والله تعالى أعلم - أنَّ حال "الملتزمين" فيه خيرٌ كثير، ولا يقفون عند مرتبة الإسلام؛ إذ إنَّ إعلانهم الإسلام صراحة، وتبرِّيَهم من الشِّرك والجاهليَّة صراحة في أزمنة الفتن - حسَنةٌ عظيمة، ما يُلَقَّاها ﴿ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]، فيندُرُ النِّفاقُ في هؤلاء مثلما كان في العهد المكِّي عهد استضعاف الفئة المؤمنة الذين ﴿ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الأنعام: 52]، ويؤيِّده أحاديث غربة الإسلام في آخر الزَّمان وفضل أهلها، كما في حديث معقل بن يسار: ((العبادة في الهرْج كهجرةٍ إليَّ))؛ [مسلم].
 
ومن أهم ما يميِّز هذا "الأخ" سعيُه العملي لتحقيق مقتضى إسلامه، وإقامة حياته كلها على ذلك؛ فلهذا تجده صاحب قضيَّة واضحة، ثمَّ يتفاوت الإخوة بعد ذلك في مدى وضوح هذه القضيَّة وعُمق الأهداف وفاعليَّة الوسائل والأساليب، وتتنوَّع همَّتهم وتضحيتهم في ميادين طلب العلم والدَّعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله، ويتنوع ابتلاؤهم في الله تبعًا لذلك؛ كلُّ هذا ممَّا لا يُعرف عن عوام المسلمين الصالحين.
 
ولعلَّ هذا هو السبب في ظن البعض أنَّ "الأخ الملتزم" هو في مرتبة الإيمان، مقارنة بالمسلم "غير الملتزم" الذي هو في مرتبة الإسلام!
 
وننبه أخيرًا إلى أنَّ الأَولى العدول عن الأوصاف الموهِمة ما أمكن - كلفظ "الالتزام" - إلى استخدام الأوصاف الشرعيَّة لمراتب المؤمنين المختلفة وأحوالهم المختلفة، فيقال: مسلم ومؤمن وذو دين، وصالح ومستقيم وأمين، وعدل وفاسق ومجاهد، مع وجوب التثبُّت قبل الوصف، والحذر من ذِكر المسلِم بسوء في غيبته إلاَّ لمصلحة شرعيَّة راجحة، والبُعد عن الورَع الكاذب بتزكية مَن ليس بأهلٍ أو السُّكوت عن جرحه في مقام يحتاج فيه إلى ذلك، واجتناب التنابز بالألقاب، والتخلُّق بخُلق النبيِّ الحكيم صلى الله عليه وسلم الذي علَّمَنا الشِّدَّة في موضعها، واللِّينَ والمداراة في موضعها.
 
نسأل اللهَ تعالى أن يجعلنا من أهل طاعته.
 
وصلى الله على محمد وآله وسلم.

[1] أي الإسلام.

[2] الكلام هنا على حقيقة الإسلام، لا أحكام الظاهر؛ فتنبَّه.

[3] ولعلَّ هذا نظير ما أورده ابن القيم من الكلام على الفَرق بين الطالب والمعرض والمتمكن والعاجز؛ [طريق الهجرتين: فصل في مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها، الطبقة السابعة عشرة، ص 607 - 612]، فنقول: إنَّ عوام المسلمين منهم المعرضون بالكليَّة، ومنهم الملتزمون بالشرع، وهو ما نحن فيه، ثمَّ إن هؤلاء منهم الطالب ومنهم المتهاون، ولا نقول: المعرض؛ لاستيفائه أصل دين الإسلام.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢