تقريظ المطبوعات
مدة
قراءة المادة :
9 دقائق
.
(مجلة الرابطة الشرقية)
نبَّهتْ حوادث العالم في تاريخه الحاضر كثيرًا من علماء الشرق وقادة الرأي
فيه إلى أن الأمم الشرقية أصبحت أحوج ما تكون إلى أن تتصل بينها الروابط
وتتمهد لها أسباب التعارف والتقارب.
كان الشرق في حاجة إلى ذلك منذ القدم، منذ انقسم العالم إلى أمم شرقية
وغربية، منذ كان الشرق شرقًا والغرب غربًا، وكان المتقدمون من دعاة الإصلاح
في العالم الشرقي يشعرون مثلنا بهذه الحاجة، ويدعون إلى العمل على شدها، إلا
أن هذه الدعوة لم يقدر لها أن تتوطد على نظام ثابت، وقواعد محكمة، لذلك كانت
تتقلب على تقلبات الأيام فتظهر حينا وتخفى، وتضعف آونة وتقوى، لكن إحساس
الشرقيين بتلك الحاجة قد أصبح اليوم أقوى منه في كل ما سلف من العصور،
وأدرك العاملون على نهضة الشرق أنه قد آن لهم أن يقيموا الدعوة إلى الرابطة
الشرقية على ما ينبغي لها من أساس متين ونظام محكم.
لقد اجتمع في مصر سنة 1341 هجرية (1922م) أفذاذ من رجال الشرق
العاملين على إصلاحه، وبعد التشاور فيما بينهم أسسوا جمعية دعوها (جمعية
الرابطة الشرقية) يكون غرضها نشر علوم الشرق وآدابه والبحث في شئونه،
للعمل على ترقية شعوبه وتكوين صلة تعارف بين أرباب الرأي والقلم منهم على
اختلاف أجناسهم لتبادل الآراء والمعلومات في هذا السبيل، ثم لتكون رسول سلام
وتعارف بين الأمم الشرقية، التي لها من سوابق تواريخها المجيدة، وحضارتها
القديمة، وتقاليدها القويمة، ومدارك أفرادها العالية وموارد ثروتها الثمينة ما
تستطيع به أن يخدم بعضها بعضًا، وأن تتضامن في سبيل إسعاد المجتمع الإنساني
وتربيته لخير جميع الأجناس والأديان.
شعرت جمعية الرابطة الشرقية منذ نشأتها بأنه لا مناص بأن تكون لها مجلة
خاصة تخدم أغراضها وتنشر مبادئها وتعينها على الوسائل التي تريد انتهاجها، لكن
حالة الجمعية وظروفها في الماضي لم تكن لتسمح لها بالتفكير الجدي في إصدار
المجلة على الوجه الذي يليق، ثم أراد الله -وله الحمد- أن تتغلب الجمعية على تلك
المصاعب التي كانت تعترضها، فلذلك قررت بجلسة 7 ذي القعدة سنة 1346،
27 إبريل سنة 1928 أن تصدر مجلة تدعَى (الرابطة الشرقية) ووضعت لها
نظامًا تسير عليه، واختارت لجنة تقوم بتدبيرها مؤلفة من ثلاثة أعضاء.
***
(برنامج المجلة)
الغاية التي تعمل المجلة لها هي في الجملة إزالة ما يمكن إزالته من الفوارق
غير الطبيعية التي أقيمت سدًّا بين الأمم الشرقية وبعضها، ومحاولة التقريب بين
هذه الأمم حتى يتيسر لها أن تتعارف، فإذا ما تعارفت تآلفت، وإذا ما تآلفت
تساندت وتعاونت، وإذا ما تساندت وتعاونت استطاعت أن تعيش حرة قوية،
وضمنت لحياتها أن تكون سعيدة كاملة ولمدنيتها الناهضة أسباب الرقي والنجاح،
فيتساوى عند ذلك الشرق والغرب، ويصبح كلاهما عضدًا للآخر في مجال العمل
النافع لخير البشرية كلها.
وسوف لا تَأْلُو المجلة جهدًا في التماس تلك الغاية بكل الوسائل التي تناسب
ما لذلك المقصد الكريم من نبل وشرف فتحاول أن تتبع بعناية كل مظاهر الحياة
الشرقية وعناصر نهضتها، وما يكون ذا أثر قريب أو بعيد في مدنية الشرق،
فتتخذ من ذلك كله موضوعات لبحث حر ونزيه يشترك فيه أهل الرأي البصيرون
ممن يعنيهم أمر النهضة الشرقية عسى أن يتضح سبيل الخير والشر، ويتميز وجه
النافع والضار دون أن تقف المجلة في ذلك موقف المتعصب لأمة ولا طائفة ولا
دين ولا مذهب، لكنها تضع المصلحة العامة للشرق كله فوق جميع هذه الاعتبارات،
تريد المجلة في جميع الأحوال أن تقف موقف السفير الأمين الذكي يحاول أن
يزيل ما قام بين أمم الشرق من حجب وعقبات ليرى بعضها بعضًا ويسمع بعضها
بعضًا فتتعارف فتتقارب فتصبح بنعمة الله إخوانًا.
***
(موضوع المجلة)
تُعْنَى المجلة بكل ما يكون ذا علاقة بنهضة الشرق أو مؤثرًا في مدنيته،
وبكل ما يساعد على تمكين العروة بين الشرقيين لا تتقيد بناحية من البحث دون
ناحية ولا بموضوع دون موضوع ما دام ذلك داخلاً في حدود أغراضها ومتصلاً
بمظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية في الشرق.
والمجلة حريصة من أجل ذلك على تَنَكُّب المباحث التي لا يكون فيها ما ينفع
مبدأ الرابطة الشرقية ولا يمس الشئون الحية في أمم الشرق، وكذلك تحرص المجلة
على مجانبة الأبحاث التي لها علاقة بالمنازعات الدينية، والخلافات المذهبية، فإن
التعرض لمثل هذه الأبحاث في الشرق خطر يخشى أن يغتال كل دعوة إلى تقارب
الشرقيين وتواصلهم، تلك دعوة يجب أن تأخذ سبيلها بعيدًا عن كل ما يثير
حزازات النفوس، ويحرك نزعات العصبية.
وتتجنب المجلة الخوض أيضًا فيما قد يعرُّضها لفتن السياسة، فلا تتناول
المباحث السياسية إلا من نواحيها العلمية البريئة.
الموضوعات التي تُعْنَى بها المجلة بنوع خاص هي:
1- المباحث العلمية.
2- الاجتماع.
3- الاقتصاد.
4- الأدبيات والفنون الجميلة.
5- الأخبار والحوادث مشتملة على ما يكون له اتصال خاص بموضوع
المجلة.
6- الإشارة بقدر ما يمكن إلى ما يظهر من الكتب والمباحث التي يكون لها
ارتباط بموضوع المجلة مع تلخيص المهم منها ونقده.
7- درس حالة التعليم في الأمم الشرقية المختلفة.
8- جماعة الرابطة الشرقية بنشر قراراتها وأهم أخبارها ومباحثها وتلخيص
المحاضرات التي تُلْقَى بها.
ويشترط فيما تتناول المجلة من هذه المباحث بوجه أن يكون مفيدًا لأمم الشرق
ومتصلاً بحياتها الحاضرة، وألا يكون فيه ما يثير خلافًا دينيًّا أو سياسيًّا.
***
(نصراء المجلة)
تعتمد المجلة في أداء واجبها وتحقيق أغراضها على المساعدة التي ترجوها
من أعضاء الرابطة الشرقية، وكل من يتفضل بمناصرتها والكتابة لها في حدود
موضوعاتها من شرقيين ومستشرقين.
***
(مراسلو المجلة)
تتخذ المجلة تدريجيًّا في كل جهة من أهم الجهات الشرقية وغيرها مراسلين
يوافونها بالأنباء ويكتبون في موضوعاتها ويستكتبون من ذوي الرأي والمكانة في
بلادهم من يرون في كتاباتهم نفعًا للشرق وللمجلة.
***
(اشتراك المجلة)
رأت اللجنة مؤقتا أن تظهر المجلة مرة كل شهرين، وأن تكون قيمة
الاشتراك السنوي خمسين قرشًا صاغًا في مصر وستين في الخارج تدفع سلفًا،
وأن ترسل المجلة مجانًا إلى حضرات أعضاء الرابطة الشرقية.
***
(عنوان المجلة)
المخاطبات غير المالية تكون باسم (لجنة الرابطة الشرقية) بشارع سامي
رقم 28 المالية بمصر.
والمعاملات المالية تكون باسم (حضرة صاحب السعادة أحمد شفيق باشا)
بالعنوان المتقدم.
***
(لجنة المجلة)
الرئيس: السيد عبد الحميد البكري، مدير المجلة: أحمد شفيق باشا،
المشرف على التحرير: الأستاذ علي عبد الرازق.
مصر القاهرة 17 صفر سنة 1347، 5 أغسطس سنة 1928.
(المنار)
نحمد الله أن آن تنفيذ إصدار هذه المجلة التي قرَّرنا إصدارها من أول العهد
بإنشاء المجلة، ولكن نخشى أن يظهر فيها شيء من شذوذ المراقب الذي يسوء
جميع المسلمين كدفاعه عن الترك وثنائه على خطة حكومتهم في نبذ الإسلام وراء
ظهورهم ومحاولة إزالة كل أثر له في شعبهم، ولكن الرجاء في سماحة الرئيس
وسعادة الوكيل أن يحولا دون ذلك، فالمراقب لا بد له من مراقبة.
***
(القول الصحيح في ترجمة حياة محمد والمسيح)
عني الأستاذ الفاضل عبد العزيز أفندي نصحي أمين مخازن الجمعية الزراعية
الملكية بأشمون في وضع هذه الترجمة عناية يستحق من أجلها كل شكر وإعجاب،
لطيفة العبارة جميلة الأسلوب، ناقش فيها أصحاب الأناجيل مناقشة متواضعة من
أناجيلهم وألزمهم الحجة من أقوالهم، والرسالةُ ملخصٌ صغيرٌ لتاريخ الرسولين
الكريمين مبتدأة بتاريخ السيد المسيح، ويتخلل ذلك بعض أعمالهما وأقوالهما عليهما
الصلاة والسلام.
والرسالة صغيرة الحجم على ورق عادي ثمنها 2 قرشان مصريان غير
أجرة البريد وتباع في مكتبة المنار.
((يتبع بمقال تالٍ))
ربيع الآخر - 1347هـ
أكتوبر - 1928م