أرشيف المقالات

مسألة القضاء الحاضرة

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
بعد أن جعلنا المنار مجلة أخذنا على نفسنا ألا نناقش الحكومة على أعمالها ولو كانت مخطئة في اعتقادنا وقد ذكرنا مشروع المحكمة الشرعية في الجزء الماضي وكدنا نخرج فيه عن جادتنا الجديدة بسبب تأثير الحالة العامة؛ حيث ذكرنا شيئًا من حُجة المنتقدين على الحكومة مع الإقرار عليها، فقلنا: (وظهر لجماهير المصريين أن تولية قاضي مصر من حقوق السلطان الأعظم لا من حقوق الجناب الخديوي) ولكن مع ذلك قام بعض الناس ينتقد عبارة قلناها في الموضوع تمهيدًا لنصيحة دينية أردنا بيانها بالإيضاح إذا عين سمو الخديوي قاضيًا لمصر.
قصاراها أن أحكامه تنفد. وقد نقل المقطم عنا تلك العبارة وهذا ما دفع ببعض الناس إلى انتقادها وزعمهم بأنها تدل على أن للجناب الخديوي أن يولي قاضي مصر؛ ولهذا اضطررنا إلى توضيح المسألة بعض التوضيح (وإن قرر مجلس النظار برئاسة سمو الخديوي في يوم الخميس إبقاء قاضي مصر في منصبه وغضّ النظر عن مشروع انتداب القاضيين من الاستئناف للمحكمة الشرعية العليا) ، فنقول: لو ولى الخديوي القاضي فلا يخلو الحال في الواقع من أن تكون التولية بحق بأن يكون مأذونًا بها من صاحب الحق، والأمر حينئذ ظاهر، أو تكون بالتغلب وحينئذ تنفذ للضرورة، كما كانت الأحكام نافذة في السلطة العثمانية في أفضل أيامها من عهد السلطان عثمان إلى عهد السلطان سليم الذي لُقب بالخليفة، وكما تنفذ أحكام القضاة في هذه العصور ومع عدم استيفائها الشروط المنصوصة.
ونقول مع ذلك: إن سمو الخديوي ما دام يعتقد أن السلطان العثماني خليفة المسلمين فلا شك أنه لا يجوز له تولية القضاة إلا إذا علم أنه مأذون منه بها وإذا ولى يكون الإثم عليه، ولكن الأحكام الشرعية لا تتعطل؛ لأن تعطيلها أعظم حرج في الدين وهو مدفوع بنص القرآن. 2 صفر - 1317هـ 10 يونيو - 1899م

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير