أرشيف المقالات

كتاب الهوية العربية والأمن اللغوي

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
كتاب : "الهوية العربية والأمن اللغوي " مؤلف الكتاب هو د.
عبد السلام المسدي، أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية. هذا الكتاب يعالج موضوعات حيوية وآنية ومهمة للإنسان العربي، ألا وهي مسائل تطور اللغة العربية وأمننا اللغوي، فالمهتم باللغة العربية وما آلت إليه في مناهجنا المدرسية وفي مختلف وسائط الإعلام، والتي تبدو وسيلة التواصل الوحيدة بين أنحاء محيطنا العربي، لا بد أن يصاب بالإحباط لتدني مستوى الفصحى.
يمثل هذا الكتاب سواء في في طريق كتابته أو في خصوصية توظيف اللغة فيه، لوحة إبداعية مميزة وعالية المستوى، وهو أسلوب بات مألوفًا للكاتب كونه يعد من القلائل الذين حملوا هموم اللغة العربية وترسخت أسماؤهم في الدفاع عنها.
ويشكّل هذا الكتاب خلاصة سنوات متتاليات من البحث والنضال دفاعًا عن اللغة العربية.
لا بل تشكل فصوله عصارة سنوات من البحث والتوثيق؛ الأمر الذي قاد الكاتب إلى القول بوجود قضية لغوية لدى العرب.
ومنذ كتابه "العرب والانتحار اللغوي الذي صدر 2011" ما برح المؤلف عبد السّلام المسدّي يعالج التحديات الماثلة أمام لغة الضاد، ويرفع الصوت محذرًا من تفاقم مأزق هذه اللغة الفريدة، ولا سيما بعد أن عمت العالم ظاهرة الكونية الثقافية، وبعدما بات النص القرآني، وهو حصن اللغة العربية، متهمًا زورًا بحمله بذور العنف والبغضاء.
وقد لاحظ الكاتب أن اللغة القومية تخضع للتفكك التدريجي، وهو يخشى من تمازج الفصحى بشظايا اللغات الأجنبية ما يؤدي إلى ظهور عاميات هجينة من اللهجات المحلية وقليل من العربية. تبدأ فصول الكتاب التي تصف حال اللغة العربية وتشخص أوضاعها بين أهلها وأبنائها وذويها باستئناف أسئلة تشغل بال الكثيرين والغيورين على مستقبل اللغة، من قبيل تلك التي يطرحها المؤلف نفسه وهي: إلى من نتجه بخطابنا عندما نثير المسألة اللغوية، أإلى النخبة الفكرية حيث ورشات إنتاج الأفكار؟ أم إلى النخبة السياسية حيث مطاهي صناعة القرار؟ أم الى الجمهور الذي على كواهله تنبثق الأفكار وعلى سواعده يتنزل القرار؟ وتبدو هذه الاسئلة قلقة تدعو إلى التمعّن فيها بتعميقها وجعلها منطلقا للبحث الجدّي المسؤول للحفاظ على اللغة العربية وحمايتها من مخاطر التلاشي أو الاندثار.
ويختم المسدي كتابه بدعوة إلى صيانة لغة الضاد من خطر الإمحاء وسيمثل ذلك صيانة للهوية العربية وصيانة للأمن القومي.
مؤكدًا أن العرب لن يكسبوا رهان التاريخ من خلال اللغات الأجنبية، أو من خلال اللهجات العامية، بل سيكون متعذرًا عليهم الانخراط في مجتمع المعرفة من خارج دائرة العربية.
يمثل الكتاب شهادة فعلية وجادة وتسجيل صاحبها لها بلغة ممتعة ومتناغمة تفيد وتضيف للمكتبة العربية ولكافة الباحثين والمهتمين في العالم الكثير بما يتضمنه من مسائل باتت تطرح نفسها بإلحاح شديد، لمناقشة التحديات التي تعصف بلغة الضاد.
كما يقدم هذا الكتاب خطابًا جديدًا وأفكارًا نيرّة تلامس هموم اللغة العربية بعد أن باتت الأخيرة قضية مصيرية بلا مبالغة وقضية حيوية بلا مجاز. يقول الكاتب في مستهل مؤلفه: لن يندم العرب على شيء كما قد يندمون على أنهم لم يلبوا نداء لغتهم وهي تستجير بهم. لعل هذا القول يختزل في جملة واحدة قصيرة محتوى الكتاب المقسم إلى ما يزيد على عشرين فصلا، منها: النظام العربي وخطاب اللغة، وما وراء اللغة، ومن ينهض باللغة؟ ومن تجليات الوعي، ونحو ميثاق معرفي، والهوية واللغة، ونحو المعجم التاريخي، والطفل العربي واللغة، وفي خصائص المغرب العربي، وغيرها. ويؤكد المؤلف أن صيانة اللغة العربية من خطر الاندثار هي صيانة للهوية العربية والأمن القومي العربي. الكاتب يطرح في مؤلفه ..
كثيرا من الأسئلة وينبهنا إلى أخطائنا، حتى عند صياغة جمل قصيرة ومصطلحات متداولة يوميا.
فهو كتاب ثري يقارب مواضيع متشعبة مرتبطة بالمعضلات اللغوية التي تواجهنا، بما يسهم في تعبيد الطريق أمام تحديث أنفسنا وهويتنا وتجليها اللغوي. ----------------------- المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بـــ" بتصرف"

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١