عقيدة أهل السنة
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
عقيدة أهل السنةمن نظم أبي الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني البغدادي، المولود في شوال سنة 432هـ، والمتوفى في جمادى الآخرة 510هـ[1].
قال الإمام الحافظ أبو الفرج عبدالرحمن بن علي بن الجوزي، في كتابه "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" 9/ 190: "أنشدَنا محمد بن ناصر الحافظ، قال: أنشدنا أبو الخطاب محفوظ بن أحمد لنفسه:
دَعْ عَنْكَ تَذْكَارَ الخَلِيطِ المُنْجِدِ
وَالشَّوْقَ نَحْوَ الآنِسَاتِ الْخُرَّدِ
وَالنَّوْحَ فِي أَطْلالِ سُعْدَى إنَّمَا
تَذْكَارُ سُعْدَى شُغْلُ مَنْ لَمْ يَسْعَدِ
وَاسْمَعْ مَقَالِي إِنْ أَرَدْتَ تَخَلُّصًا
يَوْمَ الحِسَابِ وَخُذْ بِهَدْيِي تَهْتَدِ
وَاقْصِدْ فَإِنِّي قَدْ قَفَوْتُ مُوَفَّقًا
نَهْجَ ابْنِ حَنْبَلٍ الْإِمَامِ الأَوْحَدِ
خَيْرِ الْبَرِيَّةِ بَعْدَ صَحْبِ مُحَمَّدٍ
وَالتَّابِعِينَ إِمَامِ كُلِّ مُوَحِّدِ
ذِي الْعِلْمِ وَالرَّأْيِ الأَصِيلِ وَمَنْ حَوَى
شَرَفًا عَلاَ فَوْقَ السُّهَا وَالْفَرْقَدِ
وَاعْلَمْ بِأَنِّي قَدْ نَظَمْتُ مَسَائِلاً
لَمْ آَلُ فِيهَا النُّصْحَ غَيْرَ مُقَلِّدِ
وَأَجَبْتُ عَنْ تَسْآلِ كُلِّ مُهَذَّبٍ
ذِي صَوْلَةٍ عِنْدَ الْجِدَالِ مُسَوَّدِ
هَجَرَ الرُّقَادَ وَبَاتَ سَاهِرَ لَيْلِهِ
ذِي هِمَّةٍ لا يَسْتَلِذُّ بِمَرْقَدِ
قَوْمٌ طَعَامُهُمُ دِرَاسَةُ عِلْمِهِمْ
يَتَسَابَقُونَ إِلَى الْعُلاَ وَالسُّؤْدُدِ
قَالُوا: بِمَا عَرَفَ الْمُكَلَّفُ رَبَّهُ؟
فَأَجَبْتُ: بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ الْمُرْشِدِ
قَالُوا: فَهَلْ رَبُّ الْخَلاَئِقِ وَاحِدٌ؟
قُلْتُ: الْكَمَالُ لِرَبِّنَا الْمُتَفَرِّدِ
قَالُوا: فَهَلْ لِلَّهِ عِنْدَكَ مُشْبِهٌ؟
قُلْتُ: الْمُشَبِّهُ فِي الْجَحِيمِ الْمُوصَدِ
قَالُوا: فَهَلْ تَصِفُ الْإِلَهَ؟ أَبِنْ لَنَا
قُلْتُ: الصِّفَاتُ لِذِي الْجَلاَلِ السَّرْمدِي
قَالُوا: فَهَلْ تِلْكَ الصِّفَاتُ قَدِيمَةٌ؟
كَالذَّاتِ قُلْتُ: كَذَاكَ لَمْ تَتَجَدَّدِ
قَالُوا: فَأَنْتَ تَرَاهُ جِسْمًا مِثْلَنَا؟
قُلْتُ: الْمُجَسِّمُ عِنْدِيَ كَالْمُلْحِدِ
قَالُوا: فَهَلْ هُوَ فِي الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا؟
فَأَجَبْتُ: بَلْ فِي الْعُلْوِ مَذْهَبُ أحْمَدِ
قَالُوا: فَتَزْعُمُ أَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى؟
قُلْتُ: الصَّوَابُ كَذَاكَ أَخْبَرَ سَيِّدِي
قَالُوا: فَمَا مَعْنَى اسْتِوَاهُ؟ أَبِنْ لَنَا
فَأَجَبْتُهُمْ: هَذَا سُؤَالُ الْمُعْتَدِي
قَالُوا: النُّزُولُ؟ فَقُلْتُ: نَاقِلُهُ لَنَا
قَوْمٌ تَمَسُّكُهُمْ بِشَرْعِ مُحَمَّدِ
قَالُوا: فَكَيْفَ نُزُولُهُ؟ فَأَجَبْتُهُمْ:
لَمْ يُنْقَلِ التَّكْيِيفُ لِي فِي مُسْنَدِ
قَالُوا: فَيُنْظَرُ بِالْعُيُونِ؟ أَبِنْ لَنَا
فَأَجَبْتُ: رُؤْيَتُهُ لِمَنْ هُوَ مُهْتَدِي
قَالُوا: فَهَلْ لِلَّهِ عِلْمٌ؟ قُلْتُ: مَا
مِنْ عَالِمٍ إِلاَّ بِعِلْمِ مُعَلِّمِي
قَالُوا: فَيُوصَفُ أَنَّه مُتَكَلِّمٌ؟
قُلْتُ: السُّكُوتُ نَقِيصَةُ الْمُتَوَحِّدِ
قَالُوا: فَمَا الْقُرْآنُ؟ قُلْتُ: كَلاَمُهُ
لاَ رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ مُوَحِّدِ[2]
قَالُوا: الَّذِي نَتْلُوهُ؟ قُلْتُ: كَلاَمُهُ
لاَ رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ مُسَدَّدِ
قَالُوا: فَأَفْعَالُ الْعِبَادِ؟ فَقُلْتُ: مَا
مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الْإِلَهِ الْأَمْجَدِ
قَالُوا: فَهَلْ فِعْلُ الْقَبِيحِ مُرَادُهُ؟
قُلْتُ: الْإِرَادَةُ كُلُّهَا لِلسَّيِّدِ
لَوْ لَمْ يُرِدْهُ لَكَانَ ذَاكَ نَقِيصَةً
سُبْحَانَهُ عنْ أنْ يُعَجِّزَهُ الرَّدِي
قَالُوا: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قُلْتُ مُجَاوِبًا:
عَمَلٌ وَتَصْدِيقٌ بِغَيْرِ تَبَلُّدِ
قَالُوا: فَمَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ خَلِيفَةٌ؟
قُلْتُ: الْمُوَحِّدُ قَبْلَ كُلِّ مُوَحِّدِ
حَامِيهِ فِي يَوْمِ الْعَرِيشِ[3] وَمَنْ لَهُ
فِي الْغَارِ يَسْعَدُ يَا لَهُ مَنْ مُسْعَدِ
خَيْرُ الصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةِ كُلِّهِمْ
ذَاكَ الْمُؤَيَّدُ قَبْلَ كُلِّ مُؤَيَّدِ
قَالُوا: فَمَنْ صِدِّيقُ أَحْمَدَ؟ قُلْتُ: مَنْ
تَصْدِيقُهُ بَيْنَ الْوَرَى لَمْ يُجْحَدِ
قَالُوا: فَمَنْ تَالِي أَبِي بَكْرِ الرِّضَا؟
قُلْتُ: الْإِمَارَةُ فِي الْإِمَامِ الْأَزْهَدِ
فَارُوقُ أَحْمَدَ وَالْمُهَذَّبُ بَعْدَهُ
نَصَرَ الشَّرِيعَةَ بِاللِّسَانِ وَبِالْيَدِ
قُالُوا: فَثَالِثُهُمْ، فَقُلْتُ مُسَارِعًا:
مَنْ بَايَعَ الْمُخْتَارُ عنْهُ بِالْيَدِ
صِهْرُ النَّبِيِّ عَلَى ابْنَتَيْهِ وَمَنْ حَوَى
فَضْلَيْنِ فَضْلِ تِلاَوَةٍ وَتَهَجُّدِ
أَعْنِي: ابْنَ عَفَّانَ الشَّهِيدَ وَمَنْ دُعِي
فِي النَّاسِ: "ذُو النُّورَيْنِ" صِهْرَ مُحَمَّدِ
قَالُوا: فَرَابِعُهُمْ؟ فَقُلْتُ مُبَادِرًا:
مَنْ حَازَ دُونَهُمُ أُخُوَّةَ أَحْمَدِ
زَوْجُ الْبَتُولِ وَخَيْرُ مَنْ وَطِئَ الحَصَى
بَعْدَ الثَّلاَثَةِ وَالْكَرِيمُ الْمَحْتِدِ
أَعْنِي: أَبَا الْحَسَنِ الْإِمَامَ وَمَنْ لَهُ
بَيْنَ الْأَنَامِ فَضَائِلٌ لَمْ تُجْحَدِ
فَعَلَيْهِمُ وَعَلَى الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ
صَلَواتُ رَبِّهِمُ تَرُوحُ وتَغْتَدِي
قَالُوا: أَبَانَ الْكَلْوَذَانِيُّ الهُدَى
قُلْتُ: الَّذِي فَوْقَ السَّمَاءِ مُؤَيِّدِي
"بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين".
[1] انظر ترجمته في "المنتظم"، لأبي الفرج ابن الجوزي، 9/ 190، وفي "مختصر الحنابلة"، لابن أبي يعلى ص 409، و"الذيل على طبقات الحنابلة"، لابن رجب 1/ 143.
[2] الذي عليه أهل السنة والجماعة: أنَّ كلام الله قديم النَّوع، حادث الآحاد.
[3] أي: يوم بدر، وقد أقام الصَّحابة للنبي صلى الله عليه وسلمعريشًا، لازمه فيه صديقه وصاحبه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه.