سنة وقوف المستأذن من الباب
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
سنة وقوف المستأذن من البابأيها المسلم الكريم، من السنن النبوية التي قد يغفل عنها كثير من الناس وقوف المستأذن أمام الباب.
فإسلامنا الجميل يريد من المجتمع أن يكون مجتمعًا مبنيًّا على الإيمان والبر والتقوى، فبيَّن لنا الآداب العظيمة التي تحمي المجتمع من الوقوع في مهاوي الرذيلة، ومن هذه الآداب هو أدب وقوف المستأذن أمام الباب، فيا ترى أين يقف المستأذن من الباب؟
هذا عَبْد اللهِ بْنَ بُسْـرٍ (رضى الله عنه)، صَاحِبَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) يحدثنا عن هذه السنة النبوية فيقول: ((كَانَ رَسُـولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، إِذَا جَاءَ الْبَابَ يَسْتَأْذِنُ لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ، يَقُولُ: يَمْشِي مَعَ الْحَائِطِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ، فَيُؤْذَنَ لَهُ، أَوْ يَنْصَرِفَ)).[1]
فهذا أدب عظيـم من آداب الاستئذان، وسنة مهمة من سنـن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن المستأذن لا يستقبل الباب بل يذهب يمينًا أو شمالًا، ويقف في المكان الذي إذا فتح الباب فيه لا يرى ولا يطلع، وإذا جعل ظهره للباب أو جنبه بحيث أنه لا يرى أو تأخر عن الباب فهذا هو الأفضل.
لذلك عندما جَاءَ رَجُلٌ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) يَسْتَأْذِنُ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ له النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم): (( هَكَذَا، عَنك هَكَذَا - تنح يمينًا أو شمالًا -، فَإِنَّمَا الاِسْتِئْذَانُ مِنَ النَّظَرِ )).[2]
قال الشنقيطي (رحمه الله) في تفسيره: "وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُسْتَأْذِنَ لَا يَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْبَابِ خَوْفًا أَنْ يُفْتَحَ لَهُ الْبَابُ، فَيَرَى مِنْ أَهْلِ الْمَنْزِلِ مَا لَا يُحِبُّونَ أَنْ يَرَاهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْبَابُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فَإِنَّهُ وَقْتَ فَتْحِ الْبَابِ لَا يَرَى مَا فِي دَاخِلِ الْبَيْتِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى".[3]
فعلى المسلم أن يتحلى بهذا الأدب العظيم في طريقة الاستئذان، والذي حث عليه نبينا (صلى الله عليه وسلم)، فلا يقف تلقاء الباب بوجهه ولكنه يقف جاعلًا الباب عن يمينه أو يساره، بحيث لا يطلع على بيوت الناس، وأن ينشر هذا الأدب بين الناس من أجل حفظ عورات البيوت وما قد يرى فيها مما لا يحب صاحب البيت أن يراه أحد.
نسأل الله تعالى لنا ولكم الحفظ، والسلامة، والعافية من كل داء، وحسن الختام، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] مسند أحمد، مسند الشاميين -حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ: (29/ 238)، برقم (17694) بإسناد حسن، والأدب المفرد للبخاري، باب كيف يقوم عند الباب: (ص: 605)، برقم (1078).
[2] مُصنف ابن أبي شيبة، كتاب الأدب - ما كرِه مِن اطلاعِ الرجلِ على الرجلِ: (8/ 569)، برقم (26758).
[3] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي: (5/ 499).