لا تغضب!
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
لا تغضب!لعل الصفة المشتركة التي يذكر الغالبية العظمى منا أنه يتصف بها: العصبية وسرعة الغضب.
كم من بيت هُدم في لحظة غضب! وكم من نفس قُتلت في لحظة غضب! وكم من مصيبة حصلت في لحظة غضب! وكم ندمنا على كلمة خرجت لحظة غضب!
وقت الغضب يفقد الإنسان السيطرة على نفسه ويصبح الشيطان هو المتحكم فيه؛ قال الحسن: "أربع من كن فيه عصمه الله من الشيطان وحرمه على النار: من ملك نفسه عند الرغبة، والرهبة، والشهوة، والغضب"، فلا بد أن نجد طريقة نخرج بها من عصبيتنا وغضبنا، فالعصبية ليست كما يظن الكثير بأنها وراثية أو لا نستطيع التخلص منها، وإنما الصبر وعدم الغضب هو اختيار شخصي.
والهدوء ليس ضعفًا وإنما هو قمة القوة؛ بدليل الحديث الذي في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ))؛ [رواه البخاري]، وقد وصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علاج الغضب في أحاديث كثيرة؛ منها:
الاستعاذة بالله من الشيطان:
عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: ((كُنْتُ جَالِسًا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ورَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فأحَدُهُما احْمَرَّ وجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ، فَقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لو قالَهَا ذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ، لو قالَ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ فَقالوا له: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: تَعَوَّذْ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَقالَ: وهلْ بي جُنُونٌ؟))؛ [رواه البخاري].
تغيير الحال:
فمن كان واقفًا، فليجلس، فإن لم يذهب الغضب، فليضطجع، المهم أن يغير الوضع الذي هو عليه؛ عن أبى ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا غضبَ أحدُكم وهو قائمٌ فلْيجلسْ، فإن ذهبَ عنه الغضبُ، وإلا فلْيَضْطَجِعْ))؛ [رواه أبو داود].
ترك المخاصمة والسكوت:
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((علِّموا ويسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا، وإذا غضبَ أحدكُم فليسكُت))؛ [رواه أحمد].
الوضوء:
عن عطية السعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الغضب من الشيطان؛ وإن الشيطان خُلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ))؛ والحديث ضعيف، ولكن معناه مقبول وصحيح من جهة الطب.
استحضار أجر كظم الغيظ:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن جَرعةٍ أعظمُ أجرًا عندَ اللَّهِ، من جَرعةِ غيظٍ كظمَها عبدٌ ابتغاءَ وجهِ اللَّهِ))؛ [رواه ابن ماجه].
لكن أحيانًا لا بد أن نغضب، وهذا في حالة واحدة وهي عندما تنتهك محارم الله، فلم يغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تنتهك محارم الله تعالى؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ))؛ [رواه مسلم]، ويكون غضبي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس السكوت وكأن شيئًا لم يحدث.
فلنعاهد أنفسنا أن نقاوم عصبيتنا وغضبنا ونتحكم في أنفسنا، ورمضان فرصتنا الكبيرة؛ ولنتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كتَمَ غيظًا، وهو قادِرٌ علَى أنْ يُنْفِذَهُ، دعاه اللهُ علَى رؤوسِ الخلائِقِ، حتَّى يخيِّرَهُ مِنَ الحورِ العينِ يُزَوِّجُهُ منها ما يشاءُ))؛ [رواه أبو داود].
التطبيق العملي:
طبق خطوات السيطرة على الغضب، وكلما قلت نوبات الغضب كافئ نفسك.