التكبير: مواطنه، وأثره في التربية اﻹيمانية
مدة
قراءة المادة :
21 دقائق
.
التكبير مواطنه، وأثره في التربية اﻹيمانيةكلمة "الله أكبر" كلمة عظيمة مباركة، فالله سبحانه هو: "الكبيرُ الذي لا أكبرَ منه، الملكُ الذي كلُّ شيءٍ خاضِعٌ له.
والتكبير إعلانٌ عن عظمَة الله، وإذعانٌ لكبريائِه في القلوب.
الله أكبر من كل شيءٍ ذاتًا وقُدرةً وقدرًا، وعزَّةً ومنعَةً وجلالاً، هذه المعاني العِظام تُعطِي المؤمنَ الثقةَ بالله وحُسن الظنِّ به، فلا تقِفُ في حياته العقَبَات، ولا يخافُ من مُستقبَل، ولا يتحسَّر على ما فات.
فالله أكبر وأجلُّ وأرحَمُ من أن يترُك عبدَه المُتعلِّق به واللائِذَ بجنابِه، وكلما قوِيَ علمُ العبد ومعرفتُه بأن الله أكبر زادَت عنده الخشية والرَّهبة والتعظيم والمحبَّة وحُسن العبادة ولذَّة الطاعة، وعندها تُقبِلُ النفوسُ على طاعتِه، وتتوجَّهُ، وتحبُّه وتتوكَّلُ عليه.
ومما يستدعِي النظر، ويملأُ النفسَ ثقةً وطُمأنينةً: اقترانُ اسم العليِّ باسم الكبير، كما قال - عزَّ شأنُه -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62]، وقال - عزَّ شأنُه -: ﴿ ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾ [غافر: 12].
فهو العليُّ الكبير، لا مُعقِّب لحُكمه، يُعزُّ من يشاء، ويُذلُّ من يشاء، ويصطفِي من يشاء، عنَت له الوجوه، وذلَّت له الجِباه، وخضعَت له الرِّقاب، وتصاغَرَ عند كبريائِه كلُّ كبير.
وهذا الإيمانُ واليقينُ بكبرياء الله وعظمَته يجعلُ الألسِنةَ تلهَجُ بذكرِه وشُكره وحَمده والثناء عليه وتمجيده، وتقرعُ الجوارِح كلُّها لعظمَته عبادةً ومحبَّةً وتعظيمًا وإجلالاً وذُلاًّ وانكِسارًا.
الله أكبر هو صوتُ المعركة، يُطلِقُه المُجاهِدون في سبيل الله في ساح الوغَى، فيشعرُون بعزَّة الله وقوَّته وكبريائِه ومعيَّته، فيستمِدُّون منه القوةَ والثباتَ والإخلاصَ والعزَّة.
الله أكبر كلمةٌ صنعَت في تاريخ المُسلمين العجائِب، وبثَّت في أهلها من القوة ما استعلَوا فيه على كل كبيرٍ سِوى الله - عزَّ شأنُه، وجلَّ جلالُه -، تنطلِقُ من أفواه المُجاهدين وقلوبهم قويةً مُدويَّة، تتضاءَلُ أمامَها كبرياءُ كل مُتكبِّر، وعظمةُ كل مُتعاظِم، تعلُو على كل مظاهر الفساد والطُّغيان.
الله أكبر جُملةٌ عظيمةٌ حافِظةٌ، إذا سمِعها الشيطان تصاغَرَ وتحاقَرَ وخنَسَ، فكبرياءُ الجبَّار تقمَعُ انتِفاشَ الشيطان، وإذا تغوَّلت الغيلان فبادِروا بالتكبير.
فإن التكبيرَ ذِكرُ الجليل، وعبادةٌ عظيمةٌ، دعا الله عبادَه إليها ورغَّبَهم فيها، فقال عزَّ شأنُه: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر: 3]، وقال تعالى: ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].
بتكبير الله وتعظيمِه تُحلُّ الكُروب، وتزولُ الخُطوب، وتُرفعُ الهُموم، وتنقشِعُ الغُموم.
بتكبير الله وتعظيمِه يصفُو العيش، ويُشفَى الداء.
يقولُ عُمر بن الخطاب رضي الله عنه: "قولُ العبد: الله أكبر خيرٌ من الدنيا وما فيها"[1].
وصدق الله القائل: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ﴾ ]الإسراء111].
وهو مشروعٌ في المواطِن الكِبار، والمواضِع العِظام، في الزمان والمكان والحال.
مشروعٌ في كثرة الجُموع والمجامِع، وفي الجهاد، والنصر، والمغازي، استشعارًا لعظمة الفعل، واستِحضارًا لقوة الحال"[2].
وقال ابن حجرٍ - رحمه الله - عن التكبير: "ذكرٌ مأثورٌ عند كل أمرٍ مهُول، وعند كل حادِثِ سُرورٍ، شُكرًا لله تعالى، وتبرئةً له من كل ما نَسَبَ إليه أعداؤُه"[3].
وقد قمت بإحصاء المواطن التي يشرع فيها التكبير، فبلغت خمسة عشر موطنا، وهي:
1- التكبير شعار الصلاة، فقد شرع قبلها كاﻷذان واﻹقامة، وفيها: ابتداء من تكبيرة اﻹحرام، ثم عند كل رفع، وخفض، فيما عدا الرفع من الركوع، فإنه شرع فيه التحميد، وشرع بعدها في التسبيحات.
وقد قمت بإحصاء عدد التكبيرات في المواطن التي لها ارتباط بالصلاة، فبلغ العدد الكلي عند الجمهور: (447)، وعند الحنفية (457).
وبيان ذلك: أن عدد التكبيرات في الصلاة المكتوبة: (94) تكبيرة؛ قال النووي: "ففي كل صلاة ثنائية إحدى عشرة تكبيرة؛ وهي: تكبيرة الإحرام وخمس في كل ركعة، وفي الثلاثية سبع عشرة تكبيرة؛ وهي: تكبيرة الإحرام، وتكبيرة القيام من التشهد الأول، وخمس في كل ركعة، وفي الرباعية اثنتان وعشرون.
ففي المكتوبات الخمس: أربع وتسعون تكبيرة"[4].
قلت: وعددها في السنن المؤكدة مع الوتر(138).
وعددها في اﻷذان: (30).
وعددها في اﻹقامة عند الجمهور: (20) وعند الحنفية (30) وعدد التكبير بعد الصلاة (165).
والمُصلُّون في صلاة الجماعة يُكبِّرون بعد تكبير الإمام، وفي الحديث: «فإذا كبَّر فكبِّروا، ولا تُكبِّروا حتى يُكبِّر»[5]، في مُتابعةٍ، وانتِظامٍ دقيق.
2- التكبير لرؤية الهلال:
كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال: «اللَّهُ أكْبَرُ، اللَّهُمَّ أهِلَّهُ عَلَيْنا بالأمْنِ والإِيْمَانِ والسَّلامَةِ والإِسلامِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، رَبُّنا وَرَبُّكَ اللَّهُ»[6].
3- واﻹكثار منه مشروع في العشر من ذي الحجة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ، ولا كبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ، إلَّا بُشِّرَ»، قيل: يا رسول الله بالجنَّة؟ قال: «نعم»[7].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ؛ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ والتحميد»[8].
4- وهو أحد معالم الحج:
فالتكبير عند رمي الجمرات، وعند الصعود من منى إلى عرفات، وعند الطواف، وغيرها من مواطن التكبير في المناسك.
5- التكبير في العيدين، عيد الفطر وعيد اﻷضحى.
والتكبير يكون في ليلة عيد الفطر حتى صلاة العيد.
وهذا التكبيرَ يُشيرُ إلى معنى الهداية في قوله - عزَّ شأنُه:- ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185].
وقد فصل الفقهاء في أحكامه، فتنظر ثمة.
والتكبير في صلاتي العيدين، فقد جاء عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه: "أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كبَّر في عيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرةَ تَكبيرةً، سبعًا في الأولَى، وخمسًا في الآخرة، ولم يُصلِّ قَبلَها ولا بَعدَها"[9].
6- التكبير عند ركوب الدابة، والخروج إلى السفر:
فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا استوَى على ظهر الدابَّة قال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ»، ثم قال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ﴾ [الزخرف: 13، 14]، ثم قال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ» ثم قال: «سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ»[10].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبَّر ثلاثاً..."[11].
7- التكبير عند الصعود:
كان صلى الله عليه وسلم إذا علا شرفاً - أي: المكان المرتفع - كبر[12]، وكان يوصي بذلك أصحابه.
والمُسلم يستصحب التكبير في سفره، ويُكبِّرُ كلما صعد مرتفعا، أو هبَطَ واديًا، مستشعرا معيَّة الله وعظمته وإحاطته وحفظه، ومتفكُّرًا في سعة الدنيا، وتباعُد أطرافها، وآفاقها.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُوصِي المُسافرَ بقوله: «عليك بتقوَى الله، والتكبير على كل شرَف»[13].
والشرفُ هو المكان العالي.
ويماثله صعود السلم أو الدرج أو المصعد.
8- التكبير عند الذبح:
عن أنس رضي الله عنه قال: "ضَحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين.
قال: ورأيته يذبحهما بيده.
ورأيته واضعا قدمه على صِفاحِهما.
قال: وسمى وكبر".
وفي رواية: ويقول: "باسم الله، والله أكبر»[14].
9- التكبير عند سماع خبر مفرح، وبشارة خير:
وقد جاء في الحديث الطويل: "أَخْرِج بَعْثَ النار...
مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ".
وفيه يروي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أبشروا، فإن منكم رجلا، ومن يأجوج ومأجوج ألفا، ثم قال: والذي نفسي بيده، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبرنا، فقال: أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبرنا، فقال: أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، فكبرنا...".
وفي رواية: "..إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة، قال: فحمدنا الله وكبرنا.."[15].
10- التكبير عند الحريق:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الحريق، فكبروا، فإن التكبير يطفئه"[16].
11- التكبير عند التضرع في صلاة الاستسقاء:
فمن قال يُكبِّر استدل بحديث رواه الدارقطني من حديث ابن عباس أنه يكبر فيها سبعا وخمسا كالعيد ويقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية[17].
قال ابن عبد البر: "ابن عباس رواه، وعَمِلَ بالتكبير كصلاة العيد"[18].
12- اﻷذان في أذن المولود اليمنى، والإقامة في اليسرى.
قال الإمام ابن القيم: "وسِرُّ التأذين وَاللهُ أعلم؛ أن يقرع سمعَ الإنسان كلماتُ النداء العلوي المتضمِّنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التي أوَّل ما يدخل بها في الإسلام؛ فكان ذلك كالتلقينِ له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها، وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثيره به وإن لم يشعر"[19].
13- التكبير في الصلاة على الميت: فهو يكبر أربع تكبيرات كما جاء في السنة النبوية.
14- وبالتكبير تُفتحُ أبوابُ السماء: عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قال: بينما نحنُ نُصلِّي مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال رجلٌ من القوم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «من القائلُ كذا وكذا؟»، فقال رجلٌ: أنا يا رسول الله، قال: «عجِبتُ لها، فُتِّحت لها أبوابُ السماء».
قال ابنُ عمر: "فما تركتُهنَّ منذ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ ذلك"[20].
15- الإكثار من التكبير؛ ﻷنه يملأ ما بين السماء واﻷرض، فقد جاء في الحديث: «التَّسْبِيحُ نِصْفُ المِيزَانِ، وَالْحَمْدُ يَمْلَؤُهُ، وَالتَّكْبِيرُ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ»[21].
16- وهو من أذكار الباقِيات الصالِحات، وأحبّ الكلام إلى الله أربع: «سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ»[22].
وأخيراً:
إن التكبير يدل على كبرياء الله سبحانه، وتكراره في هذه المواطن بهذا العدد له أثر إيماني في حياة المسلم، والارتقاء بصاحبه إلى المنازل العالية، والدرجات الرفيعة.
فهو يجدد عهد الإيمان، ويقوي الميثاق الغليظ، والارتِباطُ بالله العليِّ الكبير، ومعه تطمئنُّ النفوسُ إذا اضطربَت، وتسكُنُ به القلوبُ إذا احتارَت، وتنامُ عليه العيونُ إذا سهِرَت.
فما أحرانا أن نواظب عليه في كل اﻷماكن التي يشرع فيها؛ فإن لذلك أثرا عظيما في الصلة مع الله سبحانه، والخضوع لعظمته وجلاله.
قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله[23]: "وجاء التكبير مكرَّرا في الأذان في أوله وفي آخره، والأذان هو الذِّكر الرفيع، وفي أثناء الصلاة، وهو حال الرفع والخفض والقيام إليها كما قال: "تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ"[24].
وروى أن التكبير يطفيء الحريق، فالتكبير شُرِع أيضا لدفع العدو من شياطين الإنس والجن، والنار التي هي عدوّ لنا، وهذا كله يبين أن التكبير مشروع في المواضع الكبار لكثرة الجَمْع، أو لعظمة الفعل، أو لقوة الحال، أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة؛ ليبين أن الله أكبر وتستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار فيكون الدين كله لله، ويكون العباد له مكبّرون فيحصل لهم مقصودان: مقصود العبادة بتكبير قلوبهم لله، ومقصود الاستعانة بانقياد سائر المطالب لكبريائه، ولهذا شرع التكبير على الهداية والرزق والنصر؛ لأن هذه الثلاث أكبر ما يطلُبُه العبدُ، وهي جِماعُ مصالِحه"[25].
أما الحكمة من التكبير في الصلاة، فقد قال اﻹمام العز بن عبد السلام:
"ولما كان مقصود الصلاة الذكر، وجب أن يعرف قدر المذكور، وملاحظته ليلزم معه الأدب؛ فافتتحت بالتكبير الدال على الكبرياء؛ ليعلم لمن هو قائم وقاعد ورائع وساجد؛ ليخضع له خضوعا يجب مثله لكبريائه.
فاذا لاحظ كبرياءه لزم آداب الصلاة والطهارة والنظافة الظاهرة والباطنة، واشتغل بالله وحده، وأتت الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: "وفرغ قلبه لله"[26].
وقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه"[27]، ومن عبد الله كذلك خرج عن الأكوان.
ولذلك شرع التكبير لله في جميع الانتقالات؛ لأن اشتغاله في أطوار الصلاة بملاحظة أذكارها قد شغله عن ملاحظة الكبرياء فشرع في ابتداء كل طور تجديد ملاحظة الكبرياء؛ ليوفي ذلك الطور حقه من الخضوع والخشوع"[28].
[1] تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، (سورة الإسراء الآية 111)، (10/ 345).
[2] هذه الكلمات الجميلة لفضيلة الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام.
[3] فتح الباري (2/ 438).
[4] انظر شرحه على صحيح مسلم (4/ 98).
[5] أخرجه البخاري ومسلم، وهذا لفظ أبي داود في سننه، كتاب الصلاة، باب الإمام يصلي من قعود (603)، وغيرهم.
[6] أخرجه الدارمي في مسنده، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما (1729).
[7] أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (7779) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال المنذري: "إسناده رجال الصحيح".
[8] أخرجه أحمد في مسنده (6154) عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقال ابن حجر في الأمالي المطلقة (ص14): "هذا حديث حسن".
[9] أخرجه أحمد في مسنده (11/ 283) (6688).
[10] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب ما يقول الرجل إذا ركب (2602).
[11] أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما، كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره (1342).
[12]يدل على ذلك ماأخرجه البخاري في صحيحه، أبواب العمرة، باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو (1797).
[13] أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب الدعوات، باب (47)، حديث (3445)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب فضل الحرس والتكبير في سبيل الله (2771).
[14] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأضاحي، باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل والتسمية والتكبير (1966).
[15] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج (3348)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب قولِهِ يقول الله لآدم أخرج بعث النار من كل ألف تِسعَمِائَة وتسعةٍ وتسعين (222).
[16] قال السخاوي في المقاصد الحسنة (1/ 86) (63): "رواه الطبراني في الدعاء من حديث عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بهذا، وهو عند البيهقي في الدعوات من طريق كامل بن طلحة حدثنا ابن لهيعة حدثنا عمرو به بلفظ: استعينوا على إطفاء الحريق بالتكبير، وللطبراني في الدعاء، وفي الأوسط، من حديث أيوب بن نوح المطوَّعي حدثنا أبي حدثنا محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي المقبري عن أبي هريرة رفعه، بلفظ: أطفئوا الحريق بالتكبير، وقال: لم يروه عن ابن عجلان إلا نوح تفرد به ابنه، ويشهد له ما رواه ابن السني عن أنس وجابر رضي اللَّه عنهما مرفوعا: إذا وقعت كبيرة أو هاجت ريح عظيمة فعليكم بالتكبير، فإنه يجلي العجاج الأسود".
فالحديث لا ينزل عن درجة الحسن لشواهده.
[17] رواه الدارقطني في سننه، كتاب الاستسقاء (2/ 422) (1800).
[18] الاستذكار (2/ 428).
[19] تحفة المودود بأحكام المولود، الباب الرابع في استحباب التأذين في أذنه اليُمنى والإقامة في أذنه اليُسرى (ص31).
[20] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (601).
[21] أخرجه أحمد في مسنده (38/ 170) (23073)، والترمذي في جامعه، أبواب الدعوات، باب (93)، الحديث (3519).
[22] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه (2137).
[23] مجموع الفتاوى (24/ 229).
[24] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء (61)، والترمذي في جامعه، أبواب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور (3)، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
[25] مجموع الفتاوى (24/ 229، 230).
[26] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة (832).
[27] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة (50)، ومسلم في صحيحه، كتاب الطهارة (8).
[28] كتاب: مقاصد الصلاة، (ص 86).