إن الذي يمد رجله .. لا يمد يده ... !
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
دخل جبار الشام إبراهيم باشا بن محمد علي حاكم مصر المسجد الأموي في وقت كان فيه عالم الشام الشيخ سعيد الحلبي يلقي درسا في المصلين. ومر إبراهيم باشا من جانب الشيخ، وكان مادا رجله فلم يحركها، ولم يبدل جلسته، فاستاء إبراهيم باشا، واغتاظ غيظاً شديداً، وخرج من المسجد، وقد أضمر في نفسه شراً بالشيخ.
وما أن وصل قصره حتى حف به المنافقون من كل جانب، يزينون له الفتك بالشيخ الذي تحدى جبروته وسلطانه، وما زالوا يؤلبونه حتى أمر بإحضار الشيخ مكبلا بالسلاسل.
وما كاد الجند يتحركون لجلب الشيخ حتى عاد إبراهيم باشا فغير رأيه، فقد كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ستفتح له أبواباً من المشاكل لا قبل له بإغلاقها.
وهداه تفكيره إلى طريقة أخرى ينتقم بها من الشيخ، طريقة الإغراء بالمال، فإذا قبله الشيخ فكأنه يضرب عصفورين بحجر واحد، يضمن ولاءه، ويسقط هيبته في نفوس المسلمين، فلا يبقى له تأثير عليهم.
وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إلى الشيخ ألف ليرة ذهبية، وهو مبلغ يسيل له اللعاب في تلك الأيام، وطلب من وزيره أن يعطي المال للشيخ على مرأى ومسمع من تلامذته ومريديه.
وانطلق الوزير بالمال إلى المسجد، واقترب من الشيخ وهو يلقي درسه، فألقى السلام، وقال للشيخ بصوت عال سمعه كل من حول الشيخ: هذه ألف ليرة ذهبية يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك.
ونظر الشيخ نظرة إشفاق نحو الوزير، وقال له بهدوء وسكينة: يا بني، عد بنقود سيدك وردها إليه، وقل له: إن الذي يمد رجله، لا يمد يده.
__________________________________________________________الكاتب: زياد أبو غنيمة