مضى حج البيت وبقي رب البيت
مدة
قراءة المادة :
14 دقائق
.
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، الحمد لله لا تطيب الدنيا إلا بذكر الله، ولا تطيب الحياة إلا بشكر الله، ولا تطيب الآخرة إلا برؤياه.الحمد لله الذي وفَّق حُجَّاج بيته الحرام، فلبِسوا ملابس الاحرام، ورأوا الكعبة فبدؤوها بالتحية والسلام، واستلموا الحَجَرَ، وطافوا بالبيت، وصلُّوا عند المقام، اهتدَوا بنور القرآن، وفرِحوا بهَدْيِ الإسلام، الحمد لله أن وقف الحجيج في صعيد عرفات، وتضرعوا في الصفا والمروة بخالص الدعوات، لك الحمد ربنا غفرت لهم الذنوب ، وتحمَّلت عنهم التَّبِعات، ورَمَوا وحلَقوا، وتحلَّلوا ونحروا، فتمَّت بذلك حِجَّة الإسلام، فالحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.
الحمد لله الذي جعل الأعياد في الإسلام مصدرًا للهناء والسرور، الحمد لله الذي تفضَّل في هذه الأيام العشر على كل عبدٍ شكور، سبحانه غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو، إليه المصير.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبدالله ورسوله، اعتزَّ بالله فأعزه، وانتصر بالله فنصره، وتوكَّل على الله فكَفَاه، وتواضع لله فشرح له صدره، ووضع عنه وِزْرَه، ويسَّر له أمره، ورفع له ذِكره، وذلَّل له رقاب عدوِّه، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليك يا رسول الله، وعلى أهلك وصحبك، ومن تبعك بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فيا أيها المسلمون، قد ذهب الحج إلى البيت وبقِيَ رب البيت.
ذهب الإحرام، وبقِيَ التقدير والاحترام، والأمن والسلام، وعلى نبينا الصلاة والسلام، ذهب الطواف حول الكعبة، وبقِيَ الطواف حول الفقراء والمساكين، ذهب تقبيلُ الحجر وبقِيَ تقبيل الوالدين، ذهب السعيُ بين الصفا والمروة وبقِيَ السعي على الأرملة، واليتيم، وابن السبيل، ذهب رمي الجمرات رمزًا لرمي إبليس، وبقِيَ رمي الشيطان بعدم الانصياع والعصيان.
وهكذا مضى موسم الحج لهذا العام، فمن كان يعبد البيت، فإن الحج قد انتهى، ومن كان يعبد رب البيت، فإن الله حي لا يموت.
إن المال يفنى والملك لا يبقى، السلطان يزول والعز لا يدوم، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
قضى الحُجَّاج عبادة من أعظم العبادات، وطاعة من أجَلِّ الطاعات، وقُربة من أفضل القُرُبات، وركنًا من أركان الإسلام، وركيزة من ركائز الدين، وقيمة من قِيَمِ الشريعة ، شرَّفهم ربُّهم، في رحلة من أروع الرحلات، وسياحة من أجمل السياحات، وها قد عادوا إلى أوطانهم، ورجعوا إلى أهليهم، وباشروا أعمالهم.
عباد الله:
ذهب الحج وبقيت الصلاة، والصلاة صلة بالله، فقد امتنَّ الله على هذه الأمة، فأعطاها هذه الفرائض؛ لكي يستقيموا إلى خالقهم، ويتطهروا من ذنوبهم، وينصروا دينهم، ويذكروا ربهم، ويحسنوا أخلاقهم، ويستمروا في طريق إيمانهم الذي رسمه الله لهم؛ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
أيها المسلمون، عباد الله:
إن الله تعالى خلق الإنسان لعبادته، وجعل الكون في خدمته، يعبد الله من خلال فرائضه، وفرائضه خمسة هي أصول ثابتة في جميع الشرائع؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ، والحج، وصوم رمضان »؛ (متفق عليه).
ثم إن الإسلام لم يشرع الفرائض والعبادات بكافة صورها طقوسًا مفرَّغة، ولا شعائرَ مجردةً، ولا حركاتٍ منزوعة المعنى والمضمون، بل إن كل عبادة تحمل في جوهرها قيمًا أخلاقية، وآدابًا عالية، وأخلاقًا سامية، مطلوب أن تنعكس على سلوك المسلم المؤدِّي لهذه العبادة، وأن تتضحَ جليًّا في شخصيته وتعاملاته مع الناس.
عباد الله:
ذهب حج البيت وبقِيَ رب البيت: وكأنه سوق نُصِبَ ثم انفضَّ، كسَب فيه الراكعون الساجدون، ربِح فيه الحامدون الشاكرون الذاكرون، أفْلَحَ فيه القائمون الصائمون، وخسِر فيه الغافلون المهملون، الذين لم يأخذوا من الإسلام إلا اسمه، ولا من الإيمان إلا رسمه، فهم قد وقفوا عند مرتبة الإسلام ولم يتجاوزها بعدُ إلى مرتبة الإيمان.
فطُوبَى لشابٍّ نشأ في طاعة لله، وطوبى لرجلٍ ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، وطوبى لفتاة أُمرت بالحجاب، فقالت: لبيك يا ألله، وطوبى لامرأة أطاعت زوجَها، وصامت شهرَها، وصلَّت خمسَها حبًّا في الله، وطوبى لمن أطعم أفواهًا، وكسا أجسادًا، ورحِم أيتامًا، ووَصَلَ أرحامًا، ونصر مظلومًا.
طوبي للذين صبروا على الطاعة، صبروا على العبادة، صبروا على الصيام ، صبروا على القيام، صبروا على تلاوة القرآن، لا صبرَ الاستسلام، إنما صبرُ الاستعلاء، لا صبر القُعُود، إنما صبر النهوض، لا صبر الخمول والكسل، إنما صبر النشاط والعمل: {قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]؛ أي: يغرِف لهم من الحسنات غرفًا.
أيها المسلمون:
ذهب حج البيت وبقِيَ رب البيت: فلقد كان موسم الحج (العشر من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق) ضيفًا كريمًا، لا يزورنا إلا مرة كل عام، مِن الناس مَن أحسن وِفادته، ومن الناس من أكرم زيارته، ومن الناس من أجْمَلَ ضيافته، ومن الناس من أحسن صيام التسعة وقيامها، ومن الناس من رحل عنه هذا الموسم وهو يحمل له أسوأ الذكريات.
انتهى موسم الحج وهو يُسْبِغ علينا من نفحاته، ويُسْدِي علينا من رحماته، ويغمُرنا بحكمته وبيانه.
مضى حج البيت وبقِيَت تقوى رب البيت: الحج من أجل التزود من التقوى ؛ {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197]، والتقوى أن يجدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نَهَاك، التقوى أن تجعل بينك وبين النار ستارًا بطاعة الله لا بمعصيته، بشكر الله لا بكفره، بالإخلاص لله لا بشركه.
موسم الحج انتهى وهو يعلن فينا أن تقوى الله هي خير لباس: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26].
الحج انتهى وهو يعلن فينا أن تقوى الله هي خير ميراث: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} [ مريم : 63].
انتهى موسم الحج وهو يعلن فينا أن تقوى الله هي خير زاد: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197].
انتهى موسم الحج وهو يعلن فينا أن تقوى الله هي خير وصية: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [ النساء : 131].
انتهى موسم الحج وهو يعلن فينا أن تقوى الله هي خير تَرِكَةٍ تتركها لأولادك وأحفادك من بعدك: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9].
إن عشر ذي الحجة ذهبت وهي تعلن فينا أنه لا قيمةَ إلا بالإيمان، ولا نجاةَ إلا بالتقوى، ولا فوزَ إلا بالطاعة، ولا ينال الدرجات العلا إلا رجلٌ مجاهد ينصر العقيدة ، ويحمي الحق، ويُجَابِهُ الباطل، إذا قرئ عليه القرآن يستمع، وإذا نودِيَ بالإيمان فإنه يلبي: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51].
وهو يعلِّمنا أن القلب المعمور بالإيمان، المنساق إلى الحق، المنطلق إلى الصواب - لا يخرج منه إلا ما ينفع البلادَ والعباد، لا يخرج منه إلا ما يعبِّد الطريق إلى الله، لا يخرج منه إلا ما يراعي العهود.
على المسلم أن يخرج منه بتجديدِ وضعِهِ مع الله، يختمه بنفس طيبة، ووجهٍ مشرق، وقلب حيٍّ، وهمة عالية، وعزيمة ماضية، على أن ما بقِيَ فرصة للعمل الصالح ينجح فيها بإذن الله، ويبلغ تقواه ورضاه.
ودِّعوه بالأعمال الصالحة، والأوقات الرابحة، وتفقَّدوا أحوال الفقراء والمساكين، وأعطوا الأرامل واليتامى والمحتاجين، أغْنُوهم عن السؤال ومدِّ اليد في هذه الأيام المباركة، سُدُّوا إعوازَهم، وأطعموا جائعهم، وفكُّوا أسيرهم، واكسوا عاريَهم، وآتُوهم من مال الله الذي آتاكم، فالمال أمانة عندكم، فأرُوا الله من أنفسكم خيرًا في مثل هذه الأيام.
إن السعيد من أنفق ماله في الطاعات والقربات، والشقيَّ من صرفه في الهوى والملذات، واعلموا أن المسلم أخو المسلم، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»؛ (متفق عليه).
إخوة الإسلام:
بالأمس القريب كنا ننتظر يوم عرفة بكل الحب والشوق، نرمُق ضيفًا عظيمًا، وغائبًا منتظَرًا، كنا نستقبل شهر ذي الحجة الذي يحمل بين طيَّاته الرحمةَ والمغفرة والعِتقَ من النار، كم فرح المسلمون في أصقاع الأرض على اختلاف لغاتهم وأجناسهم بتلك المنحة الربانية، والرحمة الإلهية، والهبة الربانية التي يُجْزِل بها سبحانه من الأجر بما هو أهْلٌ له!
أيها المسلمون:
ها أنتم تودِّعون يوم عرفة، والحج عرفة، ويوم النحر، وهو أفضل أيام الدنيا، يوم الرحمة والخير، تودِّعونه بكل الفخر، رغم ما ألمَّ بالأمة من تفرُّق وتشَرْذُم، من تقاتُل وتجاذب، من خَلَلٍ وجَدَلٍ ومَلَلٍ، فوالله ما عرَف المسلمون اجتماعًا ولا تآخيًا، ولا إحسانًا ولا تجانسًا، ولا تعاطفًا، كما هو الحال في موسم الحج، وما عرفوا للعبادة لذة، وما تذوقوا للطاعة طعمًا، كما في مثل هذه الأيام؛ أيام التشريق، أيام البِرِّ وصلة الأرحام، أيام القرآن والإحسان.
الخسارة التي لا تعدلها خسارة أن يوفَّق العبد لإدراك مواسم العطاء، ثم يخرج منها صفرَ اليدين، خاليَ الوِفاض، العار والشَّنار لمن يستقبله بالطاعة، ثم ينقلب على عَقِبَيه ويودِّعه بالمعصية: {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92].
بل إنك تجد مِن المسلمين مَن خرج عنه موسم الحج وحمَّله أوزارًا وآثامًا ثقالًا، تنوء بحملها الجبال الراسيات، حَمَلَها بظلمه وجهله، حملها بجحوده وعناده، بغفلته وإهماله، يشاهد المسلسلات الهابطة والأفلام الخليعة، وعقَّ والديه، وعاش بالكذب والنفاق، وآذى المسلمين في بيوتهم وأموالهم.
أما الذين يعلمون أن الله باقٍ، فيودِّعون مواسمَ الطاعة – مثل: الحج وشهر رمضان - ذاكرين شاكرين مخبتين، صائمين قائمين قانتين، تائبين منيبين، {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18]، فهم في كَنَفِ الله ورحمته وحفظه ورعايته: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك»؛ (صحيح البخاري ).
الذين يعرفون أن الله باقٍ يودِّعون مواسم الخير والطاعة بالتعاون على البر والتقوى، يجمعون الزكوات، ويوزعونها على الفقراء والمساكين، يقيمون تكافلًا لأفراد المجتمع غير القادرين، فيمثِّلون حلقة الوصل بين الأغنياء والفقراء، إنهم يبغون الأجر من الله، يعتزون بإسلامهم، ويفرحون بطاعة ربهم، فيرفع الله أعمالهم، ويصعد إلى الله كَلِمُهم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10].
الذين يوقنون أن الله باقٍ يودِّعون يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، واصلين أرحامَهم، باذلين أموالَهم، فرِحين بعطاء الله لهم، متَّبِعين نبيَّهم، ليِّنين في طاعة ربهم، لا يتوجهون إلا لله، ولا يتوكلون إلا على الله، ولا يستعينون إلا بالله، فهم الذين يتولَّاهم الله، ويُجزل لهم العطاء، ويفتح لهم أبواب السماء، ويرفع عنهم البلاء والشقاء، ويفرحهم يوم اللقاء: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88، 89].
الذين يؤمنون أن الله باقٍ يودِّعون موسم الحج فيُحسنون ختامه بالدعاء، يرفعون أكُفَّ الضراعة إلى خالقهم، ويطلبون حوائجهم من رازقهم، ولا يسألون إلا ربهم، فهم عباده، وهو قريب منهم يجيبهم ويرشدهم: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
إن الذي رُزق الحجَّ وُلد من جديد، لا ذنوب عليه ولا آثام، والذي لم يتسنَّ له الحج رُزق صوم يوم عرفة، يكفِّر سنتين، فإذا كان الحُجَّاج قد وقفوا بعرفة، فغيرهم صام يوم عرفة، وإذا كان الحجاج قد سعَوا بين الصفا والمروة، فإن غيرهم سعى على الأرملة والفقير والمسكين، وإذا كان الحجاج قد ساقوا الهَدْيَ، فغيرهم ذبح الأضاحي، وهكذا فالمسلم الحق يعلم أن الله باقٍ، ينظره ويراقبه، ويهديه ويرشده، فتجده يعمل لِغَدِهِ كما يعمل ليومه، ويعمل لمعاده كما يعمل لمعاشه، ويعمل لآخرته كما يعمل لدنياه؛ {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 17].
اللهم اجعلنا لك ذاكرين شاكرين، منيبين مخبتين، فرحين مستبشرين يا رب العالمين.
اللهم ارزقنا حجًّا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا، وسعيًا مشكورًا.
_______________________________
الكاتب: خميس النقيب