أرشيف المقالات

جذور تغريب عالمنا الإسلامي - هاني مراد

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
كانت حركة التنوير المزعومة التي بدأها الطاغية محمد علي باشا، عندما أرسل بعثة من 40 طالبا، على متن الباخرة الحربية الفرنسية "لا ترويت" عام 1826، تمويها فكريا، وقناعا تغريبيا.
وحمل لواء هذه الحركة المزعومة من المتأخرين، طه حسين، الذي يقول في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر ": "إن سبيل النهضة واضحة مستقيمة، ليس فيها عوج ولا التواء.
وهي أن نسير سيرة الأوربيين ونسلك طريقهم، لنكون لهم أندادا، ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يكره، وما يحمد منها وما يعاب."
وهكذا تُخلط الأوراق، ويُلبس الحق بالباطل، بزعم وجوب اتباع أوربا في كل أفكارها ومبادئها، ومنها أنها لم تتقدم إلا عندما تخلت عن دينها.
ويتناسى المدّعون كاذبين أن الإسلام لا يعرف الكهنوت الذي حكم أوربا في عصورها الوسطى، فلم تجد أوربا بدا من التخلي عنه، كي تتقدم!
لقد ظل القانون الروماني يحكم أوربا، لأن أصحاب الشريعة النصرانية الجديدة ظلوا مضطهدين مئات السنين، ولم يتمكنوا من تطبيق شريعتهم، واكتفوا بالعقيدة النظرية.
وحتى بعد اعتناق الإمبراطور الروماني "قسطنطين" للنصرانية، لم تتجه الكنيسة إلى تطبيق الشريعة، لكنها اتجهت إلى تطبيق سلطتها الدينية، وبدأ طغيانها الكنسي، واستمر ضياع جانب الشريعة، وظل القانون الروماني حاكما!
وعندما بدأ تعرّف أوربا إلى الإسلام، تأثرا بالتجارة وحضارة الأندلس ، كانت الكنيسة قد أحكمت قبضتها على العقل الأوربي، عن طريق الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش، فمنعت وصول الإسلام إلى القارة العجوز، ووقع ذلك التشوه الحضاري الذي يعاني منه العالم إلى اليوم.
لكنّ صفاء الإسلام يأبى عليه مسير هذه الرحلة، لأنه عقيدة وشريعة، دنيا وآخرة، دين ودولة، عبادة ومعاملة.
وهو الرسالة الخاتمة التي تكفّل الله بحفظها.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير