أرشيف المقالات

سرقت عجلاتي

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
سرقت عجلاتي
 
مُتعزيًا ومتسليًا بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أجرني في مصيبتي، واخلُفْني خيرًا منها)).
 
تقطعت الأولى - أعزكم الله - بعد أن صبرت على تعرُّجاتها، وتصبرت على تقلباتها، حتى يسَّر الميسِّر، فاشتريتُ يوم أمس عجلات جديدة، ففرحتُ بها وزهوت، وفخرت ولهوت؛ إذ بدوتُ فيهما جميلًا رائعًا، ولكن الفرح لم يدم، والسعادة لم تتمَّ؛ فما هو إلا أن دخلت مسجدًا اليوم، وصليت المغرب، ومكثت فيه إلى بعد العشاء؛ لألقي دروسًا، فلما خرجت وأنا مُشتاق مستهام لمحبوبتي الواقية الراقية!
 
نظرت حيث تركتها، فلم أجدْها! حملقت البصر، وأمعنت النظر، فلم أرَها! نظرت يمينًا ويسارًا، فلم أظفرْ بها!
 
لا مجيب يجيبني، سوى صديق بجواري، أراد أن يُسليني، فطلَب إليَّ أن يعيرني عجلاته، فشكرته على كرمه وخلقه، وأبيت مقسمًا ألا آخذها.
 
فخرجتُ ماشيًا حافيًا، حزينًا كئيبًا، مُحوقلًا مسترجعًا.
 
مناديًا:
أين أنتِ؟ أين ذهبتِ؟
مَن أخذَكِ مِن مأمنك، واستطال عليك في مكمنك؟
 
ألا كان يمكنك الصراخ، ألم تتمكَّني من الهرب بتغيير المناخ؟!
 
ولكن، لكِ عذر أنَّ السارق لم يترك لك فرصة، بل كمَّم فاك، واختطفك اختطافًا سريعًا؛ حتَّى لا يراه أحد!
 
آه، أيها السارق، لا تدري كم تركتَ في قلبي من حزن وأسى، ولوعة وقسى!
 
ألا تركتَني أستمتِع بها ولو لأسبوع، ثم إن شئتَ السطو، فاسطُ؟! أم أنك تخشى عليَّ التعلق والهيام، فقطعت حبل الود والوئام؟!
 
الله حسيبك، وهو طليبك؛ أن روَّعت المسلمين في آمَن مكان، وأطيب بنيان، إنها مساجد الله!
 
ألم تستح من ربك ...
من نفسك ...
من بيت الله ...
من خَلق الله؟!
 
ألم تؤنِّبك نفسك أن أخذتَ ما لا تملك، ونهبت مالًا من حرزٍ آمن؟
 
ألم تعلم أن حدَّ السرقة، قد جرت عليكَ أحكامه، وانطبقت عليك شروطه؟
 
فما هو إلا أن نجدك، ونطبِّق شرع الله فيك، ونخلِّص المسلمين من شرك وإفسادك، وبغيك وعدوانك، فقد بغيتَ وتعدَّيت، وآذيت وآنيت.
 
عجبي لك! كيف تطيب نفسك أن تُلبِس قدميك جمرةً من نار جهنم، ستَغلي منها دماغك، ويهتز منها وجدانك؟
 
فإن تبت وأُبْتَ، ورجعت وأقلعت؛ فالحمد لله، و"عفا الله عما سلف"، وإن عدت، "فينتقم الله منك، والله عزيز ذو انتقام"!

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢