عظات وجيزة للسلف (1)
مدة
قراءة المادة :
21 دقائق
.
عظات وجيزة للسلف (1)قال محمد بن نعيم بن الهيصم: "دخلت على بشر في علته، فقلت: عظني، فقال: إن في هذه الدار نملةً تجمع الحَبَّ في الصيف لتأكله في الشتاء، فلما كان يومٌ أخذت حَبَّةً في فمها، فجاء عصفور فأخذها والحبة، فلا ما جمعتْ أكلتْ، ولا ما أملت نالت، قلت له: زدني، قال: ما تقول فيمن القبر مسكنه، والصراط جوازه، والقيامة موقفه، والله مسائله فلا يعلم إلى جنة يصير فيُهنَّى، أو إلى النار فيُعزَّى، فوا طول حزناه! وواعظم مصيبتاه! زاد البكاء فلا عزاء، واشتدَّ الخوف فلا أمن، قال: وقال لي بشر مرارًا كثيرة: انظر خبزك من أين هو؟! وانظر مسكنك الذي تتقلب فيه كيف هو؟! وأقِلَّ من معرفة الناس، ولا تحب أن تحمد، ولا تحب الثناء"؛ تاريخ بغداد (3/ 321).
قال أبو ثمامة الأنصاري: "كنت عند ذي النون المصري، فقال له رجل ممن كان حاضرًا: يا أبا الفيض! -رضي الله عنك- عظني بموعظة أحفظها عنك، فقال له: وتقبل؟! قال: أرجو إن شاء الله، قال: توسَّد الصبر، وعانق الفقر، وخالف النفس، وقاتل الهوى، وكن مع الله حيث كنت"؛ تاريخ بغداد (6/ 49).
قال رجل للحسين بن منصور الحلاج: "عظني، فقال: له كن مع الحق بحكم ما أوجب"؛ تاريخ بغداد (8/ 114)، والبداية والنهاية (11/ 134).
قال الرشيد لابن السماك: عِظْني، فقال: "يا أمير المؤمنين، إنك تموت وحدك، وتغسل وحدك، وتكفن وحدك، وتقبر وحدك، يا أمير المؤمنين، إنما هو دبيب من سقم، فيؤخذ بالكظم، وتزل القدم، ويقع الفوت والندم، فلا توبة تنال، ولا عثرة تقال، ولا يقبل فداء بمال"؛ تاريخ بغداد (12/ 320).
قال حفص بن ميسرة: "قدم بشر بن روح المهلبي أميرًا على عسقلان، فقال: من ها هنا؟! قيل: أبو عمر الصنعاني، فأتاه فخرج إليه، فقال: عظني، فقال: أصلح فيما بقي من عمرك يغفر لك ما قد مضى منه، ولا تفسد فيما بقي فتؤخذ بما قد مضى"؛ تهذيب الكمال (7/ 76)، وتاريخ دمشق (14/ 444)، ومختصر تاريخ دمشق (7/ 210)، وكتاب التوبة رقم: (61) لأبن أبي الدنيا.
دخل يزيد الرقاشي على عمر بن عبدالعزيز فقال له: عظني، فقال: "أنت أول خليفة يموت يا أمير المؤمنين! قال: زدني، قال: لم يبق أحد من آبائك من لدن آدم إلى أن بلغت النوبة إليك إلا وقد ذاق الموت، قال: زدني، قال: ليس بين الجنة والنار منزل، والله يقول: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13، 14]، وأنت أبصر ببرك وفجورك.
قال: فبكى عمر حتى سقط عن سريره"؛ الزهد الكبير رقم: (551) للبيهقي، وتهذيب الكمال (32/ 76)، وتاريخ دمشق (65/ 74)، ومختصر تاريخ دمشق (27/ 311).
كتب عمر بن عبدالعزيز إلى الحسن أن عظني، فكتب إليه: "أما بعد، فلو كان لك عمر نوح، وملك سليمان، وتفنن إبراهيم، وحكمة لقمان، فإن وراءك عقبة وهي الموت، ومن ورائها داران إن أخطأتك هذه صرت إلى هذه، والسلام"؛ معجم الأدباء (3/ 318).
قال رجل لحاتم بن علوان الزاهد الأصم: عظني، فقال: إن كنت تريد أن تعصي مولاك فاعْصِه في موضع لا يراك؛ طبقات الصوفية (ص:90) للسلمي، الطبقات السنية في تراجم الحنفية.
دخل ابن السماك يومًا فاستسقى الرشيد، فأتي بقلة فيها ماء مبرد، فقال لابن السماك: عظنى، فقال: "يا أمير المؤمنين بكم كنت مشتريًا هذه الشربة لو منعتها، فقال: بنصف ملكي، فقال: اشرب هنيئًا، فلما شرب، قال: أرأيت لو منعت خروجها من بدنك، بكم كنت تشتري ذلك، قال: بنصف ملكي الآخر، فقال: إن ملكًا قيمة نصفه شربة ماء وقيمة نصفه الآخر بولة لخليق ألَّا يتنافس فيه فبكى هارون"؛ والبداية والنهاية (10/ 215)، تاريخ الطبري (5/ 22)، شذرات الذهب (2/ 434)، المجالسة رقم: (776).
قال أبو صالح مفلح الحنبلي لرجل: "عظني بشيء أنتفع به حتى أمضي عنك، فقال: من لزم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر ذكر الموت أكثر الندم، ومن استغنى بالله أمن العدم، ثم تركني ومضى"؛ البداية والنهاية (11/ 204).
ذكر محمد بن هارون، عن أبيه قال: "حضرت الرشيد، وقال له: الفضل بن الربيع: يا أمير المؤمنين، قد أحضرت ابن السماك كما أمرتني، قال: أدخله فدخل، فقال له: عظني، قال: يا أمير المؤمنين، اتق الله وحده، لا شريك له، واعلم أنك واقف غدًا بين يدي الله ربك، ثم مصروف إلى إحدى منزلتين لا ثالثة لهما جنة أو نار، قال: فبكى هارون حتى اخْضَلَّتْ لحيته، فأقبل الفضل على ابن السماك، فقال: سبحان الله! وهل يتخالج أحدًا شكٌّ في أن أمير المؤمنين مصروف إلى الجنة إن شاء الله؛ لقيامه بحق الله وعدله في عباده وفضله، قال: فلم يحفل بذلك ابن السماك من قوله، ولم يلتفت إليه، وأقبل على أمير المؤمنين، فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا يعني الفضل بن الربيع ليس والله معك ولا عندك في ذلك اليوم، فاتقِ الله وانظر لنفسك، قال: فبكى هارون حتى أشفقنا عليه، وأفحم الفضل بن الربيع، فلم ينطق بحرف حتى خرجنا"؛ تاريخ الطبري (5/ 22)، وتجارب الأمم (4/ 20).
قال عمر لمحمد بن كعب: عظني، فقال: "لا أرضى نفسي لموعظتك؛ لأني لأصلي بين الفقير والغني فأميل إلى الغني، ويدخل الفقير والغني عليَّ فأوسع للغني، فقال عمر: فاستغفر الله، وبكى"؛ جمل من أنساب الأشراف (8/ 141).
دخل الإمام الشَّافعيُّ- رضي الله عنه- على الرَّشيد فقال له: عظني، فقال: "على شرط رفع الحشمة، وترك الهيبة، وقبول النصيحة، قال: نعم، قال: اعلم أن من أطال عنان الأمل في الغرَّة طوى عنان الحذر في المهلة، ومن لم يعوِّل على طريق النجاة خسر يوم القيامة إذا امتدت إليه يد الندامة، فبكى هارون ووصله بمال جزيل"؛ شذرات الذهب (2/ 434).
قال الغزالي: "وكان أبو علي الدَّقَّاق زاهد زمانه وعالم أوانه، وأتاه بعض أكابر الأمراء، فقعد على ركبتيه بين يديه، وقال: عظني، فقال: أسألك عن مسألة وأريد الجواب بغير نفاق، فقال: نعم، فقال: أيما أحبُّ إليك المال أو العدو؟ قال: المال.
قال: كيف تترك ما تحبه بعدك وتستصحب العدو الذي لا تحبه معك، فبكى، وقال: نعم الموعظة هذه"؛ شذرات الذهب (5/ 40).
كتب عمرو بن المنهال المقدسي إلى إبراهيم بن أدهم وهو بالرملة أن عظني بموعظة أحفظها عنك، قال: "فكتب إليه أما بعد، فإن الحزن على الدنيا، طويل والموت من الإنسان قريب، وللنقض في كل وقت نصيب، وللبلاء في جسمه دبيب، فبادر بالعمل قبل أن يُنادى بالرحيل، واجتهد بالعمل في دار الممر، قبل أن ترتحل إلى دار المقر"؛ تاريخ دمشق (6/ 342)، مختصر تاريخ دمشق (4/ 32).
قال عمر بن عبدالعزيز: عِظْني، يا أبا حازم، قال: قلت: "اضطجع ثم اجعل الموت عند رأسك، ثم انظر ما تحب أن يكون قبل تلك الساعة فخذ فيه الآن، وما تكره أن يكون قبل تلك الساعة فدعه الآن"؛ تاريخ دمشق (22/ 45)، ومختصره (10/ 72)، والمدهش (ص:290)، وإحياء علوم الدين (2/ 148).
دخل عمرو بن عبيد على أبي جعفرٍ المنصور، وعنده المهدي، بعد أن بايع له ببغداد، فقال له: يا أبا عثمان، عظني، فقال: "إن هذا الأمر الذي أصبح في يدك، لو بقي في يد غيرك ممن كان قبلك لم يصل إليك، فأحذِّرك ليلةً تمخَّض بيومٍ لا ليلة بعده"؛ مختصر تاريخ دمشق (13/ 321)، وجمل من أنساب الأشراف (4/ 232).
قال جرير بن يزيد: قلت لمحمد بن علي بن حسين: عظني؛ قال: "يا جرير، اجعل الدنيا مالًا أصبته في منامك، ثم انتبهت وليس معك منه شيء"؛ تاريخ دمشق (54/ 292)، ومختصره (23/ 85)، والزهد وصفة الزاهدين رقم: (120)، والزهد الكبير رقم: (278) للبيهقي، والزهد (ص:65) لأبي سعيد.
دخل محمد بن كعب على عمر بن عبدالعزيز حين استخلف فقال له عمر: يا عم، عظني، قال: "يا بن أخي، فيك كيس وفيك حمقٌ، وفيك جرأةٌ وفيك جبنٌ، وفيك حلمٌ وفيك جهلٌ، فداوِ بعض ما فيك ببعضٍ، فإذا صحبت فاصحب من الإخوان- زاد في رواية- من كان ذا نيةٍ في الخير يكفيك مؤونة نفسك ويعينك عل نفسك، ولا تصحبن من الإخوان من قدر منزلتك عنده على قدر حاجته إليك، فإذا انقطعت أسباب حوائجه فيك انقطعت أسباب مودَّته عنك، وإذا غرست غرسًا فلا تبغين غرسك أن تحسن تربيته"؛ تاريخ دمشق (55/ 148)، ومختصره (23/ 183)، وجمل من أنساب الأشراف (8/ 203).
قَالَ رجل لحاتم: عظني فقال: "إِن كنت تُرِيدُ أَن تَعْصِي مَوْلَاك فاعْصِه في مَوضِع لا يراك"؛ طبقات الصوفية (ص:90) للسلمي.
عن بقية بن الوليد قلت لأبي إسحاق إبراهيم بن أدهم: عظني بشيء، فقال: "يا بقية، كن ذنبًا ولا تكن رأسًا فإن الذنب ينجو ويهلك الرجل"؛ تاريخ دمشق (6/ 333)، والمجالسة رقم: (2242).
قال هارون للفضيل بن عياض: عظني، قال: "بماذا أعظك؟ هذا كتاب الله بين الدفتين، انظر ماذا عمل بمن أطاعه، وماذا عمل بمن عصاه، إني رأيت الناس يغوصون على النار غوصًا شديدًا، ويطلبونها طلبًا حثيثًا، أما والله لو طلبوا الجنة بمثلها أو أيسر، لنالوها، وقال: عد إليَّ، فقال: لو لم تبعث إليَّ لم آتِك، وإن انتفعت بما سمعت، عدت إليك"؛ سير أعلام النبلاء (8/ 436).
عن أبي إسماعيل المؤدب، قال: جاء رجل إلى العمري فقال: عظني، قال: "فأخذ حصاه من الأرض فقال: زدني، قال: كما تحب أن يكون الله -عز وجل- لك غدًا فكن له اليوم"؛ صفة الصفوة (2/ 183-184).
عن ابن عيينة قال: قال رجل لبشر بن منصور: عظني، قال: "عسكر الموتى ينتظرونك"؛ صفة الصفوة (3/ 377).
عن ابن السماك قال: "بلغني أن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى الحسن البصري أن عظني وأوجز، قال: فكتب إليه الحسن أما بعد، فإن الدنيا مشغلة للقلب والبدن، وإن الزهد راحة للقلب والبدن، وإن الله سائلنا عن الذي نعمنا في حلاله، فكيف بما نعمنا في حرامه"؛ الزهد الكبير (ص: 68) للبيهقي.
عن محمد بن معاوية الأزرق قال: كتب عمر بن العزيز إلى الحسن: عظني وأوجز فكتب إليه: "إن رأس ما هو مصلحك ومصلح به على يديك الزهد في الدنيا، وإنما الزهد باليقين، واليقين بالتفكر، والتفكر بالاعتبار، فإذا أنت فكرت في الدنيا لم تجدها أهلًا أن تبيع بها نفسك، ووجدت نفسك أهلًا أن تكرمها بهوان الدنيا فإن الدنيا دار بلاء ومنزله قلعة"؛ الزهد الكبير (ص:68-150) للبيهقي، الزهد (ص:19) لأبي سعيد، ذم الدنيا رقم: (341) والزهد رقم: (700) كلاهما لابن أبي الدنيا.
قال الفضيل: "بلغني أن رجلًا كتب إلى داود الطائي أن عظني بموعظة، قال: فكتب إليه: أما بعد، فاجعل الدنيا كيوم صمته عن شهوتك، واجعل فطرك الموت، فكأن قد، والسلام.
قال: فكتب إليه: زدني، فكتب إليه: أما بعد، فلا يراك الله عند ما نهاك عنه، ولا يفقدك عند ما أمرك به.
قال: فكتب إليه: زدني، فكتب إليه: أما بعد، فارض من الدنيا باليسير مع سلامة دينك، كما رضي أقوام بالكثير مع ذهاب دينهم، والسلام"؛ الزهد الكبير رقم: (282) للبيهقي، وذم الهوى (ص:669) لابن الجوزي.
قال إبراهيم بن أدهم: "بلغني أن عمر بن عبدالعزيز قال: لخالد بن صفوان عظني وأوجز.
قال: فقال خالد: يا أمير المؤمنين، إن أقوامًا غرَّهم ستر الله -عز وجل- وفتنهم حسن الثناء، فلا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك، أعاذنا الله وإياك أن نكون بالستر مغرورين، وبثناء الناس مسرورين، وعمَّا افترض الله متخلفين مُقصِّرين، وإلى الأهواء مائلين، قال: فبكى، ثم قال: أعاذنا الله وإياك من اتباع الهوى"؛ الزهد الكبير رقم: (449) للبيهقي.
كتب عمرو بن المنهال المقدسي إلى إبراهيم بن أدهم -وهو بالرملة- أن عظني بموعظة احفظها عنك.
قال: فكتب إليه: "أما بعد، فإن الحزن على الدنيا طويل، والموت من الإنسان قريب، وينقص منه في كل وقت نصيب، وللبلى في جسمه دبيب، فبادر بالعمل قبل أن ينادى بالرحيل، واجتهد في العمل في دار الجهاز قبل أن تدخل دار المقر"؛ الزهد الكبير رقم: (487) للبيهقي.
قال رجل لأبي يوسف الغسولي: عظني بموعظة أحفظها عنك.
قال: فبكى، ثم قال: "اعلم يا أخي أن اختلاف الليل والنهار وممرهما يسرعان في هدم بدنك، وفناء عمرك، وانقضاء أجلك، فينبغي لك يا أخي ألَّا تطمئن ولا تأمنن حتى تعلم أين مستقرك ومصيرك، وساخط عليك ربك بمعصيتك وغفلتك، أو راضٍ عنك بفضله ورحمته، ابن آدم الضعيف نطفة بالأمس، وجيفة غدًا، فإن كنت ترضى لنفسك بهذا فسترد وتعلم وتندم في وقت لا ينفعك الندم"؛ الزهد الكبير رقم: (513) للبيهقي، وذم الهوى (ص:670) لابن الجوزي.
قال رجل لعبدالله السوانيطي: عظني، فقال: "مدار العبودية على ستة أشياء: التعظيم، والحياء، والخوف، والرجاء، والمحبة، والهيبة، فمن ذكر التعظيم يهيج الإخلاص، ومن ذكر الحياء يكون العبد على خطرات قلبه حافظًا، ومن ذكر الخوف يتوب العبد من الذنوب، ومن ذكر الرجاء يتسارع إلى الطاعات، ومن ذكر المحبة تصفو له الأعمال، ومن ذكر الهيبة يدع التملك والاختيار"؛ الزهد الكبير رقم: (754) للبيهقي.
دخل ابن السماك على هارون الرشيد، فقال له: عظني وأوجز.
فقال: "ما أعجب يا أمير المؤمنين ما نحن فيه! كيف غلب علينا حب الدنيا؟! وأعجب من هذا ما نصير إليه [كيف غفلنا] عنه، عجبًا لصغير حقير إلى فناء يصير، غلب على كثير طويل دائم غير زائل!"؛ المجالسة رقم: (1454) (3366)، والزهد رقم: (700) لابن أبي الدنيا، وذم الدنيا رقم: (333) لابن أبي الدنيا.
قال رجل لحكيم من الحكماء: عظني، فقال له: "اعلم أن أجور العاملين على من عملوا له؛ فاعمل لمن شئت، فقال له: زدني، فقال: اتقِ الله كأنك تراه، فإنه يراك إن لم تره"؛ المجالسة رقم: (2668).
كتب عمر بن عبدالعزيز إلى الحسن البصري -رحمهما الله تعالى-: عظني وأوجز، فكتب إليه الحسن: "إن فيما أمر الله به لشغلًا عما نهى عنه"؛ المجالسة رقم: (2795).
قال عبيدالله بن محمد التيمي: أن رجلًا قال لعابد: أوصني أو عظني، فقال: "أي الأعمال أغلب على قلبك؟ فقال الرجل: والله ما أجد شيئًا أغلب على قلبي من محبة الله -تعالى- فقال له العابد: حسبك ما غلب على قلبك، فوالله ما رأيت شيئًا أنفع للمحب عند حبيبه من المبالغة في محبته، وهل تدري ما ذلك؟ ألَّا يعلم شيئًا فيه رضاه إلا أتاه، ولا يعلم شيئًا فيه سخطه إلا اجتنبه، فعند ذلك ينزل المحبون من الله منازل المحبة، قال: وصرخ العابد والسائل وسقطا، فرفعا صريعين لا يعقلان؛ المحبة لله سبحانه (ص:63) للسُّرَّمَرَّائِي.
قال أبو الربيع الزاهد لداود الطائي: عظني، قال: "صم عن الدنيا، واجعل فطرك الآخرة، وفر من الناس فرارك من الأسد"؛ إحياء علوم الدين (2/ 222).
كتب رجل إلى داود الطائي: عظني، فكتب إليه: "أما بعد، فاجعل الدنيا كيوم صمته عن شهوتك، واجعل فطرك الموت فكأن قد صرت إليه، فكتب إليه: زدني، فكتب إليه: أما بعد، فارض من الدنيا باليسير مع سلامة دينك، كما رضي أقوام بالكثير مع ذهاب دينهم، والسلام"؛ التبصرة (2/ 91).
قيل: إن رجلًا جاء إلى أبي يزيد البسطامي وقال له: عظني، فقال له: "انظر إلى السماء بحال، فنظر إليها، فقال: أتدري من خلقها؟ قال: الله تعالى، فقال له: إن الذي خلقها مطلع عليك حيث كنت فاحذره"؛ الزهر الفائح (ص: 29).
قال حميد الطويل لبعض إخوانه: عظني، فقال: "يا أخي، إذا عصيت وظننت أنه يراك فقد تجرأت على عظيم، ولكنك بجهلك تظن أنه لا يراك"؛ الزهر الفائح (ص: 29).
قال بشر للفضيل: عظني يرحمك الله فقال: "من خاف الله -تعالى- دله الخوف على كل خير"؛ الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 39).