أرشيف المقالات

آخر الزمان: حقيقته وطبيعته

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
سلسلة "فقه آخر الزمان"
 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده، أما بعد:
فقد آن الأوان، وحان الحين - بإذن الله تعالى وعونه ومدده - لطرح هذه السلسلة المتميزة التي هي بعنوان: "فقه آخر الزمان"؛ وذلك للاعتبارات الآتية:
1- إنه لفقهٌ حقيق بالعناية والاهتمام، وجديرٌ باليقظة والانتباه، ولا سيَّما ونحن نعيش أحداث آخر الزمان التي تتلاطم فيها الفتن، وتموج كَمَوْجِ البحر، وتشتدُّ فيها الغربة، وتزلُّ فيها الأقدام، وتقل فيها آثار النبوة، بحيث لا يكاد يُبصِر فيها المسلم بصيصًا من نور، ولا ينجو فيها إلا مَن دعا بدعاء الغريق.
 
2- معرفة حقيقة الوقت الذي يعيش فيه المؤمنُ، ومعرفة واجب الوقت فيه - لَهُو من الفقه العظيم الذي ينبغي أن تُبذل فيه الأوقاتُ والطاقات.
 
3- كيف ينجو المسلم في ظل هذه الفتن العاصفة القاصفة، التي مِن شأنها أن تزلزل القلوب، وتحرفها عن صراط الله المستقيم، وهديه القويم؟
 
(١)
حقيقة هذا الزمان، وطبيعته
لن نفترض حقيقةً خاصة أو طبيعة معينة لهذا الزمان من بنات أفكارنا، أو مما يدور في مخيلة كلِّ واحد منا، على غرار ما يُفعل في صناعة الأساطير والبطولات الوهمية المزيفة مما تضخُّه الآلة الإعلامية الضخمة في (هوليود) وغيرها، أو ما يسطِّره بعض مَن لا خلاق له من علم أو حياء، بهدف المطامع الدنيوية الرخيصة من مال، أو شهرة، أو صِيت إعلامي ينتشر في دنيا الناس.
 
ذلك بأننا نعتقد اعتقادًا جازمًا أن هذا الزمانَ وما فيه من أحداث جسام وأمور عظام - داخلٌ لا جرم في دائرة الغيب التي لا يجوز بحال أن يتقحَّمها المسلم الحقُّ ما لم يكن لديه كتاب أو أثارة من علم أو برهان، مما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي الصادق المعصوم.
 
• ومن هنا نقول: إن حقيقة هذا الزمان وطبيعته في بدايته ونهايته، وفي أغلب مراحله - يدور على الفتن والبلاء والأمور المنكرة، وفيه: وقت جميل حسنٌ غاية الحسن والجمال، ساعة أن تقوم خلافةٌ على منهاج النبوة تحت إمرة الأمير المبجَّل المهدي رضي الله عنه، وساعة أن يلتقي هو مع روح الله النبيِّ الكريم عيسى ابن مريم عليه السلام في أرض الشام، ومعهم خيرُ فوارس الأرض يومئذٍ، في مدينة دمشق؛ حيث عقر دار المؤمنين.
 
والأصل في هذا الزمان حقيقةً وطبيعة - ما قرَّرته السُّنة الصحيحة:
فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه (1844)، بسنده عن عبدالرحمن بن عبدرب الكعبة، قال: دخلتُ المسجد، فإذا عبدالله بن عمرو بن العاص جالس في ظلِّ الكعبة والناس مجتمِعون عليه، فأتيتُهم فجلستُ إليه، فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلًا، فمنَّا مَن يصلح خباءه، ومنا مَن يَنْتَضِل، ومنا مَن هو في جَشَرِه؛ إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاةَ جامعةً، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((إنه لم يكن نبيٌّ قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمَّتَه على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرَّ ما يعلمه لهم، وإن أمتَكم هذه جُعِل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرَها بلاءٌ وأمور تُنكرونها، وتجيء فتنةٌ فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه ...)).
وفي لفظ أحمد في مسنده (6503): ((وإن آخرها سيصيبهم بلاءٌ شديدٌ)).
وثمة أسئلة تلح علينا في هذا المقام:
ما أنواع هذه الفتن؟ وما أنماطها؟
ماذا تعمل هذه الفتن في الناس؟
أين يقع مركز هذه الفتن؟ وإلى أين تنتشر بعد؟
ما الأسباب الشرعية التي ينجو بها المسلمُ من جحيم هذه الفتن؟
 
هل لهذه الفتن نهاية في تسلسل آخر الزمان عبر مراحله المتعاقبة، ثم تعود بعد ذلك لتأخذ وضعها الطبعي، أم أنها ستستمر بلا نهاية؟
جواب هذه الأسئلة وغيرها مما يتعلق بها - كائنٌ بإذن الله عبر ما يأتي من فصول في قصة (فقه آخر الزمان)، يسَّر الله الإعانة على تحبيرها، وأعان بفضله على تحريرها، خالصة لوجهه الكريم.
تابع فقه آخر الزمان.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢