أرشيف المقالات

يتحرجون مما أنزل الله فيتقدم غيرهم بباطلِه - مدحت القصراوي

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
يتحرج بعض المسلمين من بعض الآيات المنزلة، قد يقرؤونها لكنهم يشعرون بشيء من التردد أو التحرج منها، وكأنهم يستحيون مما أنزل الله تعالى.
يقرأ بعضهم {يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}  فيتحرج منها البعض..
والآية ليست خطابا فرديا؛ بل هي خطاب للأمة في مجموعها في صورة الدولة التي تقوم بمهمة الرسالة بين الأمم.
كثيرا ما لا يدرك المسلمون قيمة ما معهم، ولا قيمة ما يحملون من رسالة وما تستوجبه من شعور بالأمانة العظيمة التي يجب أن تؤدَّى..
يغفل المسلمون كثيرا عن احتياج البشرية لهذا الدين، ولرؤية منهجه ونظامه.
المفارقة الأكثر اليوم أن يتراجع المسلمون عن هذ الدين أو يرتابون أو ينفضّون..
بل كثيرا ـ إن لم يكن دائما ـ ما تحاربه أنظمتهم الحاكمة.
وكثيرا أيضا ما يغفل الناس عن معنى ( النار ) يوم القيامة ، وأنها محل التحذير أن الحياة يجب أن تُصرف من أجل النجاة منها، وإنجاء الخلق، وعدم تركهم يهلكون، وعدم ترك الناس فريسة للمضلين يضلون الناس أو يغوونهم.
إن لم يجد هذا الكلام صدى، فالمفارقة العجيبة أن الله تعالى الذي يعلم طبيعة تحرك المجتمعات والقوى، والذي أمر بهذا الأمر الشرعي، قد أرانا تعالى بأمره القدري حاملات الطائرات الأمريكية وأساطيلهم لا (تدافع) عن أمريكا بل هي في بلادنا وشواطئنا وتجوب العالم لتردع العالم كله وتفرض رؤيتها وسياستها ونمط حياتها ولتنهب ما تشاء من الثروات..!
ومثلها اليوم روسيا، فهي لا تستعمل قوتها في بلادها بل على رؤوس أطفالنا في سوريا وغيرها.
بل والأدهى من ذلك أن إيران لا تدافع عن نفسها وحدودها بل هي تتحرك في العراق والشام وفلسطين، واليمن، بل وفي شمال وقلب أفريقيا لتخرج من أسلم لله تعالى لتدخله في عبادة الأئمة وتقديس الملالي ودعاء الأموات والسجود للمزارات.
وأما الكيان الصهيوني فحدِّث ولا حرج، فهو يمنع الماء عن بلادنا ليبتز الجميع، وأجهزته الأمنية يستعين بها ملوك ورساء العرب، ومجالها الحيوي بعيد جغرافيا عادة عن حدود ما اغتصبت من فلسطين .
إن ما أمر الله به هو الأمر الحق، وهو قائم على تصور قد افتقدناه كثيرا، وهو أن الدولة في الإسلام قائمة على هذا الدين من حيث الولاء والهوية، ومن حيث النظام والمنهج، ومن حيث القوانين والقيم، ومن حيث الرسالة.
عندما تترك رسالتك يتقدم اليهود يحملون الفكرة الصهيونية المدمرة والحارقة للعالم، أو يتقدم الأمريكيون يحملون الرسالة الأمريكية بقيم الإلحاد والإباحية التي يحملونها للعالم، أو الفكرة الصفوية الشيعية التي تفرض نفسها على المنطقة.
ويسمي الجميع من عاداهم إرهابا أو وهابية أو تطرفا، بينما هم الممثلون الحقيقيون للإرهاب والتطرف والفساد الماحق.
إن العالم تجوبه رسالات وتخترقه أفكار.
فإن لم يكن الدين الحق، ظن كل مبطل أن ما معه هو الحق وانخدع به ثم أضل به الناس.
بينما يجب أن يفرض المسلمون مكانهم بين الأمم ويوصلوا رسالة الله تعالى الى خلقه..
تلك الرسالة التي تجهلها اليوم أجيال، ويتنكر لها المنافقون، وتحاربها رايات كثيرة من أجل عقائد خادعة أو دنيا سيرحلون عنها قريبا..
لكنها رسالة هذا الدين، وسيجدها كل من يقرأ كتاب الله تعالى بثقة ويقين وقبول واطمئنان.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١