القرآن حكم عدل عند الاختلاف - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
لا يطيل الخلاف ويتوغل في الخصام إلا صاحب هوى أو مستكبر عن الحق , خاصة وبين أيدينا كلمات الله المحكمة التي تفصل كل خلاف .و كان بإمكان اليهود أن يزيلوا خلافاتهم ويتحدوا خلف محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه الهوى والاستكبار , وكذا بإمكان أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تزيل ما بينها من خلافات إذا ما جانبت الهوى والاستكبار ولانت قلوبها وأحب كل منهم أن يجري الحق على لسان أخيه , فالقرآن فيه الهدى للعالمين و الشريعة الإسلامية تحمل بين طياتها الرحمة والائتلاف .
و ليعلم كل صاحب هوى أو مستكبر عن حق أن الموعد الله وأنه سبحانه الحكم بين عباده عند الاختلاف .
قال تعالى :
{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } [النمل 76-78]
قال السعدي في تفسيره :
وهذا خبر عن هيمنة القرآن على الكتب السابقة وتفصيله وتوضيحه، لما كان فيها قد وقع فيه اشتباه واختلاف عند بني إسرائيل فقصه هذا القرآن قصا زال به الإشكال وبين به الصواب من المسائل المختلف فيها.
وإذا كان بهذه المثابة من الجلالة والوضوح وإزالة كل خلاف وفصل كل مشكل كان أعظم نعم الله على العباد ولكن ما كل أحد يقابل النعمة بالشكر.
ولهذا بين أن نفعه ونوره وهداه مختص بالمؤمنين فقال: {وَإِنَّهُ لَهُدًى }
من الضلالة والغي والشبه {وَرَحْمَةٌ} تنثلج له صدورهم وتستقيم به أمورهم الدينية والدنيوية { لِلْمُؤْمِنِينَ} به المصدقين له المتلقين له بالقبول المقبلين على تدبره المتفكرين في معانيه، فهؤلاء تحصل لهم به الهداية إلى الصراط المستقيم والرحمة المتضمنة للسعادة والفوز والفلاح.
{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}
أي: إن الله تعالى سيفصل بين المختصمين وسيحكم بين المختلفين بحكمه العدل وقضائه القسط، فالأمور وإن حصل فيها اشتباه في الدنيا بين المختلفين لخفاء الدليل أو لبعض المقاصد فإنه سيبين فيها الحق المطابق للواقع حين يحكم الله فيها، {وَهُوَ الْعَزِيزُ } الذي قهر الخلائق فأذعنوا له، { الْعَلِيمُ } بجميع الأشياء {الْعَلِيمُ} بأقوال المختلفين وعن ماذا صدرت وعن غاياتها ومقاصدها وسيجازي كلا بما علمه فيه.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن