فأتْبع سببًا - مدحت القصراوي
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
في يوم الجمعة تذكر وأنت تقرأ سورة الكهف أن الله تعالى لم يذكر الإسلام وأهله في سياق الاستضعاف فقط، بل كان هذا في بعض الصور والمراحل؛ حيث ذكر تعالى فتية آمنوا بربهم وفروا بدينهم من الفتنة ، لكنه تعالى ذكر أيضًا موسى، وهو رسول لأمة تمكّنت بالإسلام حينًا من الدهر، حتى أفسدوا فنُزع منهم التمكين وحُرموا القيادة وحُرموا تمثيل الإسلام..
وذكر تعالى ذا القرنين، وهو رجل تمكّن في الأرض كلها فبلغ المشارق والمغارب قائمًا بمنهج الله، وبميزان الإسلام، يقرر عبودية الله ويقيم الدين ويقود به الحياة وينميها به، فملك (الأسباب) و(أتْبع سببًا) سببًا في كل مرة، وهي الأسباب الحضارية المادية في حينها، ولم يذكر تعالى تفصيلها فلكل حضارة ولكل جيل من الفتوحات والعلوم ما حُرمت منه أجيال أخرى واختصت به أجيال معينة..
الإسلام قرين التقدم لا التخلف ولا الجهل، وإلا لما أتْبع سببًا ولا استطاع ذلك؛ بل كان متقدمًا في العلوم والتقنيات.
إن الإسلام قد جاء ليقود الحياة ويرتبها ويقرر قيمها وموازينها ويزرع الخير ويؤصّل له ويحمي الحق ويحميه بقوة العقائد وقوة الأسباب، إن الإستضعاف مرحلةٌ عارضةٌ وحالةٌ لا تدوم، وينبغي ألا تدوم..
لا تستعذبوا أناشيد الاستضعاف وإلهاب السياط للظهور، بل من المغارب للمشارق ـ كما طاف ذو القرنين ـ يجب أن يكون تفكيركم، أن تقدموا الخير للبشرية وتحموا الحق وتعيدوا ترتيب الحياة والحضارات بمنهج هذا الدين، فالإسلام ليس منعزلًا بل هو في قلب نواة الحياة والمسلمون تتمحور حولهم الأحداث شاؤوا أم أبوا؛ فلا فرصة للتفلت ومن تفلت سقط ومن سقط شُطب، ومن أكمل فستحتفي بهم الحياة..