أرشيف المقالات

الإسراف في الماء والكهرباء

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
الإسراف في الماء والكهرباء


السرف: والإسراف مجاوزة القصد، وأسرفَ في ماله عمل من غير قصد.
وأما السَّرفُ الذي نهى الله عنه فهو ما أنفق في غير طاعة الله قليلاً كان أو كثيراً والإسراف في النفقة التبذير[1].
 
 
والإسراف هو: الإنفاق في حرام ولو قل، أو الإنفاق في مباح، إذا زاد على الحد.
التبذير: المغالاة في تجاوز الحد، والتوسيع في الإنفاق على المحرمات والمعاصي والشهوات.
الترف: أشد من التبذير، وربما يكون حالة يؤول إليها المبذر، فيتوسع في ملاذِّ الدنيا وشهواتها، وتبطره النعمة وسعة العيش [2].

وقد حدث التوسع الزائد في هذه الأوقات، في الولائم ومحافل النساء وغيرها من الدعوات، وهذا ضرر عظيم، مخالف للشرع والعرف وحسن التدبير، ومضاره شاملة للغني والفقير، فالإسراف مخالف لما أمر به الشارع، فقد جعل الله الأموال قياما للناس تقوم بها المصالح والمنافع، فمن صرفها في غير وجهها أو تجاوز بها حدها فقد ضيع ما جعله الله قواماً حيث صرفها عن المصلحة وصدها، وهذا النوع من النفقة لم يضمن الله للمنفق خلفها ورفدها، ألا وإن الإسراف في النفقات لا يستجيزه أهل العقول الوافية، ولا يبني مكرمة عند ذوي الهمم العالية، ولا يصير له موقع يذكر، ولا معروف وإحسان يشكر [3].

وقد تفنن الناس في هذا العصر بأساليب السرف والتبذير، وصار للترف ضروب وصور متعددة، والسرف أصبح سمة العصر وأحد أهم متطلباته الحضارية القاصرة، ولم يقتصر السرف على إضاعة المال وما شابه، بل وصل السرف إلى سرف الصحة الجسدية والنفسية ومن ألوان الإسراف العصري: الإسراف في الماء والكهرباء: فالماء هو أحد الموارد الطبيعية المتجددة على كوكب الأرض، وأهم ما يميزه كمركب كيميائي هو ثباته، فالكميات الموجودة على ظهر الأرض هي نفسها منذ مئات السنين، ويقدر الحجم الكلي للماء بحوالي 1360 مليار متر مكعب، 97 0/0، من هذا الحجم موجود في البحار والمحيطات، و2 0/0 مجمّد في الطبقات الجليدية، والمياه المالحة تمثل المصدر الرئيسي للمياه العذبة، وذلك عن طريق الدورة الهيدروجينية للماء.

وتعاني أغلب مناطق الوطن العربي من ندرة المياه، ويرجع ذلك إلى وقوعها في المنطقة الجافة وشبه الجافة من الكرة الأرضية.
ومع نمو السكان في الوطن العربي فإن مشكلة الندرة تتفاقم كنتيجة منطقية لتزايد الطلب على المياه لتلبية الاحتياجات المنزلية والصناعية والزراعية.
ولا تقتصر مشكلة المياه في الوطن العربي على الندرة، وإنما تمتد إلى نوعية المياه التي تتدنى وتتحول إلى مياه غير صالحة للاستخدام لأسباب متعددة.
والأنهار العربية الكبرى مثل النيل والفرات تنبع من دول غير عربية مما يجعل لدول المنبع ميزة جيوبولتيكية[4] استراتيجية في مواجهة البلدان العربية [5].

ويتوقع خبراء دوليون أن يتسبب التنازع على موارد المياه في نشوب حروب مقبلة في مناطق متعددة...
ومما لا شك فيه أن المياه ستصبح في مطلع هذا القرن على قدر كبير من الأهمية في السياسة الدولية تعادل أهمية النفط [6].

لا بد من الإشارة إلى أن الإنسان يرغب في التطور ليعيش حياة أكثر سعادة وراحة مما يجعله حريصاً على تأمين هذه المتطلبات عن طريق توفير الطاقة الضرورية المستعملة في جميع مجالات الحياة.
ولكن بعض الناس تحصل على سعادتها من شقاء وحرمان الآخرين، فنجد من يسرف في استهلاك الماء بملء برك السباحة في الفيلات والمزارع والبيوت، والاستحمام بأحواض الاستحمام، وغسل السيارات بخراطيم الماء، مع العلم بأنه يمكن الاستعاضة عن ذلك بوعاء فيه القليل من الماء مع قطعة من الإسفنج، وتسرف بعض ربات المنازل الكثير من الماء والكهرباء في الأعمال المنزلية نتيجة الجهل بمقادير الأمور، سيما وأن معظم الأجهزة المنزلية كهربائية.
إن نقص المعلومات وغياب الإدراك من قبل عموم المجتمع بأمور الطاقة ومشاكلها ومختلف الحلول المطروقة على مستوى ترشيد استهلاك الطاقة واستعمال مصادر الطاقات المتجدّدة في الوقت الحاضر والمستقبل، جعل المجتمع لا يولي أهمية كبيرة للمحافظة على الطاقة في جميع المجالات الممكنة، وإتباع عملية إحلال مصادر الطاقات المتجددة بما يتلاءم وطبيعة الاستعمال والكلفة وكفاءة الأداء [7].

إن جاذبية الإنارة تجعل البعض يُسرف في استعمالها إلى حد يفيض عن الحاجة ومن المعلوم أن أكثر من 12 0/0 من الطاقة الكهربائية تستهلك في الإنارة، ولذا يجب مراعاة ما يأتي:
• إطفاء النور في الغرف غير المستعملة وفي واجهات المنازل والبيوت والمحلات.
• استعمال مصابيح الفلورسنت قدرة 40 واط، داخل الغرف مع طلاء الجدران بالألوان الفاتحة.
• ومصباح الفلورسنت قدرة 40 واط، يعطي أربعة أضعاف مصباح توهجي ذي قدرة 60 واط.
• التقليل من إنارة جميع مصابيح الثريات بصورة دائمة.
• استعمال المصابيح ذات القدرات المنخفضة ليلاً [8].
وهذا ما دعا إليه النبي الكريم بقوله صلى الله عليه وسلم:
(إِيَاكمُ وَالسَمَرُ بَعدَ هُدوءِ الَليِلِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدرِي مَا يَبِثُ الله مِنْ خَلقِه، غَلِّقُوا الأَبْوَابَ وَأَوْكُوا الِسقَاءَ، وَأَكفِئوا الإِنَاءَ، وَأَطْفِئُوا المصابيح) [9].
• استعمال الطاقة الشمسية في المباني لتسخين الماء والهواء وتوليد الكهرباء، وتكييف الجو الطبيعي للساكنين، وهذا يتم باستعمال منظومات الطاقة الشمسية والوسائل الأخرى.
وإن استعمال منظومات الطاقة الشمسية لا يتطلب خبرة وصيانة متقدمة سوى المحافظة على نظافة السطوح الشفافة للمنظومات الشمسية وأوجه الخلايا الشمسية والمقطرات [10].



[1] ابن منظور، لسان العرب، 6، باب الفاء فصل السين، 148.


[2] المصري، رفيق، أصول الاقتصاد الإسلامي، 156.


[3] السعدي، عبد الرحمن بن ناصر، الفواكه الشهية في الخطب المنبرية، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ط 2، 1411 هـ /1991م،71.


[4] علم الجيوبولوتيك:في معناه البسيط علم سياسة الأرض، أي دراسة تأثير السلوك السياسي في تغيير الأبعاد الجغرافية للدولة.
ويتداخل هذا المفهوم مع مضمون علم الجغرافيا السياسية الذي يعنى بدراسة تأثير الجغرافيا (الخصائص الطبيعية والبشرية) في السياسة.


[5] مخيمر، سامر ومجازي خالد، أزمة المياه في المنطقة العربية، الكويت، عالم المعرفة، 1416هـ/ 1996م، 7.


[6] محمود، سعد حافظ وآخرون، الاقتصاد العربي وتحديات القرن الواحد والعشرين، أعمال المؤتمر العلمي الخامس للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، القاهرة، 1418ه/ 1998 م، 139.


[7] العزاوي، عبد الرسول ومحمد عبد الغني، ترشيد استهلاك الطاقة، عمان، مجدلاوي للنشر والتوزيع، د.
ت، 16.


[8] العزاوي، ترشيد استهلاك الطاقة، 268.


[9] البخاري، الأدب المفرد، حديث ( 1230)، 422.


[10] العزاوي، ترشيد استهلاك الطاقة، 68 بتصرف.

شارك الخبر

المرئيات-١