الغيبة والنميمة وقطع الأرحام عند المنافقين
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
الغيبة والنميمة وقطع الأرحام عند المنافقينوهذه الآفة تتبع آفة إيذاء المؤمنين.
ولكننا أفردناها لبيان مدى خطورتها في تقطيع أواصر الأسرة الواحدة.
والغِيبة كما وردت في الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟) قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ) قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ)[1].
ولقد نهى الله تعالى المؤمنين عنها في قوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].
وقال تعالى: ﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 47].
قوله تعالى وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ ، أي بالنميمة، بغية إحداث الفتن وانقسام الصفوف، والوقيعة بين المؤمنين.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ " ثُمَّ قَالَ: "بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ "[2].
وقال تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22].
والخطاب مُوَجَّهٌ في هذه الآية للمنافقين.
﴿ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ﴾، قيل معناه: النكوث والتخلف عن الجهاد، وقيل: تولي أمور الناس، وتزعمهم.
فهذه الآية تدلنا على أن من أخلاق المنافقين: تقطيع الأرحام.
عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَقَاطِعُ رَحِمٍ، وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ"[3].
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ "[4].
قال سفيان: يعنى قاطع رحم.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِم "[5].
[1] أخرجه مسلم: ك: البر والصلة والآداب، ب: تحريم الغيبة، ح (2589).
[2] أخرجه البخاري: ك: الوضوء، ب: من الكبائر ألا يستتر من بوله، ح (216)، ومسلم: ك: الوضوء، ب: الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، ح (292).
[3] أخرجه أحمد، ح (19569)، وابن حبان، ح (5346)، والحاكم، ح (7234)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
[4] أخرجه البخاري: ك: الأدب، ب: إثم القاطع، ح (5984)، ومسلم: ك: البر والصلة والآداب، ب: صِلَةِ الرَّحِمِ وَتَحْرِيمِ قَطِيعَتِهَا، ح (2556).
[5] أخرجه أحمد، ح (10272)، وإسناده حسن.