عذاب الولادة والدورة الشهرية - استشارات د.محمد علي يوسف - محمد علي يوسف
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
التساؤل في حد ذاته لو ابتغاء معرفة الحكم واطمئنان القلب ليس ممنوعا؛ المشكلة أن يحمل السؤال اعتراضا أو تسخطا على فعل الله سبحانه وتعالى، وهذا ما أربأ بكم عنه. أما عن السؤال نفسه فجوابه على شقين؛ الشق الأول مرتبط بالحكمة؛ والثاني مرتبط بالعدل.
أما حكمة ما تسألين عنه؛ فداخلة في مجمل حكم الابتلاءات عموما؛ سواء كانت نفسية أو بدنية، يعني حكم الأمراض والحوادث والجروح والأزمات والمشاكل.
نقدر نقول برضه ليه؟ ولماذا لا تخلو الدنيا من كل ذلك؟
الجواب سيكون ببساطة؛ لأنها حينئذ لن تكون دنيا؛ لن تكون دارا مؤقتة لا يركن لها الإنسان، ستكون حينئذ جنة.
قد تردين قائلة وماله؟ ما كانت تبقى جنة وخلاص؟ وفعلا ربنا كان قادر يخليها جنة بدون أي منغصات؛ لكنه أراد شيئا آخرا؛ ويا ريت تقفي شوية مع كلمة "أراد"؛ لقد أرادها الله دار عمل واختبار؛ دار بلاء وامتحان وتمحيص، دار مؤقتة عاجلة؛ دنية؛ يمر بها المرء لأجل غاية أسهل.
لو نظرنا للدنيا هذه النظرة؛ حاجات كتير هتتغير في مفاهيمنا؛ والحقيقة احنا بننظر هذه النظرة بكل أريحية لحاجات بنعملها؛ واحد نفسه يدخل كلية طب أو هندسة مثلا؛ يذاكر ليه؟ ويتعب ليه؟ وينغص عيشته ويمقق عينيه
ما يدخل وخلاص؛ ليه الهم ده؟ حد بيفكر كدة؟؟ الجواب؛ لا.
كله بيرتضي فكرة الامتحان والاختبار ولا يطالب أن تكون اللجنة؛ جنة.
لماذا لا نرتضي المثل مع فكرة الدنيا والآخرة؟
بنات آدم كتب عليهن شيء من العنت في أثناء المحيض والولادة؛ لكن هل هو مجاني؟ الجواب لا؛ تلك الآلام، مكفرات للذنوب والخطايا، وأيضا ذلك المقام الذي تتمتع به الأم في ديننا؛ وهذا الجميل الذي يحمله أبناؤها في أعناقهم مقابل ما تحملته؛ كل هذا وغيرها من التفاصيل الطبية؛ لا أحب أن أطيل فيها النفس ؛ لكن باختصار الأمر ليس مجانيا؛ بل بمقابل وأيضا برُخَص.
إنّها غير مكلفة بالصلاة مثلا بضعة أيام كل شهر؛ وأيضا لها راحة من مشقة الصيام المتواصل في رمضان وتقضيها بعد حين؛ وهكذا.
لكن الأهم في هذا الشق نقطة أساسية؛ مراد الله للدنيا واختياره لكونها دار بلاء وامتحان؛ وهذا المراد لدى المؤمن ينبغي أن يقابل بالتسليم والقبول.
أما الشق الثاني فالعدل؛ يقيننا في عدل الله بين عباده ينبغي أن يكون راسخا؛ أستطيع ببساطة أن أرد حين المقارنة بالرجال وهمومهم والأثقال النفسية والاقتصادية والاجتماعية التي يتحملونها طيلة حياتهم؛ أن ذلك لا يقارن بتلك الآلام المؤقتة التي تقل تدريجيا خصوصا بعد الزواج والإنجاب ثم تختفي تماما فيما يعرف بسن اليأس؛ لكن لو دخلنا في تلك المقارنة التفصيلية قد نتجادل طويلا في أيهما أشد؛ الألم النفسي أم العضوي والفكرة نفسها تظهر ببساطة.
هل نؤمن بعدل الله أم ماذا؟