أرشيف المقالات

الفضائيات الإسلامية سيوف من ورق

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
1

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

فموضوع هذا المقال قديم قدم زيارتي الأولى لمقر قناة فضائية دينية ، ومرارة هذا المقال فى حلقى من يومها لكنى كنت أؤجله طمعاً فى جو خاص أكتبه فيه ، رغبة فى أن يأتى على القدر الذى ينبغى أن يكون عليه من العقلانية والتحليل وكذلك من الإنصاف ، وأيضاً خشية أن تطغى مرارتى من المعاملة الدون التي لقيتها وأنا أدور على هذه القنوات أتسول من يمنحنى فرصة أن أعرض أفكارى ، أقول خشيت أن تطغى هذه المرارة على ما ينبغى أن يتحلى به الكاتب من الإنصاف والموضوعية والتجرد .

ونظراً لحساسية بعض أبناء الصف الإسلامى من النقد - أى نقد - مهما كان صاحبه يحمل من مؤكدات الإنتماء لذات التيار والإيمان بذات الثوابت ، أقول إحتراماً لهذه الحساسيات ولأن مقالاتى الأخيرة التى حاولت فيها من بعيد - بل من بعيد جداً - أن أساهم فى استكشاف بعض أسباب الخلل - بالمناسبة اكتشفت أن هناك الألوف المؤلفة التى لا ترى أصلاً أن هناك خللاً ، ومن صرح منهم بغير ذلك فذلك من باب التجمل والمداراة - أقول إحتراماً لكل هذه الحساسيات ، ولأن فتح ملف الفضائيات الإسلامية بشكل جاد وعميق يمكن أن يكون سكيناً فى يد أعداء المشروع الإسلامي ، لأن هذه القنوات فى النهاية محسوبة على انها قنوات التيار الإسلامى وقنوات دعاته وشيوخه مع أن الحقيقة غير ذلك فعدا قناة الرحمة والحكمة فإن سائر القنوات الأخرى لا علاقة للدعاة بها إلا علاقتهم بالبرنامج الذى يقدمونه

لكل هذا أعرضت عن هذا الملف وابتلعت إهانات ومرارات ومعاملة دونية ومحاولات تصل لدرجة تسول موعد أو مقابلة لعرض فكرة أو أفكار للتطوير بلا فائدة - بالمناسبة ما لم تكن من نجوم الصف الأول فاعلم أنهم سيتعاملون معك على أنك متسول لا هم لك إلا الشهرة ولا رغبة تحركك إلا حب الظهور وغالباً سيجلس معك شخص ليس لديه موهبة إعلامية ولا عنده خلفية شرعية وحين تبدأ فى طرح أفكار تجعل من القناة ( قماشة تانية ) فللأسف سيكون الرد أسوأ من : ( فوت علينا بكرة يا سيد ) -
إلا أنه ولكثرة ما يأتينى من رسائل ونداءات ليكون هناك برامج ذات وزن وحوارات حقيقية ومعالجات مدروسة لمواجهة الحملات البربرية على التيار الإسلامى والتى قامت بها القنوات الفضائية الخاصة ، حتى كانت برامج التوك شو فى هذه القنوات هى السلاح الأقوى فى أيدى الخصوم ، وفى عز هذه الأحداث وجدت الكثيرين يصرخون أين قنواتنا من كل هذا ، لماذا لا يكون فى قنواتنا مثل هذه البرامج ؟

جعلت أعرض عن هؤلاء حتى لا أصدمهم بالحقيقة المرة ، فلما فشى هذا السؤال ، وجدتنى أصرخ فيهم : هذه ليست قنواتنا ، أفيقوا ، هذه قنوات أصحابها أو من يديرونها ، هذه قنوات يظهر فيها دعاتنا وشيوخنا نعم ، لكنها ليست قنواتهم ولا قنواتنا .

هذه القنوات سيوف من ورق لا أقول من خشب لأن السيف الخشب قد يرد عنك صائلاً أو تخيف به عدواً

، حين احتجنا إليها لنبارز بها خصومنا ، لم نجد فى أيدينا سيوفاً حقيقية بل وجدنا سيوفاً من ورق لم تسمن ولم تغن من جوع .

بينما كانت القنوات الأخرى تستضيف وحوشاً من الليبراليين والعلمانيين والمناوئين كل فى تخصصه وكل له دور محدد فى خطة جهنمية مدروسة بعناية ومرتبة ترتيباً فائقاً ، كانت قنواتنا - عفواً أقصد التى يظنها الناس قنواتنا - كانت تعرض إعلانات المراوح والخلاطات والسجاجيد ، بينما كان الباطل فى أبهى حلة وأقوى صورة كان الحق يعرض فى صورة شائهة باهتة . كانت تدور بمنتهى البطء والرتابة ، باهتة مملة كأنها تعيش فى عالم آخر نفس الآداء ونفس الخطاب ، الثورة قامت فى التحرير فأنتجت ثورات فى كل شىء فى مصر ، إلا فى هذه القنوات ، لم يتغير شىء اللهم إلا سباق محموم لإستضافة من كان محجوباً من الدعاة الكرام .

لو أنك كنت مشاهداً عادياً محايداً ليس لديك خلفية عن قضية فكرية آخذة فى التحول إلى قضية ساعة ثم فتحت التلفاز وبدأت تدور بين القنوات لتأخذ نظرة سريعة عما تعرضه القنوات المختلفة فإنك ولا شك فى مأزق كبير لأنك ستستمع إلى رأى واحد فى حلة قشيبة أما الرأى الآخر فمسكين سيفه ورق

يموت المرء من القهر وهو يعتقد أن المعركة الآن هى معركة الصورة والخبر والتقرير المرئى وأن القنوات الفضائية هى التى تدير المعركة وتحرك الثوار وتسقط العروش وهى التى تشكل القناعات وتوجه الرأى العام ، يموت المرء من الكمد حين يرفع الخصوم سيوفهم المرئية ويرتدون دروعهم الفضائية ، فتقوم لتشهر سيفك المرئى فيخذلك وتلقى للناس درعك ليحتموا به من سيوف الباطل فإذا بسيوف الباطل تكاد تصل إلى قلوبهم

تكاد تموت من الغيظ حين تقول لو أن لنا قنواتاً كهذه القنوات لكان لنا مع الباطل شأناً غير الشأن وحالاً غير الحال

يا كل الشرفاء فرض الوقت الآن قناة فضائية تسند إدارتها إلى هيئة شرعية فنية تضمن أن كل ما يعرض فيها مجاز شرعاً وممتاز مهنياً

بقيت ملاحظات :

- كلامى عن القنوات الدينية التى تعنى بالشأن المحلى فى مصر

- فى هذه القنوات شرفاء ولا شك لكن إما أنهم لا قرار بيدهم أو أن مواهبهم لا تسعفهم

- قد يرد البعض بفارق الإمكانيات ، فأقول مع التسليم بذلك فإن قوة هذه البرامج ليست فى ديكوراتها بل فى الموضوعات والمعالجة الضيوف وإدارة الحوار وسخونته بل حتى الديكورات يمكن بقليل من الخبرة تعويض هذا الجانب بحيث لا يبقى كبير فرق ، ثم أهم من كل ذلك أننا صوت الحق .

- حاول الإعلامى خالد عبدالله أن يفعل شيئاً وهو يملك من الخلفية الشرعية والمقومات الفنية ما يجعله ربما الوحيد فى الإعلام المصرى القادر على أن يفعلها ، أقول حاول لكن الكثرة غالباً تغلب الشجاعة ، حاول الرجل أن يسبح ضد التيار لكن البرودة القارصة والأمواج العالية كادت أن تجمد أطرافه وبينما كان يسبح بشجاعة لينقذ ما يمكن إنقاذه وجد نفسه مشغولاً عن غايته الأصلية بمحاولة أن ينجو بنقسه ، خالد عبد الله إكتشف أنه استقل قارباً مختلفاً عنه فى الوجهة فلم يجد الفارس بداً من أن ألقى بنفسه فى الماء ونأى بصدره تجاه أرض الخلاص ظناً منه أن الموت غريباَ أفضل من الحياة فى بلاد تنكره و ينكرها


شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢