أرشيف المقالات

صلة الرجل أهل وُدِّ أبيه
 
فقد أخرج أبو داود عن أبي أُسَيْد مالك بن ربيعة رضي الله عنه قال:كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله، هل بقي علي من بِرِّ أبوي شيء بعد موتهما أبرُّهما به؟ قال: "نعم، خصال أربع: الصَّلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرَّحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما"، وفي رواية: "وصلة الرحم التي لا تُوصل إلا بهما".

فمن أراد أن يصل والديه بعد موتهما فليصِل وُدَّ أبيه وأمه، فقد أخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهماأن رجلًا من الأعراب لقِيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله بن عمر، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه، قال عبد الله بن دينار: فقلنا له: أصلحك الله، إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير، فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان ودًّا لعمر بن الخطاب، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أبر صلة الرجل أهل وُدِّ أبيه[1]، وفي رواية: "إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولى[2]"، وإن أباه كان صديقًا لعمر رضي الله عنه.


وأخرج ابن حبان عن ابن بُرْدَة َرضي الله عنهما قال:قدمت المدينة، فأتاني عبد الله بن عمر، فقال: أتدري لم أتيتك؟ قال: قلت: لا، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن أَحَبَّ أن يَصِلَ أباه في قبرِه، فَلْيَصِلْ إخوانَ أبيه من بعدِه"، وإنه كان بين أبي وبين أبيك إخاء ووُدٌّ، فأحببت أن أصل ذلك"؛ (صحيح الجامع: 5960) (صحيح الترغيب والترهيب: 2506).
 



[1] ود أبيه: بضم الواو وتشديد الدال المهملة: أي صديقه.


[2] بعد أن يولى: أي بعد أن يموت.