أرشيف المقالات

المناصحة والنصيحة

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
المناصحة والنصيحة
 

التعايُش في المجتمَعات يختلف في طبيعته عنِ العزلة؛ فالمجتمع يفرض على الإنسان التكيُّف معه، والعيش على هيئة منظومة واحدة تتكامَل فيما بينها، وبحسب قدرتها على التكيُّف والتعايُش يكون التميز في ذلك المجتمع، وتكون الرَّاحة والاستقرار.
 
وقد وجَّهت الشريعةُ إلى وجود التناصُح ((الدين النصيحة))، وعدَّه السلف منقبةً للناصح وفضلاً، ودعَوا له: "رحِمَ الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي".
 
ومن خلال هذا الأمر تتم معرفة السلبيات المؤثِّرة في المجتمع وعلاجها، ولكن يبقى بعض الضعف يظهر في بعض البشر، في بعض مراحل الحياة، قد يستمر إن لم يتلقَّ العلاج المناسب وينتبه له، وقد يكون سببًا يخسر الداعية من خلالِه الكثيرَ.
 
ومما تعلَّمتُ في باب المناصَحة والنصيحة: أن إخواننا أقسام:
• قسم لا يقبل النصيحة، ويراها مذمَّة.
 
• قسم يطلبها، فإذا وجدها غَضِبَ، وقال: لا تتجاوز حدَّك، وتكلَّمَ عليكَ ووبَّخَكَ.
 
• قسم لا يُحسِنُ إعطاء النصيحة، ويفتقد الحكمة.
 
• قسم يطير بها فرحًا؛ لأنه أيقن أنه بِأخذها يسيرُ إلى الله، ويُصلِح نفسه.
 
من هنا وَجَبَ على أهل التربية أن يهتموا بتربية أنفسهم على قَبول النقد؛ ليكونوا منَ القسم النادر، وهؤلاء في حقيقتهم هم الغُرباء.
 
• وتعلَّمتُ أن مَن يزعم أنه يريد النصيحة، ويغضب من المناصحة، فهو ضعيفٌ تربويًّا في أكثر من ناحية.
 
• على فرض أن الناصح لا يمتلك الأسلوب المناسِب، فإنه ينبغي لنا أن نُحسِن سماع النصيحة؛ لأن هذا العيب الذي سيذكره الأخُ المقابل موجودٌ فينا، فيجب أن نسعى لإصلاحِه، والارتقاء بأنفسِنا.
 
وبنظرةٍ تربويةٍ أبْعد، ونفس إصلاحية، يرى الداعية أن الأخ الذي لا يمتلك الأسلوب مُخطِئٌ، وفيه ناحية ضعيفة تربويًّا.
 
وعلى هذا الأساسِ يجب أن يحملَ همَّ إصلاحه، وهذا لا يكون من خلال الغَضَب؛ بل من خلال صبر واحتمال، يُقرِّبه من نفس الأخ، ويُمكِّنه - بإذن الله - من معالجته.
 
لينتبه الدعاة: لا تكون معالجة الأخطاء من خلال أخطاء أخرى؛ بل ربما كانت ردَّات الفعل الخاطئة أكبر خطأً من الخطأ نفسه، وتُفسِدُ أكثر.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن