نصائح إلى ذوي اليسار والغنى
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
نصائح إلى ذوي اليسار والغنىالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالأمة فيها خيرٌ كثير، ووُجهاء وأرباب أموال وموسرون كُثر، اتَّصفوا بصفات حميدة؛ منها:
الشكر لله سبحانه، والتواضع، والورع، والسخاء، والأدب الجم.
ومن هؤلاء كبار الصحابة؛ كأبي بكر وعثمان، وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم، فهم من خيرة الصحابة، ومن المبشرين بالجنة، ولم تَفتنهم الوجاهةُ ولا المال أبدًا.
وفي العصر الحاضر ابن باز وابن عثيمين، حصَلوا على وجاهة علمية قوية، ولكنهم بقوا بنفس سَمتهم وتواضُعهم وزُهدهم، فأحبَّهم الخاصة والعامة بإجماع نادر المثال، وكذلك يوجد الآن تجارٌ تعرفونهم تميَّزوا بالورَع والخُلق الرفيع.
وهذه التنبيهات ليست لهم، بل لغيرهم ممن اجتهدوا، ولكن حصلت لهم زلاتٌ وافتتانٌ بالدنيا، ونواقصُ منهم أو ممن حولهم، فلهؤلاء أقول:
الزَموا الصادقين المخلصين وأكرِموهم، ولكن احذَروا فقد تجرف بعضَهم فتنةُ الدنيا، وقد يتقرَّب لكم من يُظهرون المودة والنصح، وليس لهم هدف إلا التكسُّب منكم بحقٍّ أو بباطل يُخفونه عنكم، وربما وثِقتم فيهم فأغواهم الطمعُ والشيطان بتزيين الحرام لكم تأوُّلًا أو ليًّا لأعناق النصوص، وربما أكلوا وتساهلوا بالرشوة تحت عبارة: (لا تَنْسَنا يا أخي)! فإذا تلقَّوا ما يُفيد التجاوب زيَّنوا الاتفاقية لكم؛ حتى يظفروا بجزءٍ من الغنيمة، ولذا أذكِّر من يعملون مع الموسرين وأرباب الأموال بالحذر من فتنة تزيين الباطل لهم، ومن التساهل بالمُشتبهات، وبالحرام تأولًا أو ليًّا لأعناق النصوص لتُوافق الهوى.
كما أنصح التجار أيضًا بالآتي:
أولًا: الدنيا فتنة، وفِتَنُها خفيَّة جدًّا وخطرة، ومنها:
أ- ربما يصاب التاجر بكبر خفي يظهر في الآتي:
• عدم قبول النصيحة، أو سوء الظن بالناصح الصادق.
• الغِلظة وجفاء الأسلوب في التعامل وفي مخاطبة الغير، أو احتقار خفي لهم، أو سوء ظنٍّ بهم.
ثانيًا: تذكَّر أن الناس ليسوا سواءً، ففيهم الكذاب الأفَّاك الذي يستحق الصرامة والحزم، وفيهم الصالح الصادق الأمين الذي قد يُخطئ، لكنه يستحق اللطف والتقدير.
ثالثًا: لا تَحملنَّك كثرةُ المتقربين إليك، ووسوسة وتشويش مَن حولك، على إساءة الظن بالجميع، فالأمة لا زال بها خيرٌ كثير، وأنت لم تشقَّ عن قلوب العباد، وتذكَّر قوله سبحانه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (يسِّروا ولا تعسِّروا، بشِّروا ولا تنفِّروا)؛ متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن فرَّج عن مسلم كُربة، فرَّج الله عنه كربةً من كُربات يوم القيامة)؛ متفق عليه.
حفِظكم الله ورزَقكم الشكر، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومَن والاه.