تنبيه المتواصل الغافل إلى حقيقة قرار الصلة على وسائل التواصل
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
تنبيه المتواصل الغافل إلى حقيقة قرار الصلة على وسائل التواصلأُقر وأعترف بانزلاقي مرارًا في دوَّامة النسيان المخيفة، خلال تواصلي على ما نُسميه وسائل التواصل.
♦ التواصل بمفهومه القديم ليس هدفَ وسائل التواصل، خصوصًا في المجموعات، هذه حقيقة صادمة ومؤلمة، نرتاح ونُريح حين نَعيها ونتذكرها، ونُعيد تذكُّرها والتذكير بها!
♦ مجموعات الواتساب ليست مصدرًا للإشباع العاطفي الذي يُثمره التواصل بلقاء الأبدان والمشاهدة والمشافهة؛ لذا ندعو من يبحث مثلي ويريد هذا الصِّنف من الإشباع العاطفي - إلى أن يترك برنامج الواتساب على جوَّاله الذكي، ويستخدم أقلَّ خصائص جوَّاله ذكاءً وتقنيةً وتعقيدًا، ويُخابر صديقه مخابرةً صوتية مباشرة ومتزامنة، ويصارحه: أرغَب في لُقياك لأحصُل على إشباع عاطفي لا يوفِّره إلا مشاهدتُك والتحدث معك، فمتى ألقاك؟!
التواصل على وسائل التواصل لا يُشبه بحال محادثةَ اثنين من البشر في سياق لقاءٍ بالأبدان، ومشاهدة وسماعٍ، ومشاعرَ وأحاسيسَ أُخَر، وتبادل ومشاركة!
التواصل على وسائل التواصل - خصوصًا في المجموعات - لا يعني بالضرورة رغبةَ المرسل رسالةً ما في التواصل بمفهوم الملاقاة بالأبدان والمشاهدة والمشافهة، وتقدير الحاجات العاطفية للمتحدثين.
إرسالُ مرسلٍ رسالةً ما في مجموعةٍ ما، لا يعني بالضرورة أنه قرارٌ ملزم منه لفتح نقاش، وأن المرسل جاهزٌ فكرًا، وخالي البال، ومتجهز للرد والإجابة والشكر والتفاعل في حين الرسالة.
أغلب ما نُرسله من رسائل على ما نسميه مجازًا - مع عظيم الفارق - وسائل التواصل، لا يعدو هذا الوصف الدقيق جدًّا: لا أحد يراك، هيَّا ارمِ رسالتك، أو زنبيل أخبارك، واخرُج بسرعة قبل أن يَفطنوا إلى وجودك، وعُد إلى مشاغل يومك وغدكَ، ولا تشعر بأي حرجٍ أو مسؤولية تجاه الأعضاء الآخرين، فاشتراكُك في المجموعات الواتسابية وغيرها، لا يعني بحال تعهُّدك بخوض تجربة تواصلية بشرية كاملة، وقرار الإجابة أو التعليق من المرسل على المعلقين ينطلق من هذا الأساس، فقرار الرد أو عدمه هو بيدِك، ولا لومَ عليك ولا عتبَ في أي حالٍ!
إن ظنَّ ظانٌّ غير ما سبَق بسطُه وشرحُه، وتوقَّع واهمًا أن يَحظى بتجربة تواصلية بشرية كاملة ومشبعة عاطفيًّا، فهذا ظنُّه الذي لم يتأكَّد منه، وانساق خلفَه، وهذا الظانُّ هو وحدَه مَن يتحمَّل نتائج وآلام خيبة توقُّعاته التي بناها على جُرف هارٍ!
وبطبيعة الحال فهذه الرسالة بذاتها لا تخرُج عن قاعدة: ارمِ وشارِك واهربْ، وما عليك، وعُد إلى حياتك كأن شيئًا لم يحدُث، وما هذه الرسالة إلا دعوة شجاعة للهروب إلى الحقيقة!