أرشيف المقالات

توجيهات للمسافرين

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
توجيهات للمسافرين
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، أما بعد:
فالناس يحبون السفر والاسترخاء فيه، وهذا جائز، ويؤجرون عليه ما دام في حدود الشرع وبنيَّة طيِّبة، ولكي تكتمل متعة السفر للمؤمن فلا بد من ملاحظة الآتي:
♦ أن يكون سفرَ طاعةٍ أو ترفيهٍ مباحٍ.
 
♦ أن ينوي به نيَّة صالحة بالاستجمام المباح، وإدخال السرور على أهل بيته.
 
♦ أن يختار مكانًا مناسبًا ليس فيه شُبهة ولا مخاطر دينية أو أمنية.
 
♦ أن يستخير الله كثيرًا مستحضرًا أهمية الاستخارة وأنها ليست عبثًا، وإنما لطلب الخيرة من الله سبحانه؛ لأنه وحده هو الذي يعلم ما فيه الخير، ولكي تتخذ قرارًا جازمًا وأنت مرتاح البال، وتذكَّر في هذا الشأن قول جابر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا الاستخارة في الأمور كلِّها، كما يعلِّمنا السورة من القرآن، يقول: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمر، فليُصلِّ ركعتين، ثم ليقل: اللهم إني أَستخيرك بعلمك وأَستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم))؛ رواه البخاري.
 
وبناءً على هذا الحديث نصَّ العلماء قديمًا وحديثًا على أن السفر من الأمور المهمة التي تشرع الاستخارة فيها، ولا بد أن يكون أهم شيءٍ يحمِله هو مصحفه، والحرص على ملازمة تلاوته في سفره.
 
وعليه ألا ينسى أسبابًا مهمة لحفْظه في سفره؛ منها الحرص على الصلوات في أوقاتها، إلا إذا جمع الأوقات التي يجوز فيها الجمع، ودعاء الخروج من المنزل، ودعاء الركوب، وعموم الدعاء في السفر، وأذكار الصباح والمساء.
 
ولا ينسى سننَ السفر ومنها مع ما سبق: السفر يوم الخميس، والسفر في الصباح الباكر، والتكبير إذا ارتفع، والتسبيح إذا هبط، والدعاء بأعوذ بكلمات التامات من شر ما خلق؛ صحيح مسلم، وذلك إذا نزل مكانًا سواء أكان برًّا، أو استراحةً، أو فندقًا، لقول حكيمة بنت حزام: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن نزل منزلًا، فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق، لم يضرَّه شيءٌ حتى يرتحل من منزله)؛ رواه مسلم.
 
وعليه أن يتذكَّر دائمًا قوله سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
 
وبهذا تكون حدود الله وطاعته واجتناب معاصيه مقدَّمةً دائمًا في سفره، فلا يتساهل بشيء منها مهما كان، ولذا فلا يتساهل بشيء من المحرَّمات في سفره؛ مثل النظر للمتبرجات، وسماع المحرَّمات، وغيرها، وإن وجد نفسَه غير قادرٍ على المحافظة عليها، أو على شيء منها، فليُعظِّم الله سبحانه، وليُعظِّم حُرماته، وليقطَع سفره فورًا وبلا أي تردُّد.
 
ولا ينسى فورَ عودته تطبيقَ سُنةٍ قلَّ مَن يُطبقها، وهي أداء ركعتين في المسجد شكرًا لله على التيسير والسلامة.
 
من قصص الأسفار التي قد تكون نادرة، لكنها توجب الحيطة والحذر:
أعرِف من سافر بعائلته لإحدى الدول وهو سبَّاح ماهر، وأثناء سباحته أمامهم في البحر جاءت موجه قويَّة أغرَقته أمام أسرته، وذكر لي أحد الأصدقاء أن صديقه رأى هو وأسرته على مقربة منهم منظرًا أخلاقيًّا بشعًا على الشاطئ في إحدى الدول، فرجع فورًا إلى السعودية، وذكر لي قريبي أن صديقه ذهب لدولة أخرى، فرأى اثنين يتشاجران، فتدخَّل فورًا لفضِّ المشاجرة، فانفضَّت وفرِح صاحبنا، ثم اكتشَف أنها كانت خدعة لسرقة محفظته، فقد سرقها المتشاجران وهرَبَا.
 
وأخيرًا عليه ألا ينسى الإكثار من التوبة والاستغفار، وأن يكتُب وصيَّته وما له عند الناس وما لهم عنده، فهو لا يدري هل يعود سالِمًا أم لا؟
 
حفِظكم الله في سفركم وإقامتكم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن