فرحة البسطاء - وسام الشاذلي
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
أدخل إلي محل "الألبان" الشهير، أختار الأصناف التي أريدها سريعاً كعادتي، أذهب إلي الثلاجة؛ فلا أتذكر هل طلب مني الأطفال "رز بلبن" أم "مهلبية"؟ أحسم قراري وأحضر علبة من كل نوع بعدد الأطفال لأتجنب الصراعات، ألاحظ طفلة صغيرة بملابس بسيطة تقف أمام الثلاجة...
أنشغل بمشتريات أخري وأعود لأجدها واقفة كما هي!
ظننتها لاتستطيع فتحها فذهبت لأساعدها، سألتني ببراءة هي العلبة بكام ياعمو؟!
لأول مرة ألاحظ أنني لا أعرف سعرها رغم أنني أشتريها كثيرا!
نظرت للرف ووجدت السعر مكتوباً عليه "اتنين جنيه ونص"، أخبرتها فنظرت في قبضة يدها وسكتت!!
سألتها: هل أحضرها لكِ قالت لا وابتسمت بخجل وشكرتني!
نظرت لقبضة يدها وفهمت الموقف، كانت تقبض علي " نصف جنيه" فقط بأصابعها الصغيرة!
فكرت لثواني وذهبت للبائع الذي يعرفني وشرحت له الموقف وطلبت منه أن يأخذ منها مامعها ويعطيها العلبة بدون أن يحرجها وسأدفع له الفرق، تأثر ورفض تماماً أن يأخذ مني أو منها وأعطاها العلبة، كانت الصغيرة تحتضن العلبة بسعادة ورضا ووجهها مشرق تماماً وهي تغادر المحل!
أنهيت مشترياتي وصورتها لاتفارق خيالي!
مبالغ بسيطة تحقق أحلاما "صغيرة" وتصنع فرحة "كبيرة"! تظن أنهم يحتاجونك؟! صدقني لا، أنت الذي تحتاجهم، فما أعطاك الله ومنع غيرك لأنه يفضلك، ولكنه البلاء والاختبار في رحلة الحياة "القصيرة".
ثم السؤال بين يديه في المشهد الأخير المفزع، اللهم إنني أعترف الآن أنني خائف من الوقوف بين يديك والسؤال عن نعمك التي لاتحصى، ولا أدري فعلا كيف سأرد؟! ولاعزاء لي إلا أنني حاولت ومازلت أحاول ...
ولكنني "وبصدق" خائف...
خائف جداً!
مرةً أخرى....
عن نعمة "العطاء" وفرحة "البسطاء"!