عتبات الأقصى
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
أُطلق العنان وأفتح الأفق لخيالي فينطلق كالطير المحبوس في القفص فيرتقي إلى ما لا يخطر على قلبي يومًا..أنا في حال غير حالي التي عليها! وبجواري اثنين من أبنائي وقد بدت عليهم آثار التعب والإرهاق واغبرت شعورهم ولحاهم الطويلة، ولكن هول الموقف أنسانا ما نحن عليه من تعب..
نصعد بسرعة درجات السلم المائلة إلى الزاوية التسعينية، وفي نهايتها الستة أعمدة المقببة السطح -أرج- تقشعر جلودنا مع اختلاط بين الجلد واللحم! وكأنهما يفوران تتسارع خطانا لنرى ما نصبو إليه من سيصل منا أولاً ونفوسنا كلنا تحدثنا (آه لو نراه مرة واحدة وتنطلق أرواحنا إلى بارئها ولانبالي بعدها شيئًا) نتقدم أمام الجميع فنحن في الصدر الأول من ذلك الجيش المظفر.
ها هي آخر درجة عبد الله عن يميني، وخطواته تسبقني على السلم الحجري، ويساري أخوه الأصغر الذي لم أسمه بعد ولم أتخيل اسمه حتى، ولكنه شاب عشريني نشيط يسبقنا أنا وأخوه الأكبر.
(الأقصى).
يا الله اغرورقت أعيننا بالدموع، وتوقفنا للحظة وكأننا لا نصدق أنفسنا أنه أمامنا! إنه المسجد الأقصى وافرحتاه أنحن هنا بالفعل! بكينا مع التكبير وهززنا أسلحتنا إلى الأعلى باتجاه السماء بعدما قمنا من السجود، واحتضنا بعضنا البعض، كدنا نتراقص لولا خشيتنا الملامة.
أنا وأبنائي أول من وصلنا إلى المسجد من نسل جدي سليمان من وصلوا فلترقد في تربتك فرحًا مسرورًا جدي، ولترفع رأسك أبتاه إلى السماء شاكرًا الله على ذلك أنت وأمي، غدًا نلتقي في قريتنا البسيطة لننعم بالأفراح بعد هذا النصر..
بعدما عشنا أيامًا طويلة في حرب اليهود وتقتيلهم شر تقتيل، حتى أننا سمعنا الأشجار والأحجار تنادي علينا بأسمائنا التي سماها إيانا أباؤنا وأمهاتنا: تعالوا واقتلوا اليهودي خلفي.
يا لها من لحظات عظيمة في حياتنا، فارقة في عمر الدنيا ناهية لاحتلال غاصب، نلت فيها شرفًا عظيمًا أنا وابني الحبيبين، ولعلنا نكتب عند الله في منزلة الشهداء ، ويكون ذلك الفتح سببًا في مغفرة ذنوبي وأهلي أجمعين.
أفيق من تلك اللحظات وأنا في مكتبي الزجاجي! في عملي الغير مفضل وأتمنى لو تحدث في الحقيقة تلك اللحظات الفائقة السعادة .
والحمد لله رب العالمين.
أحمد سليمان