واجب المجتمع نحو حفظة كتاب الله
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
واجب المجتمع نحو حفَظة كتاب اللهالحمد لله على سابغ نعمِه، ونشكره على عميم جُودِه وكرمِه، ونصلي ونسلم على نبيِّنا محمد، المبعوثِ بالحق إلى كافة الخَلْق.
أما بعد:
فإن القرآن العظيم هو كلام رب العالمين، أصدقِ القيل، وأحسَن الحديث، وأبرك الذكْر، وأشرف الكتب، هدًى لِمَن تلاه حق تلاوته، ونورٌ لِمَن اتبعه وتمسَّك به، وتذكرة لمن تدبَّره وعقَله، وله الأثر المبارك على مَن استمسَك به في صلاح سريرته، وجمال سيرته، ونور بصيرته، وانشراح صدره، وتيسير أمره، وقوة حجَّته، وبلاغة عبارته...
إلى غير ذلك من عواقبه الحميدة، وآثاره الحسَنة.
ولهذا أمَر اللهُ تعالى بتلاوته، وحثَّ على تدبُّره، وأوصَى بالتمسُّك به، وأثنى على أهله العالمين به، المتخلِّقين بأخلاقه، المتأدِّبين بآدابه، وجعلهم أئمَّة عباده، وخاصَّته مِن خلْقه؛ لِمَا يحصل بذلك مِن تحقيق العمل، به وتطبيق أحكامه، ونشْر هداياته، والتعبُّد لله تعالى به، والإحسان إلى عباده بهدايتهم إليه.
ولا يكون المرء مباركاً أينما كان حتى يكون عالِمًا بكتاب الله تعالى، عامِلًا به، داعيًا عباده إليه.
وجاءت السُّنَّة الصحيحة بالأمْر بتعلُّمه، وتعليمه، والثناء على المُعْتَنِينَ به، ووعدهم الوعدَ الكريمَ بالأجر العظيم مِن الرب الرحيم؛ لقوله: صلى الله عليه وسلم: ((خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه))، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يَرفع بهذا القرآنِ أقوامًا))، وقوله: ((الماهرُ بالقرآن مع السَّفَرة الكِرام البَرَرة))، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وشهيرة.
وعليه فإن تشجيع المجتمع بكافَّة فئاته لِحفظه كتاب الله تعالى، والمُنتسِبين لِحلَقِ تحفيظِ القرآن، والجهات المشْرفة على ذلك؛ يُعَدُّ مِن جليل القرَب، وجليل العبادات؛ لما يُرجَى أن يتحقق بذلك مِن حفظه وضبطه، وتذكرة الناس به، وصيانته من الغلط والتحريف، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2] وقال سبحانه: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 3]، وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((مَن دَلَّ على خير فله مثلُ أجْر فاعلِه))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) وقوله: ((مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)) فكُن أخي المسلمَ ممَّن يُعين على هذا المسلك الراشد، والنهج القويم، والاتجاه الخيِّر، تحمد العاقبة، وتربح في التجارة في الآخرة، ساهِم في هذه المسيرة الخيِّرة، وأعِن هذه النخبة المباركة برأيك، وجهدك ومالك، وجاهك وقلمك، وابذل ما استطعتَ مِن إمكاناتك قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38]، جعلني الله وإياك مِن أهل القرآن؛ الذين هم أهل الله وخاصَّته، ومن أئمة الناس فيه وحشَرَنا إليه وفدًا مع الذين أنعَم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقًا.
وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وآله وصحبه وسلم.