ارض عن الله عزَّ وجلَّ (2) - لا تحزن - عائض بن عبد الله القرني
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
إن من يرشحُه اللهُ للعبوديّةِ ويصطفيه للخدمةِ ويجتبيه لسدانةِ الملَّةِ، ثم لا يرضى بهذا الترشيحِ والاصطفاءِ والاجتباءِ، لهو حقيقٌ بالسقوطِ الأبدي والهلاك السَّرمديِّ: {آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}، {وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ}.إن الرّضا بوابةُ الديانةِ الكبرى، منها يَلجُ المقرَّبون إلى ربِّهم، الفرحون بهداه، المنقادون لأمرِه، المستسلمون لحكمه.
قَسَّمَ صلى الله عليه وسلم غنائم حُنَيْنٍ، فأعطى كثيراً من رؤساءِ العربِ ومتأخري العرب، وترك الأنصار، ثقةً بما في قلوبِهم من الرضى والإيمانِ واليقين والخيرِ العميمِ، فكأنهم عتبُوا لأن المقصود لم يظهر لهم، فجمعهم صلى الله عليه وسلم وفسَّرَ لهم السرَّ في المسألةِ، وأخبرهم أنه معهم، وأنه يحبُّهم، وأنه ما أعطى أولئك إلا تأليفاً لقلوبهم، لنقْصِ ما عندهم من اليقين .
وأما الأنصارُ فقال لهم: « «أما ترضون أن ينطلق الناس بالشاء والبعير، وتنطلقون برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى رحالِكم؟! الأنصار شعارٌ، والناسُ دِثار، رحم اللهُ الأنصار، وأبناء الأنصارِ، وأبناء أبناءِ الأنصارِ، لو سلك الناسُ شِعْباً ووادياً، وسلك الأنصارُ شعباً ووادياً لسلكتُ وادي الأنصارِ وشِعْبَ الأنصارِ».
فغمرتْهم الفرحةُ.
وملأتْهم المسرَّةُ، ونزلتْ عليهم السكينةُ، وفازوا برضا اللهِ ورضا رسولِهِ صلى الله عليه وسلم.
إن الذين يتطلعون إلى رِضْوانِ اللهِ ويتشوَّقون إلى جنَّةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ، لا يقبلون الدنيا بحذافيرِها بدلاً من هذا الرضوانِ، ولا عوضاً عن هذا النوالِ العظيمِ.