حضور الشيطان عند الموت
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
حضور الشيطان عند الموتقال القرطبي في "التذكرة" ص34: سمعتُ شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي، يقول: "حضرتُ أخا شيخِنا أبي جعفر أحمد بن محمد القرطبي بقرطبة، وقد احتضر، فقيل له: لا إله إلا الله، فكان يقول: لا، لا، فلما أفاق، ذكرنا له ذلك، فقال: أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي، يقول أحدهما: مُتْ يهوديًّا فإنه خير الأديان، والآخر يقول: مت نصرانيًّا فإنه خير الأديان، فكنت أقول لهما: لا لا".
ولكن هذا ليس لازمًا لكل أحد كما يقول ابن تيمية، بل من الناس مَن تُعْرَض عليه الأديان قبل موته، ومنهم مَن لا تُعرَض عليه، وقد وقع ذلك لأقوام، وهذا كله من فتنة المحيا والممات التي أُمِرنا أن نستعيذ منها في صلاتنا؛ (مجموع الفتاوى: 4/255).
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - "أن الشيطان أحرص ما يكون على إغواء الإنسان وقت موته؛ لأنه وقت الحاجة، واستدلَّ بالحديث الذي في الصحيح: ((الأعمال بخواتيمها)).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن العبد ليعملُ بعمل أهل الجنَّة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبقُ عليه الكتاب، فيعملُ بعملِ أهل النار فيدخلُها، وإن العبد ليعملُ بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبقُ عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنَّة فيدخلها)).
ولهذا رُوِيَ: "أن الشيطان أشد ما يكون على ابن آدم حين الموت، يقول لأعوانه: دونكم هذا، فإنه إن فاتكم لن تظفروا به أبدًا"؛ (مجموع الفتاوى: 4/256)، (نقلاً من "القيامة الصغرى" ص 29 - 30).
وهناك مَن يزيغ ويزلُّ في آخر لحظات حياته، وهؤلاء الذين كُتِبَ عليهم الشقاء؛ ولهذا أمرنا رب العالمين أن نستعيذَ من إزاغة القلوب وضلالها من بعد الهداية والتوفيق، ذكر - تعالى - دعاء المؤمنين: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].
تنبيه:
هذا الكلام ليس عليه دليل من الكتاب أو السُّنَّة، ولكن يستأنس به لهذا الأصل، وهو حديث أخرجه الإمام مسلم عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه؛ حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدِكم اللقمة، فليُمِطْ ما كان بها من أذى، ثم ليأكلها، ولا يدعْها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه؛ فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة)).